تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمكافحة الاتجار بالبشر وحماية الضحايا ودعمهم والتخفيف من معاناتهم، وخاصة أن هذا النوع من الجرائم ينظر إليها بوصفها جريمة منظمة وعابرة للحدود، حيث بدأت في عام 2006 حملتها الرسمية لمحاربة الاتجار بالبشر بعد إصدار القانون الاتحادي رقم (51) لسنة 2006، المُعدل بالقانون الاتحادي رقم (1) لسنة 2015 في شأن مكافحة الاتجار بالبشر، حيث كانت أول دولة في المنطقة تسنّ قانوناً شاملاً لمكافحة هذه الجريمة. كما أُنشِئت اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر بقرار من مجلس الوزراء رقم (15) لسنة 2007، بغرض العمل على تطوير الأطر اللازمة لتطبيق قانون مكافحة الاتجار بالبشر، والتنسيق بين الجهات المعنية بالتصدي لهذه الجريمة.
التقرير السنوي لمكافحة الاتجار بالبشر، الذي أُطلِق في مايو الماضي، راعى ما يمرّ به العالم في هذه المرحلة الحرجة من انتشار لوباء كورونا المستجد، حيث أكد معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر، مؤخراً أن دولة الإمارات ملتزمة بتعزيز وحماية ضحايا هذه الجريمة، وذلك من خلال سياسات وإجراءات مرنة ومحدّثة، وجهود دؤوبة تسعى إلى توفير أشكال الدعم والمساندة للضحايا خلال جائحة كورونا، قائلاً معاليه: «لقد تعاملت اللجنة مع مخاطر هذا الفيروس على الصحة العامة منذ بداية الأزمة بأعلى المستويات من الجدية والشفافية، وشملت البرامج والإجراءات التي اتخذتها لحماية الضحايا المجالات كافة والجنسيات كافة من دون تمييز أو استثناء، كما سعت ضمن أولوياتها إلى وضع كل ما يمنع جريمة الاتجار بالبشر، وفي الوقت ذاته حماية الضحايا ورعايتهم في جميع الظروف».
ومنذ أن تم النظر إلى فيروس كورونا المستجد كجائحة عالمية، كثفت دولة الإمارات من جهودها في حماية الفئات الأكثر عرضةً لمخاطر الاتجار بالبشر على أراضيها، وتقديم مساعدات مالية وصحية ونفسية وقانونية، وبرامج تدريبية وتوعوية وترفيهية لهم، فمثلاً طبقت مراكز ومؤسسات رعاية، وإيواء الضحايا الإجراءات الاحترازية الواجب اتخاذها كافة، ووفرت الفحوصات والخدمات الطبية وممرضات ومشرفات في هذه المؤسسات على مدار الساعة. كما نظمت مجموعة من البرامج التدريبية لموظفيها، تمكنهم من تقديم أعلى مستويات الخدمة وفق قواعد الالتزام بكل الإرشادات الوقائية، إضافة إلى تقديم برامج توعوية للضحايا تزيد من معرفتهم بإجراءات الوقاية من الإصابة بالفيروس، فضلاً عن تخصيص أماكن محددة للحجر الصحي للحالات الجديدة، أو للحالات التي تَظهر عليها أي عرض من أعراض الإصابة بالفيروس.
إن سعي دولة الإمارات إلى مكافحة جرائم الاتجار بالبشر ودعم ضحاياها ورعايتهم، حفّزها على تأهيل نخبة من الكوادر المدرّبة والمتمكنة من فضلى المهارات والخبرات والممارسات اللازمة للتعامل مع قضايا الاتجار بالبشر وضمان حماية الضحايا، إضافة إلى التركيز على الكشف عن هذه الجرائم التي مكّنت جهات إنفاذ القانون في الدولة من الكشف عن 23 قضية اتجار بالبشر خلال عام 2019 والتصدي لها بإحالة 67 متهماً للقضاء وتقديم المساعدة لـ41 ضحية، مسجلةً بذلك انخفاضاً عن عام 2018، الذي بلغ خلاله عدد قضايا الاتجار بالبشر 30 قضية، وهو ما جاء نتيجة حصيلة واسعة من السياسات والممارسات والشراكات، التي تم العمل معها على مدار سنوات عدّة، مكنت من مكافحة الاتجار بالبشر بحزم وفاعلية. لقد كافحت دولة الإمارات جرائم الاتجار بالبشر عبر ركائز أساسية تشمل الأطر القانونية والوقاية والمنع، والملاحقة القضائية والعقاب وحماية الضحايا وتعزيز التعاون الدولي، فهي تعدّ طرفاً رئيسياً في الحملة العالمية لمكافحة الاتجار بالبشر، إضافة إلى أنها وقّعت اتفاقيات مع بلدان عدّة، لتبادل أفضل الممارسات بشأن منع الاتجار بالبشر، وتعزيز المساعدة للضحايا.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية