جاء نشر نتائج دراسة أجراها مجموعة من الباحثين في جامعة أوكسفورد البريطانية، ليرفع من مستوى الآمال في إمكانية تطوير تطعيم ضد فيروس كوفيد-19. نتائج هذه الدراسة، والتي نُشرت يوم الإثنين الماضي على موقع إحدى أهم وأعرق الدوريات الطبية في العالم (The Lancet)، أظهرت أن التطعيم محل التجربة، ليس آمناً فقط، بل فعال أيضاً، حيث تمكّن من توليد رد فعل مناعي لدى أكثر من ألف متطوع، تجسد في تكوين أجسام مضادة ضد الفيروس، وفي زيادة عدد الخلايا المناعية المتخصصة (T Cells). وتحققت هذه النتيجة في 90% من المتطوعين من جرعة واحدة، بينما احتاج 10% فقط لجرعة ثانية.
ويعتمد تطوير هذا التطعيم الفريد على أسلوب مبتكر، تم فيه تعديل المادة الوراثية لفيروس يسبب نزلات البرد الشائع في حيوانات الشمبانزي، بحيث يصبح غير ضار، أو غير قادر على العدوى، وفي نفس الوقت، أضيفت إليه أجزاء من المادة الوراثية لفيروس كوفيد-19، مما جعله شبيهاً بفيروس كورونا، ومكّن جهاز المناعة من توليد أجسام مضادة ستكون فعّالة ضد الفيروس الحقيقي، وزيادة أعداد خلايا المناعة المتخصصة في مهاجمة وقتل الخلايا المصابة التي يستخدمها الفيروس في التوالد والتكاثر.
هذه النتائج تعتبر فائقة الأهمية، وهو ما يتضح من حقيقة أن الحكومة البريطانية اشترت 100 مليون جرعة من التطعيم مقدَّماً، إلا أنه لا زال من المبكر الجزم بقدرة التطعيم على توفير الحماية المرغوبة. فبداية، ليس من الواضح مدى استمرار الاستجابة المناعية تلك، حيث إن الدراسة لم يمض عليها إلا أسابيع قليلة، ولذا من الضروري مراجعة النتائج بعد فترة أطول، وعلى أعداد أكبر من المتطوعين. وبالفعل، سيتم تجنيد 30 ألف متطوع من الولايات المتحدة، وألفين من جنوب أفريقيا، وخمسة آلاف من البرازيل، ثم إعادة الفحوصات لتقييم قوة الاستجابة المناعية بعد أسابيع وشهور. 
النقطة الأخرى الجديرة بالاعتبار، هي ما إذا كانت تلك الاستجابة المناعية ستمكن من تحقيق الوقاية ضد العدوى والإصابة بالفيروس، أو على الأقل تخفيف حدة المرض وتجنب مضاعفاته الخطيرة. والمعروف أن التطعيمات المتوفرة حالياً، والفعالة ضد أمراض أخرى، تتسبب في استجابة مناعية على محورين؛ إنتاج أجسام مضادة، وزيادة عدد الخلايا المناعية، وهو ما تحقق في التطعيم محل الدراسة، مما قد يبشر بفعاليته مستقبلاً.
ويعتبر تطعيم «أوكسفورد» واحداً من ثلاثة تطعيمات فقط وصلت إلى المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، من بين 163 تطعيماً يتم تجريبها حالياً وإجراء الدراسات السريرية عليها. وإن كان هذا لا يعني أن أياً منها سيصبح متوفراً خلال الشهور القادمة، بل ربما - على الأرجح - بداية أو منتصف العام القادم، حسب أكثر التقديرات تفاؤلاً.

*كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية