ذكر المهندس عمران شرف، مدير مشروع «مسبار الأمل»، خلال مؤتمر صحفي: «قد يسألنا الكثير منكم لماذا الفضاء؟» الجواب: «الأمر لا يتعلق بالوصول إلى المريخ» فقط، وأكد أن الهدف الأساسي للبلاد هو إلهام الجيل الجديد وتحفيز الصناعة العلمية والتكنولوجيا، والتي بدورها ستُمكن دولة الإمارات من معالجة القضايا الحرجة مثل الغذاء والمياه والطاقة واقتصاد ما بعد البترول. فبرنامج الفضاء سيستمر، بغض النظر عن النتيجة، لأن الأمر يتعلق أكثر بالتأثير، والنجاح الحقيقي هو تدريب الكوادر الوطنية في مجال العلوم المتقدمة في مؤسسات مرموقة داخل الدولة وخارجها.
ومن هذا المنطلق، يتضح أن أهمية إطلاق «مسبار الأمل» تكمن في إنشاء جيل جديد يدرك منذ نعومة أظافره ضرورة البحث العلمي، والتكنولوجيا المتطورة والمشاريع المستقبلية والابتكارات الجديدة، مما يعزز الفكر العلمي المنطقي للأجيال الشابة، ليس فقط في الإمارات، بل أيضاً في العالمين العربي والإسلامي. ولعل إطلاق برنامج «نوابغ الفضاء العرب»، الذي أعلن عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، عبر حساب سموه على موقع تويتر، أكبر دليل على ما تصبو إليه دولة الإمارات على المستوى المحلي والإقليمي. 
فهذا البرنامج هو الأول من نوعه عربياً لاحتضان ورعاية مجموعة متميزة من النوابغ العرب، وتدريبهم وتأهيلهم في علوم الفضاء وتقنياته، وتجهيزهم بالمهارات اللازمة للعمل في قطاع الصناعات الفضائية للاستثمار في نخبة العقول العربية الشابة والتي ستشكل إضافة نوعية للمجتمع العلمي العالمي، كما ستسهم في دفع مسيرة التنمية العلمية والاقتصادية والبشرية. 
وقد أكد على أهمية ذلك الدكتور عبد العزيز آل الشيخ، المدير التنفيذي لـ«لهيئة السعودية للفضاء»، أن مبادرة «نوابغ الفضاء العرب» هي إثبات على إصرار القيادة في الإمارات لتحفيز مشاركة المواهب من الشباب والشابات في المجالات العلمية، وهذا من شأنه أن يطور المراكز البحثية في الدول الأعضاء في المجموعة العربية للتعاون الفضائي، من خلال دراسة البيانات والمعلومات. 
«مسبار الأمل» والمبادرات الإماراتية تأتي في وقت يعاني فيه العالم العربي من صراعات فكرية وأيديولوجيات دينية متطرفة، يتم توظيفها سياسياً، وتحتاج الحرب الأيديولوجية إلى من يواجهها فكرياً، وهذا ما قامت به الإمارات، الذي يشابه ما قامت به أوروبا في عصر التنوير بغرس فلسفة العقلانية rationalism، وهي النظرة المعرفية التي «تعتبر العقل كمصدر رئيسي للمعرفة». أما سياسياً، فعرفت العقلانية على أنها «سياسة العقل» التي تركز على الاختيار العقلاني البعيد عن أي أيديولوجية دينية، والاعتماد على أساليب التفكير العلمي. 
يلوم الغرب الدول العربية المعتدلة بأن ليس لها مشروع إقليمي واضح بخلاف دعاة الإسلام السياسي، لكن ها هي الإمارات تقدم مشروعاً علمياً يستحث طاقات الشباب وقدراتهم الإبداعية، وقد شهد العالم بإنجاز «مسبار الأمل» التاريخي، أما عن تأثيراته على كافة الاتجاهات، فستكون بعيدة المدى.
*باحثة سعودية في الإعلام السياسي