القمة العالمية للحكومات التي اعتادت دولة الإمارات العربية المتحدة تنظيمها لاستشراف المستقبل ورصد التحديات ورسم السياسات الخاصة بالتطور والتقدم عالمياً، يأتي تنظيمها هذا العام في وقت مختلف وعصيب تمرّ به دول العالم كافة، وهو أزمة جائحة كورونا التي غيّرت ملامح الماضي ووضعت الجميع أمام فرصة لمراجعة الذات وتحديد الأولويات التي تتطلب تحسين النظم الصحية بوصفها أولوية ملحّة لمرحلة ما بعد «كوفيد -19».
ويُنظر إلى منتدى الصحة الرقمي الذي تعقده القمة العالمية للحكومات، اليوم الاثنين، ضمن مبادرة «الحكومات وكوفيد -19» عن بعد، ويشارك فيه مدير عام منظمة الصحة العالمية ووزراء ومسؤولون من دولة الإمارات والعالم، لاستعراض الجهود العالمية ودور القطاع الصحي في مواجهة التحديات الناجمة عن تفشي فيروس كورونا المستجد، على أنه من أهم المنتديات التي تجسد دور القمة مركزاً عالمياً لابتكار وتطوير الحلول للتحديات المستقبلية الأكثر ارتباطاً بحياة الناس، بما يتواءم مع توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بتحويل القمة إلى مؤسسة تواصل عملها في تطوير الفكر الحكومي المستقبلي، ودعم الحكومات لمواجهة المتغيرات المتسارعة التي تمر بها البشرية في كل أنحاء العالم، وخاصة مستقبل القطاع الصحي في مرحلة ما بعد الجائحة.
المنتدى الذي يتحدث فيه الدكتور تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، مدير عام منظمة الصحة العالمية، ومعالي عبدالرحمن بن محمد العويس وزير الصحة ووقاية المجتمع، وعدد من وزراء الصحة والمسؤولين والخبراء من كل مكان من العالم، بات ضرورة ملحّة للبحث في أبرز الممارسات الناجحة في تطوير الأنظمة الصحية وتعزيز مرونتها وقدرتها وجاهزيتها في مواجهة التحديات، وسبل تعزيز التعاون العالمي في مجال تسريع الدراسات والأبحاث الطبية والعلمية، وتطوير آلية فعالة لتبادل الخبرات والآليات اللازمة لتثقيف الناس والمجتمعات لمواجهة التحديات الصحية، سعياً إلى وضع رؤية استشرافية تسهّل على الحكومات تعزيز جاهزيتها ومرونتها وقدرتها على مواجهة التغيرات، والوصول إلى كل ما من شأنه حماية الأفراد والمجتمعات من خلال تقديم فضلى الخدمات الصحية وأكثرها حداثة وتطوراً وريادة، من أجل مواجهة الوباء.
لقد ركّزت مؤسسة القمة العالمية منذ أيام، وبالشراكة مع الهيئات والمنظمات والمؤسسات الدولية، وخبراء وصناع القرار، ومن خلال سلسلة جلسات «الحكومات وكوفيد -19» التي تعقدها عن بُعد حتى 26 يونيو الجاري، على توحيد الرؤى حول مستقبل القطاعات الحيوية، وتطوير الأدوات والحلول الاستباقية، بما يعزز جاهزية الحكومات وقدرتها على ابتكار أفضل الأدوات لصناعة مستقبل 7 قطاعات رئيسية، هي: التعليم والصحة والاقتصاد والأمن والبنية التحتية والحوكمة والقيادة، باعتبارها من أهم القطاعات التي يجب تطويرها في سبيل احتواء تفشي الفيروس، في الدولة وفي دول العالم أجمع.
وباتت أولويات القطاع الصحي في دولة الإمارات ومحاور تطويره مستقبلاً، تركز خلال مرحلة كورونا وما بعدها على زيادة استخدام التطبيب عن بُعد وصياغة استراتيجيات لمواجهة الأوبئة اتحادياً، ووضع استراتيجيات تتعلق بأنماط الحياة الصحية، والمضي قُدماً في استخدام الذكاء الاصطناعي في الأنظمة الصحية، وتحليل البيانات الصحية للتنبؤ بالأوبئة، وصياغة استراتيجية ونظام للوقاية من الأمراض المعدية، وتوقع هذه الأمراض بشكل استباقي، ووضع سيناريوهات لمواجهتها، والعديد من المحاور التي تعزز مكانة الدولة على الخارطة الصحية العالمية، وتضيف إلى سجلّ الدولة الحافل بالنجاحات في التعامل مع مرحلة انتشار الوباء منجزات أخرى.
لطالما كانت القمة العالمية للحكومات، وهي أكبر تجمع حكومي سنوي عالمي، منصة دولية تسهم في الارتقاء بمستقبل الحكومات وتمكينها من تحقيق التفوق والريادة، حتى تحوّلت إلى وجهة عالمية للباحثين عن الحلول المبتكرة التي يتم من خلالها مواجهة التحديات، وأصبحت مختبراً للسياسات المستقبلية، ومنصة لبناء الشراكات والتعاون الدولي، الساعية إلى خدمة ما يزيد على سبعة مليارات إنسان، هم بحاجة الآن إلى حمايتهم وتأمين سلامتهم من فيروس هاجم العالم من دون أن يفرق بين لغة أو دين أو عرق أو جنس.
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية