حقَّقت دولة الإمارات العربية المتحدة إنجازاً تاريخياً وغير مسبوق للأمتين العربية والإسلامية، بإطلاقها «مسبار الأمل» الذي يُعَدُّ إسهاماً إماراتياً في تشكيل وصناعة مستقبل واعد للإنسانية، أمس الاثنين، الموافق 20 يوليو الجاري، ليمثل ذلك الحدث -الذي استقطب اهتماماً عربياً وإقليمياً وعالمياً واسعاً، والذي يثبت أن العرب قادرون على الإسهام بفاعلية في المسيرة المعرفية للحضارة الإنسانية- قفزة كبيرة في مسيرة قطاع الفضاء الإماراتي الذي أُسِّس بصفته قطاعاً طموحاً، واستطاع أن يحقق في غضون سنوات قليلة العديد من المهام والإنجازات المهمَّة، في مقدمتها «مسبار الأمل» الذي تم إنجازه خلال ست سنوات، بعد أن كان مقدَّراً له أن يتم خلال عشر سنوات. 
وعلى الرغم مما يمثله إطلاق «مسبار الأمل»، الذي يمثل بالفعل درَّة تاج المشروعات الفضائية الإماراتية، من حدث تاريخي غير مسبوق، ستكون له العديد من النتائج الإيجابية على الصعيدين المحلي والدولي؛ لأن المعلومات التي سيحصل عليها ستكون متاحة لأكثر من 200 مؤسسة علمية حول العالم، فإن المسبار هو خطوة أولى لتحقيق المزيد من طموحات دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال الفضاء، حيث إن الدولة لديها العديد من المشروعات الأخرى في هذا المجال، وهنا تجدر الإشارة إلى أنه بالتزامن مع استعدادات العالم لانطلاق «مسبار الأمل» في رحلته التاريخية نحو كوكب المريخ، أصدرت «مؤسسة دبي للمستقبل» تقريراً يسلط الضوء على 35 مشروعاً مبتكَراً لتوظيف التكنولوجيات والابتكارات الحديثة في قطاع الفضاء، تم إطلاقها بإشراف المؤسسة ضمن «تحدي محمد بن راشد لاستيطان الفضاء»، الذي أعلنه خلال أعمال الدورة السادسة للقمة العالمية للحكومات 2018. وتحظى هذه المشروعات بأهمية فائقة لتعزيز قطاع البحث العلمي، وتوظيف التكنولوجيا المتطورة، لترسيخ ريادة دولة الإمارات، ودعم توجهاتها ومشروعاتها المستقبلية في مجال استكشاف الفضاء، وتركز تلك المشروعات على تطوير أفكار وابتكارات جديدة لدعم محاور رئيسية عدة، تشمل: الطاقة، وأعمال البناء، والغذاء والمياه، والتشريعات، والصحة، والروبوتات والاتصالات. وقد تم اختيار المشروعات بناءً على عملية تقييم أجراها المشاركون في «تحدي محمد بن راشد لاستيطان الفضاء»، البالغ عددهم 275 خبيراً من أبرز الجامعات والمراكز البحثية في مختلف دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وسويسرا وسنغافورة واليابان وأستراليا وكندا وفرنسا وألمانيا والمغرب ودولة الإمارات العربية المتحدة، وغيرها.
وفي الواقع، فإن هذا التطور، الذي شهده قطاع الفضاء الإماراتي الذي بلغت استثمارات الدولة فيه نحو 22 مليار درهم، وما ينتَظَر أن يشهده من قفزات نوعية خلال السنوات القليلة المقبلة، إنما تحقق بفضل اهتمام قيادتنا الرشيدة بالعلم وطموحاتها الخاصة بتحقيق تراكم معرفي في مجال تكنولوجيا الفضاء، وهو مجال بالغ الأهمية، ويحظى بكل اهتمام من الدول المتقدمة، وهذا الاهتمام ليس حديثاً، بل إنه يعود إلى السنوات الأولى لتأسيس دولة الاتحاد على يد المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي كان لديه حلم غزو الفضاء، وهو الحلم الذي تحقق من خلال «مسبار الأمل». وعلى خلفية هذا الاهتمام، تم تدشين العديد من المراكز العلمية والمؤسسات الأكاديمية التي وفرت كوادر مواطنة مؤهلة تماماً وبالأعداد المطلوبة، وهنا تجدر الإشارة إلى أن «مسبار الأمل» قد شارك في صناعته نحو 200 مهندس ومهندسة إماراتية، وهذه المؤسسات والمراكز تقود بكل اقتدار المشروع الإماراتي للفضاء. 
إن «مسبار الأمل»، الذي يجعل دولة الإمارات واحدة من بين تسع دول فقط تطمح إلى استكشاف الكوكب الأحمر، والذي سيصل إلى هدفه بالتزامن مع احتفالات الدولة باليوبيل الذهبي لتأسيسها، يمثل قفزة نوعية مهمة في تاريخ قطاع الفضاء الإماراتي، وهو مبعث فخر لكل عربي ومسلم، ولكنه مجرد خطوة أولى لطموحات إماراتية عريضة في مجال الفضاء، وكما تحقق طموح «مسبار الأمل»، فإن هذه الطموحات سوف تجد طريقها للتحقق على أرض الواقع، ما يعزز نموذجنا التنموي الذي بات نموذجاً يحتذى به، ليس على الصعيدين العربي والإقليمي فقط، وإنما على الصعيد الدولي أيضاً، بفضل رؤى وتوجيهات القيادة الرشيدة التي لا ترضى بغير المرتبة الأولى بديلاً.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية