قريباً إن شاء الله، ستحلق آمال الإمارات إلى المريخ عبر «مسبار الأمل»، هذا الجهد العلمي والعملي الذي يحمل في ثناياه دروساً كثيرة بحاجة منا إلى التأمل. سيصل هذا المسبار إلى المريخ عام 2021، مع ذكرى مرور خمسين سنة على قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، التي حظيت بقيادة فذة، استطاعت تحويل الصحراء إلى واحة خضراء، ينعم في ظلالها الوارفة بشر من شتى بقاع الأرض. لست متخصصاً في علوم الفضاء كي أحلق بكم في الخبايا العلمية هذا المشروع، لكنني كمتخصص في التربية وعلم النفس، أُبحرُ بكم في وقفات تربوية يحملها معه «مسبار الأمل»:
الاسم له دلالات، كان بالإمكان أن يسمى هذا «المسبار» باسم مؤسس الإمارات، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، وقد كانت من الأسماء المقترحة مسبار العرب، بيد أن القيادة الرشيدة للوطن وُفقت في اختيار الأمل اسماً لهذا الحراك العلمي نحو المريخ، وفي ذلك إشارة نفسية ينبغي أن تسود في عالم العرب، فقد كثرت إحباطات العرب عبر التاريخ المعاصر، حتى بات حلم العربي في الهجرة يراود كل عقل ذكي فقد الأمل في وطنه، لكن الإمارات باتت محطة إيجابية في مسيرة العرب المضطربة، وأصبحت مقصداً للعقول المهاجرة، وجاءت رسالة الإمارات للعربي المحبط بـ(ألا تفقد الأمل)، وتذكر تاريخك الزاخر بالمنجزات العلمية، والتي كان الفلك جزءاً أساسياً فيها. العربي عاش على الأمل في إنجاز الأفضل طوال حياته، وقد ورد في قصيدة النابغة الجعدي قوله:
بلغنا السماء مجدنا وجدودنا.. وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا.
فالعربي لا يعرف اليأس، بل يسعى دائماً لمعالي الأمور ويتجنب سفاسفها، فلا يكتفي بما على الأرض، بل يجاوزها في همته إلى السماء وما فوقها. 
الإشارة الثانية في هذا المعنى، محلها من الإعراب منظومة التعليم العربية، فقد ركزت المدارس والجامعات العربية في عقودها الماضية على الدراسات الإنسانية، التي تخصص بها جل طلابنا، وهذا مطلوب لكن بقدر، وقد آن لنا أن نعيد برمجة عقول الشباب للاتجاه نحو التخصصات العلمية، التي تحتاجها الدول، فجل المشاكل والتحديات اليوم بحاجة لطرح علمي للتعامل معها، واقتصاديات المستقبل مرتبطة بصورة واضحة بالاكتشافات العلمية، التي تم إهمالها في منطقتنا العربية، حتى أصبحنا رهائن لما ينجزه غيرنا، الرسالة ينبغي أن تكون واضحة، أن من آمال العرب المطلوب تحقيقها في المرحلة القادمة، تعديل زاوية التخصصات بما يحقق هذا الطموح.
الإشارة الثالثة أننا كعرب نستطيع أن نحقق المزيد، متى ما اتفقنا على أكبر عدد ممكن من المشاريع الاقتصادية أو العلمية، نعم إنه حلم كل عربي في أن يرى الدول العربية متحدة، لكن ذلك لن يكون في المنظور القريب، بيد أن مد يد التعاون في المشاريع المشتركة، يمثل نقطة انطلاق واعدة لنا نحن العرب، مسبار الأمل دعوة للتعاون فيما نتفق عليه، وهي أمور كثيرة جداً.
*أكاديمي إماراتي