هل يمكن تكرار السيناريو السوري في ليبيا؟ هل هناك أوجه شبه قريبة من الوضع السوري، حتى يصل الأمر إلى تصريح لوزير الخارجية الفرنسي، مفاده: «إن الوضع في ليبيا مزعج للغاية»، و«أن سيناريو سوريا يتكرر في هذا البلد، هذه الأزمة تزداد تعقيداً. نواجه موقفاً تتحول فيه ليبيا إلى سوريا أخرى»، هذا الاستنتاج لم يأت من طرف غريب، بل من دولة مدركة تماماً لتفاصيل الأزمة الليبية منذ البداية.
سوريا بعد عقد من الحرب الأهلية، تخطت مرحلة «البلقنة» و«الأفغنة» و«الصوملة» و«العرقنة» بمراحل مقارنة، بما يدور في الساحة الليبية المفتوحة على كل الاحتمالات والسيناريوهات، من المفارقات في الوضع الليبي أن أبناء سوريا يقاتلون فيها ضد ليبيين عرب، هذا ما يؤكده المسماري، حين قال بأن «أردوغان يجند أبناء العرب لقتل العرب»، لكن بعض السوريين يقاتلون في ليبيا بسبب الترهيب التركي، مشيراً إلى أن التدخل التركي خطير، ويجب أن يوضع أمام العرب ليتم وقفه.
وقد وجدت تركيا ذريعة لنفسها في الاستمرار في جلب المزيد من المرتزقة، وضمن هذا الإطار أفاد تقرير لموقع «Investigative Journal»، أن تركيا تخدع «المرتزقة» السوريين الذين تنقلهم إلى ليبيا أنهم سيقاتلون جنوداً روساً، من أجل الرفع من معنوياتهم، وإخفاء حقيقة الحرب الأهلية الدائرة في البلاد.
وقال أحد عناصر الميليشيات السورية الموالية لتركيا: «إن القوات التركية تلجأ إلى الأكاذيب لإبقاء السوريين الذين يقاتلون في ليبيا راضين ومتحمسين، وبالطبع لا يوجد جنود روس هناك، الأتراك يقولون لهم إن هناك قوات روسية في ليبيا، وأن الجيش التركي سيقاتل معهم، لجعلهم يعتقدون أنهم يقاتلون العدو نفسه الذي يدمر مدنهم في سوريا».
ومن المهم معرفة موقف قوى دولية كبرى تجاه الأزمة الليبية، وضمن هذا الإطار، سعت بريطانيا منذ أشهر للمساهمة في وقف حرب «المرتزقة» في ليبيا، عبر تقديمها للشركاء في مجلس الأمن الدولي، مشروع قرار معدّلاً بشأن ليبيا، يُطالب بسحب المرتزقة من هذا البلد، ويُعرب مشروع القرار «عن قلق (المجلس) من الانخراط المتزايد للمرتزقة في ليبيا».
ولمعرفة الموقف الأميركي من الأزمة، نقلت «رويترز» عن مسؤول كبير بالخارجية الأميركية: الولايات المتحدة تلتقي مع جميع الأطراف الفاعلة في النزاع الليبي في إطار مساعيها لإيجاد حل للأزمة، وأن واشنطن ما زالت تعترف بحكومة «الوفاق» في ليبيا، لكنها لا تنحاز لأي طرف في الصراع، وأن مذكرة التفاهم الموقعة بين أردوغان والسراج غير مفيدة وتثير قلق واشنطن.
وأكد وزير الخارجية الأميركي على الحاجة إلى وقف دائم لإطلاق النار في ليبيا، والعودة إلى العملية السياسية التي تشرف عليها الأمم المتحدة، وشدد على ضرورة إنهاء جميع التدخلات الخارجية في ليبيا، والمتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، واصلت تأكيدها على دعم المسار الذي تقوده الأمم المتحدة في ليبيا، وأن التصعيد في طرابلس لا يخدم الحل السياسي، وأي تدخل عسكري لا يخدم هذا المسار.
ما أخشاه هو تحويل الساحة الليبية، من خلال التدخل العسكري التركي المباشر إلى بقعة للفوضى وساحة جاذية لكل التنظيمات المتطرفة، وهذا ما يجعل ليبيا مصدر خطر، ليس فقط على شمال أفريقيا وجوارها الأورومتوسطي، بل على العالم كله.