في ليبيا، جماعات الإسلام السياسي - ومعها كل بَناتها من تنظيمات العنف الديني المحلية والمستورة - تستبيح الخيانة والعمالة لأردوغان، وتقدم له كل التسهيلات لاستعمار ليبيا واحتلالها، وإن بإسقاط الدولة الليبية واستباحة دماء الشعب الليبي، وتسليم ثروات البلاد ونفطها للمستعمر التركي، فلماذا يفعلون ذلك؟ وكيف يبرر الإخوان خيانتهم لوطنهم وعمالتهم للمستعمر؟
جماعة الإخوان منذ تأسيسها - ومعها كل جماعات الإسلام السياسي- كانت دائماً وأبداً جماعةً عميلةً للمستعمر والأجنبي والعدو، وكانت «حصان طروادةٍ»، وشكلت «الطابور الخامس» في كل بلدٍ عملت فيه وانتشرت داخله أيديولوجيتها وخطابها وتنظيماتها، فالجماعة في خطابها، منذ حسن البنا وسيد قطب وكل مرشدي الجماعة ورموزها ومن بعدهم كل رموز الإسلام السياسي، لا يؤمنون بفكرة «الوطن»، ويكفرون بـ «الدولة الحديثة»، ويخرجون رموز الدول وقيادتها من الإسلام، ويكفرّون الشعوب والمجتمعات بالجملة.
في سردٍ سريعٍ ودون استقصاء، فهذا موقف رموز الجماعة من «الوطن» و«الوطنية»، فمؤسس الجماعة حسن البنا يقول: «وجه الخلاف بيننا وبين دعاة الوطنية، أننا نعتبر حدود الوطنية بالعقيدة، وهم يعتبرونها بالتخوم الأرضية والحدود الجغرافية»؛ فالوطن عنده هي «الجماعة» وليس «الدولة»، وكان يرى أنّ الوطنية فتنة ويقول:«افتتن الناس بدعوة الوطنية»، وسيد قطب يقول:«وما الوطن إلا حفنة من تراب عفن»، والمرشد الثاني حسن الهضيبي يقول:«نحن معشر الإخوان المسلمين لا نعترف بحدودٍ جغرافيةٍ»، والمرشد الثالث عمر التلمساني يقول:«حدود الوطنية عند الإخوان مقيدة بالعقيدة، لا بالحدود الجغرافية»،  وهكذا دأب كل الرموز، وتركّز كل الخطاب «الإخواني» وأتباعه من بعد.
ولولا خشية الإطالة، لكان بالإمكان كتابة الكتب عن رفض كل جماعات الإسلام السياسي، وكل تنظيمات العنف الديني، لمفهوم الدولة الحديثة ومفهوم الوطن، وتعبيراتهم شبه متطابقة لرسوخ فكرة رفض الوطن والدولة وتكفيرهما، وتكفير الشعب معهما، في خطابهم جميعاً.
بناء على هذا الموقف الحاسم والنهائي من «الوطن» و«الدولة»، فهم يعتبرون «خيانة» الوطن و«الغدر» بالشعب و«العمالة» للمستعمر أموراً مباحةً، وأحياناً واجبةً لخدمة الجماعة وتحقيق هدفها بالوصول إلى السلطة، والمتأمل في رسوخ هذا المفهوم، يكاد يشك في إسلام هذه الجماعات والتنظيمات، التي جعلت الوصول إلى السلطة «إلهاً» جديداً و«ديناً» محدثاً، وإنْ سمته بالإسلام، فهو بالفعل نقيض للإسلام.
من لا يعرف هذه الخلفية لدى جماعات الإسلام السياسي ورموزها، سيصاب بالصدمة حين يرى مفتي «الإخوان» في ليبيا، المدعو الصادق الغرياني، يدعم بكل ما يملك استعمار تركيا لبلاده، ويحث أردوغان على قتل الشعب الليبي وتدميره وسرقة ثرواته، منكراً لأهله ورحمه، ومتحولاً لأداةٍ رخيصةٍ بيد المحتل الأجنبي.
وسيصدم أكثر، حين يعلم أن كل قيادات ميليشيات «الوفاق» هم «إخوانيون»، تكفيريون، إرهابيون وقتلةٌ دمويون، ويبذلون دماءهم رخيصةً للمشروع الأصولي التركي، ومرتزقةٌ تدفع لهم دولةٌ عربيةٌ صغيرةٌ لهدم بلادهم وتخريبها، وهم كاللعبة بين أصابع الشيطان.
قد يصح أن التاريخ يكتبه المنتصر ولكنّ «الخونة»، وإنْ انتصروا لفترةٍ، فإن التاريخ لا يكتبهم إلا بمداد «الخيانة» وأقلام «العمالة»، وقد جرى ذلك على طول التاريخ وعرض الجغرافيا، وأكثر من يحتقرهم هم من استخدموهم لتخريب بلادهم وجندوهم لإسقاطها وتخريبها وسرقتها، والشواهد لا تحصى.
أخيراً، فالكافر بالوطن - من الأساس - لا يمكن أن يحميه، بل نجاحه كل النجاح في إسقاطه وتدميره، وهكذا جرى ويجري مع كل حركات الإسلام السياسي، منذ البداية حتى النهاية، وليس أمام الليبيين الأحرار إلا الدفاع عن وطنهم ودولتهم وجيشهم وشعبهم، والقضاء على الخونة والعملاء، ومن يقف خلفهم.