فلتنسَ منطقة البحر الكاريبي، حيث إنه بإمكانك قضاء عطلتك الصيفية الساحلية التالية على شواطئ المحيط المتجمد الشمالي في روسيا. فقد بلغت درجات الحرارة في «نيزهنيايا بيشا»، على بعد 850 ميلاً (1352 كم) شمال شرق موسكو، وعلى بعد 12 ميلاً فقط من ساحل المحيط المتجمد الشمالي، 86 درجة فهرنهايت (24 درجة مئوية) في مطلع يونيو الماضي، وهي كارثة لأي شخص قلق بشأن مستقبل الكوكب. كما ترتفع درجات الحرارة كلما توغلنا في الداخل تجاه الشرق. وأكدت هيئة الأرصاد الجوية الروسية أن درجة الحرارة في بلدة «فيرخويانسك» الصغيرة، الواقعة على بعد 70 ميلاً شمال الدائرة القطبية الشمالية وتضم متحف «لور» للتقاليد المحلية، الذي يعد نقطة الجذب السياحي الوحيدة في المنطقة، 100.4 درجة فهرنهايت في 20 يونيو.
لكن الأكثر إثارة للقلق ليس درجات الحرارة، بل حقيقة أن هذه لم تكن حادثة منفردة. فقد ارتفعت درجات الحرارة في المتوسط في غرب سيبيريا بنحو 10 درجات عن المعتاد، وفقاً للمركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى.
وتجتاح الحرائق التي لا تمكن السيطرة عليها عدداً من غابات روسيا، وقد استمرت لشهور. ومؤخراً، ذكرت وزارة الموارد الطبيعية الروسية أنه يتم بذل الجهود لإطفاء 272 من حرائق الغابات في مناطق تعد محميات طبيعية.
وتضرب درجات الحرارة المتصاعدة في القطب الشمالي لب الاقتصاد الروسي، الذي يعتمد إلى حد كبير على استخراج النفط والغاز. ويؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى إذابة الأرض دائمة التجمد، وإضعاف قدرتها على دعم الهياكل المشيدة عليها. كما تهدد التغييرات «الاستقرار الهيكلي والقدرات الوظيفية» للبنية التحتية لصناعة النفط، وفقاً لتقرير الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ بشأن المحيطات والغلاف الجوي. وكتبت زميلتي «كلارا فيريرا ماركيز»: يبدو أن تسرب الوقود المدمر في القطب الشمالي، في 29 مايو الماضي، قد حدث نتيجة ذوبان الأرض دائمة التجمد. فقد تسرب أكثر من 20.000 طن من وقود الديزل من خزان للتخزين مملوك لشركة «نوريسلك نيكل»، مما أدى إلى تلوث الأنهار والبحيرات التي تصب في بحر كارا في المحيط المتجمد الشمالي. وألقت الشركة باللوم على «الهبوط المفاجئ في الدعامات التي ظلت تعمل لمدة 30 عاماً دون مشاكل»، الأمر الذي أدى إلى تسرب الوقود من الخزان.
وأمر مكتب المدعي العام الروسي بإجراء فحوصات شاملة للمنشآت التي تشكل خطورة بشكل خاص على الأراضي المعرضة لذوبان الجليد الدائم. وبالنسبة لقطاع النفط والغاز، من المحتمل أن يشمل هذا خطوط الأنابيب ومحطات المعالجة، بالإضافة إلى الخزانات. ستكون مهمة ضخمة. ووفقاً لتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإن 45% من حقول إنتاج النفط والغاز الطبيعي في القطب الشمالي الروسي تقع في أعلى منطقة الخطر.
وفي حين أن العديد من أحدث حقول النفط والغاز في البلاد تقع في أقصى الشمال، في المناطق دائمة التجمد، فإن العديد من الحقول القديمة، التي تشكّل حجر الأساس للصناعة، تقع في المنطقة غير دائمة التجمد. وتخترق هذه المنطقة أيضاً خطوط الأنابيب الرئيسية التي تنقل المواد الهيدروكربونية إلى العملاء ومحطات التصدير.
وتعكس الموجة الحارة التي حدثت حتى الآن في سيبريا، التغيرات في درجات الحرارة التي لم يكن متوقعاً حدوثها بشكل عام حتى نهاية القرن. إن التغيرات السريعة التي تحدث في مناخ المناطق الشمالية في العالم، تعني أنه حتى البنية التحتية المبنية في المناطق دائمة التجمد قد تكون معرضةً للخطر قريباً أيضاً. وأن تدابير التخفيف التي تعتبر مناسبةً الآن يمكن اعتبارها قريباً غير كافية.
وما يسري على شمال القطب الشمالي من روسيا، ربما يسري أيضاً على القطب الشمالي في شمال الأميركيتين، حيث تقع تحت معظم ألاسكا، وهي أرض دائمة التجمد.
ويخطط مكتب إدارة الأراضي الأميركي لفتح منطقة بمساحة إنديانا من الاحتياطي الوطني للبترول في ألاسكا، لإحداث تطوير جديد في صناعة النفط والغاز. ومن المفترض أن يكون القيام بهذا نعمة بالنسبة لاستقلال النفط الأميركي وميزانية ألاسكا، القادرة على توصيل 500.000 برميل من النفط يومياً.
وقد يكون أيضاً نقمة، حيث يحذّر مكتب إدارة الأراضي في بيانه حول التأثير البيئي، من أن التطوير الجديد يمكن أن يكون مسؤولاً عن انبعاثات غازات الدفيئة.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»