يضاف مكتب «فخر الوطن»، إلى قائمة طويلة من المؤسسات والمبادرات التي ترسِّخ قيمة احترام مَنْ يعملون بجدٍّ وإخلاص في دولة الإمارات العربية المتحدة. فقد أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، يوم الأربعاء الماضي، مرسوماً اتحادياً بإنشاء مكتب «فخر الوطن» ‏برئاسة ‏صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، ليحقق هدفاً نبيلاً، ألا وهو تقدير جهود المشاركين في الخطوط الأمامية في أوقات الطوارئ والأزمات.
وتؤكد رئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للمكتب ما يحظى به من أهمية لدى القيادة الرشيدة، والحرص على إنجاز المهام التأسيسية التي وردت في المرسوم بسرعة، ومن بينها «تحديد المقصود بالمشاركين في الخطوط الأمامية، وبيان فئاتهم ومعايير وطرق اختيارهم، وإعداد وتنفيذ الاستراتيجيات والبرامج والخطط والمبادرات الهادفة إلى دعم المشاركين في الخطوط الأمامية». ويضاف إلى ما سبق أن رئاسة سموه للمكتب ستعجِّل بالجهود المشتركة؛ إذ يتطلب العمل تعاوناً بين الجهات الاتحادية والمحلية، وتنسيقاً وتبادلاً مستمرّين للبيانات والمعلومات. 
إن أهمية مواجهة الطوارئ والأزمات والكوارث لم تغِب عن دولة الإمارات وقيادتها الرشيدة يوماً، وهناك بنية مؤسسية راسخة بهذا الخصوص، من بين أركانها الرئيسية «الهيئة الوطنية لإدارة الأزمات والطوارئ والكوارث» التي شهدت تطوراً هيكلياً ملحوظاً منذ تأسيسها عام 2007، إلى جانب الفاعلية والكفاءة والاستجابة السريعة التي تتسم بها الدولة تجاه الأزمات بشكل عام. وإنشاء مكتب «فخر الوطن» إنما يمثل إضافة جديدة تعزز هذه البنية المؤسسية وتزيد من قدراتها، في ظل تعاظم قيمة إدارة الأزمات المتوقع بعد أزمة كورونا، وما غيَّرته من تصوّرات.
ويحمل إنشاء المكتب رسالة بأنه في خضمّ الأزمة تصنع دولة الإمارات الأمل، وتستخرج من المحنة فرصاً لترسيخ قيم تحتاج إليها الإنسانية. وإذا كانت الأزمة - مهما طالت - عابرة وزائلة، فإن القيمة باقية. وسوف ينحسر الظل الكئيب لكورونا حتماً، كما عبّر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في جملته الملهمة «هذا الوقت سيمرّ»، وستبقى قيمة تكريم المخلصين الذين تُظهر الشدائد معادنهم، وتكشف عن استبسالهم وتفانيهم في أداء واجبهم. وسيمتد دور المكتب إلى ما بعد كورونا، وسيكون من بين الأدوات التي تستعدّ بها الدولة للتغلب على الأزمات المستقبلية.
إن الأزمات وحالات الطوارئ ذات طابع استثنائي، ولذا فهي تحتاج إلى أشخاص استثنائيين لمجابهتها. ولا شك في أن كفاءة الحكومة والأجهزة بشكل عام، تزيد من القدرة على مواجهة الأزمات، لكن الأشخاص الاستثنائيين الذين لا يتوقفون عند أداء «ما هو مطلوب منهم» بكفاءة، بل يتجاوزون ذلك بكثير، يبقون من بين عناصر الانتصار الساحق والمكتمل. ومثل هذا الأداء الاستثنائي يحتاج إلى «روح المقاتل» المستعدّ للتضحية بكل شيء من أجل تحقيق هدفه، وأياً كان الخطر الذي يحيق به. ولذا، ليس غريباً أن يكون تعبير «الخطوط الأمامية» الوارد في المرسوم مُستمدّاً من المجال نفسه الذي استُمدّ منه تعبير «الروح القتالية»، حيث تصبح الحياة ذاتها رخيصة أمام أداء الواجب بشرف.
أصحاب الروح القتالية هؤلاء، هم من سيكرمهم مكتب «فخر الوطن» الذي سيتولى وفقاً للمرسوم «منح المكافآت والهدايا وشهادات التقدير والميداليات الفخرية وترشيح أي من المشاركين في الخطوط الأمامية للحصول على الأوسمة والميداليات». وسيكون ذلك حافزاً للكثيرين ليستخرجوا من أنفسهم القدرات الاستثنائية وتسجيل أسمائهم في قائمة الشرف، لتتحقق بذلك معادلة «الجميع يربحون» التي تُبدع دولة الإمارات في تطبيقها؛ إذ يكسب الفرد التقدير والمكافأة على المستويين المادي والمعنوي، وتكسب الدولة مزيداً من القوة والقدرة على مواجهة الأزمات، فضلاً عن تعميق الانتماء إليها والولاء لقيادتها الرشيدة.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.