تعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة من أهم دول العالم على صعيد تقديم المساعدات الإنسانية، وفقاً لما تؤكده التقارير الدولية ذات الصلة، وهذا أمر ليس بجديد، وإنما نشأ مع نشأة الدولة عام 1971، حيث كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حريصاً على أن تكون الإمارات صاحبة المبادرة دائماً في مساعدة الدول الأخرى التي تحتاج إلى مثل هذه المساعدات، وقد تم تأسيس العديد من المؤسسات الهادفة إلى تقديم الدعم التنموي والخيري للدول والشعوب المحتاجة، وما يميز تلك المساعدات أنها غير مشروطة، حيث يتم تقديمها للمحتاجين دون النظر إلى أي اعتبارات أخرى مثل الدين أو العرق أو المذهب، وتنشط هذه المؤسسات وتمارس أنشطتها على امتداد الكرة الأرضية بأكملها. 
وقد جاءت جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) لتبرز دور دولة الإمارات الفاعل في تقديم المساعدات الدولية لمساندة الدول الأخرى في مواجهة هذه الجائحة الخطيرة التي غزت العالم على حين غرة، وشكّلت أبرز تحدٍّ تواجهه الإنسانية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية (1939-1945). وتؤكد الإحصائيات الموثوق بها أن دولة الإمارات قدمت مساعدات طبية تزيد عن 1000 طن، استفاد منها نحو مليون من الكوادر الطبية في 66 دولة حول العالم، وهو ما يكشف مدى مساهمة الدولة في تخفيف تداعيات الجائحة في الدول التي تأثرت بها. 
ويحظى هذا الدور الفاعل الذي قامت به دولة الإمارات العربية المتحدة لمحاصرة كورونا على الصعيد العالمي بتقدير كبير من قبل الدول الأخرى والمنظمات الدولية المعنية، وفي هذا الصدد، أكد الدكتور أحمد المنظري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط أن دولة الإمارات قامت بدور كبير ومؤثر خلال الأزمة العالمية لجائحة (كوفيد-19) ليس في إقليم شرق المتوسط فحسب، بل على مستوى العالم. وقال خلال مؤتمر صحفي افتراضي عقد مؤخراً لمناقشة مستجدات الجائحة في إقليم شرق المتوسط، إن ما قامت به دولة الإمارات من مساندة للدول الأكثر تأثراً بالجائحة ساعد ومكّن منظمة الصحة العالمية، وكذلك المنظمات الأممية الأخرى، كل في تخصصه، من إيصال ما يمكن إيصاله إلى هذه المجتمعات من مستلزمات طبية وتشخيصية ومختبرية وأدوية ومستلزمات الحماية الوقائية للكوادر الطبية والتمريضية إلى جانب وسائل الحماية والتعقيم الأخرى. وأضاف المنظري أن دولة الإمارات سهّلت مهام منظمة الصحة العالمية في الوصول إلى بعض الدول المتأثرة بالجائحة في الإقليم من خلال توفير طائرات خاصة لتوصيل المساعدات المختلفة، وكذلك المركز اللوجستي الموجود في دبي «المدينة العالمية للخدمات الإنسانية» الذي يعد من أكبر المراكز الإنسانية في العالم، حيث تمكنت المنظمة من خلاله من إيصال تلك المساعدات إلى مختلف دول العالم. 
وفي الواقع، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة تدرك الأهمية الكبيرة للتعاون الدولي المشترك للتصدي للتأثيرات السلبية التي تمخضت عنها جائحة (كوفيد-19)، وقد كانت توجيهات قيادتنا الرشيدة منذ بداية هذه الأزمة واضحة ببذل كل جهد ممكن لتعزيز هذا التعاون حتى يمكن مواجهة هذه التأثيرات التي تمخضت عنها الظروف الاستثنائية التي أفرزتها الجائحة، لكي يتعافى العالم في أسرع وقت ممكن، ويتجاوز هذه التأثيرات التي ألقت بظلال كثيفة على مختلف الاقتصادات الوطنية لكل دول العالم. 
لقد دأبت دولة الإمارات العربية المتحدة على تقديم كل صور المساعدة للدول والشعوب الأخرى المحتاجة إلى هذه المساعدة، وتبذل الدولة جهوداً متواصلة لتعزيز التعاون الدولي المشترك لمواجهة التحديات التي تهدد وجودنا جميعاً على كوكب الأرض، انطلاقاً من الطابع الإنساني الذي يميز سياستنا الخارجية، وانطلاقاً أيضاً من حقيقة أن العالم قد صار قرية صغيرة، لا بد أن تتعاون كل دوله من أجل تأمين حياة أفضل للبشرية التي بات مصيرها واحداً بالفعل.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.