كم نفخر، نحن أهل الإمارات، ونحن نسمع الإطراء ممن يقيم بين ظهرانينا، لأنهم أصدق في الخبر ممن يسمعون عنا وهم خارج الوطن، فهؤلاء نعذرهم لجهلهم بنا، لكنهم لو كان لهم نصيب من الحياة في دولة الإمارات، لرأوا عين اليقين أنها تمثل أفضل تجربة عربية نعايشها في وقتنا الراهن. لماذا تميزت الإمارات؟ سؤال لا بد من طرحه، كي يستفيد من هذه التجربة القريب، قبل البعيد.
أول سمة للإمارات هي حب القيادة للوطن. ومع كل أزمة تمر بالعالم قاطبة، أو الدول العربية خاصة، أتذكر كلمات خطها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في كتابه «رؤيتي» عندما لخص أزمة العرب بكل صراحة في كلمات هي: «أزمة قيادة، أزمة إدارة، وأزمة أنانية مستحكمة»، وتلك الأزمات مصدرها «إعلاء حب كراسي الحكم على حب الشعب»، وكأنه استقى هذه الكلمات من معين المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فقد سمعت من أحد رجالات الدولة ممن عاصره يقول: سُئل الشيخ زايد عن سر تميز الدول فقال: «حب الحاكم لوطنه»، وقد بادل أهل الإمارات قيادتهم تلك المحبة بولاء قل نظيره.
السر الثاني يتلخص في الإيجابية العملية، وأقصد بها إيجابية المنطوق وصدق الناطق، فكلنا مع بداية أزمة كورونا العالمية، نتذكر كلمات صارت مثلاً في الإيجابية، «لا تشلون هم» قالها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. لم تكن هذه شعارات جوفاء، كما هي عادة بعض العرب، لكنها واقع، فأردف كلمته بإجراءات جعلت الدواء والغذاء خطاً أحمر، فلم يجد المقيم في الإمارات أو المواطن أزمة، شهدتها الدول الأخرى، في تأمين نفسه والمحافظة على صحته.
السر الثالث شعاره الإنجاز، فحب الوطن كثر من يدعيه، بيد أن الحب له علامات يصدقها الواقع لا النظرية، وهذا هو سر القيادة في دولة الإمارات لمن أراد أن يتعلم فنون القيادة. التقارير الدولية تضع الإمارات دائماً في الصدارة عند المقارنة بغيرنا، لا نقول ذلك سمعة ورياء، بل إقرار بواقع سارت به الركبان. لا أستطيع حصر الإنجازات في كلمات، لكن جلها يتمحور حول الحاجات الأساسية للإنسان، كي يشعر بالسعادة في الأوطان، فهنا الأمن والأمان، وهنا السكن المناسب لكل إنسان، وهنا الخدمات الصحية الراقية بالمجان، وهنا البنية التحتية التي يزينها العمران، وهنا التعليم العالمي الذي تم ربطه بوظائف المستقبل. إنها أرض الفرص السانحة والاستثمارات الرائدة.
وآخر درس في القيادة يتلخص في الجودة، فليس هنا مكان للمتأخرين أو المتخاذلين. من لا يعرف قادة الإمارات، يعتقد أنهم لا يرحبون بالنقد، ولا يبحثون عن فرص التحسين، والأمر عكس ذلك، ونحن على ذلك من الشاهدين. وأختم هذا المقال، كما بدأته، مقتبساً من كتاب «رؤيتي» بما يؤيد وجهة نظري، إنها دعوة واضحة من قيادة وطني للنقد البناء والنصح في محله. فقد قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد مقولته: «من يقدر قائده ويحترمه ويجله ويرغب بفضله وتقديره، فليصارحه وليذكره». وطن قيادته استثنائية، حققت المستحيل وترنو لمستقبل جليل.
*أكاديمي إماراتي