اختبار حلوى «المارشميلو» هو اختبار نفسي مشهور يختبر قوة إرادة الأطفال على تأخير المتعة. في هذا الاختبار، تقدَّم للأطفال قطعة «المارشميلو»، ولكن يقال لهم إنهم يستطيعون الحصول على قطعة أخرى إن استطاعوا الانتظار لمدة 15 دقيقة قبل تناول القطعة الأولى. وهناك ادعاءات تفيد بأن الأطفال الذين لديهم قوة إرادة ويستطيعون الانتظار يبلون بلاء أحسن بكثير في الحياة، ولكن هذه الادعاءات لم تثبت علمياً، غير أن التجربة تظل مع ذلك استعارة مفيدة للعديد من الاختيارات في الحياة، سواء تلك المتعلقة بالأفراد أو بمجموعات كبيرة.
ومن بين الطرق الممكنة للتفكير في وباء (كوفيد-19)، هي أنه يطرح نوعاً من اختبار حلوى «المارشميلو» بالنسبة للمجتمع.
ففي الوقت الراهن، هناك ما يكفي من قصص النجاح الدولية في التعاطي مع فيروس كورونا لتكوين فكرة واضحة عما يتطلبه هزم الوباء. فأولاً، عليك أن تفرض إجراءات تباعد جسدي صارمة لفترة طويلة بما يكفي من أجل تقليص عدد الأشخاص المصابين إلى جزء صغير فقط من إجمالي عدد السكان. وبعد ذلك، عليك أن تطبق نظام فحص وتتبع وعزل. بعبارة أخرى، تحديد أي تفش جديد للفيروس بسرعة، والعثور على أي شخص تعرض للفيروس، وإخضاعه للعزل الصحي إلى حين انتفاء الخطر. هذه الاستراتيجية قابلة للتطبيق والنجاح، فقد اتبعتها كوريا الجنوبية، واتبعتها كذلك نيوزيلندا.
ولكن عليك أن تكون صارماً، وعليك أن تكون صبوراً، وأن تستمر على النهج نفسه إلى حين انتهاء الوباء، وألا تستسلم لإغراء العودة إلى حياة طبيعية، بينما ما زال الفيروس منتشراً على نطاق واسع. وبالتالي فإن الأمر، كما قلتُ، أشبه بنوع من أنواع اختبار حلوى «المارشميلو».
وأميركا بصدد الرسوب في ذاك الاختبار.
والواقع أن حالات الإصابة والوفيات الجديدة في الولايات المتحدة انخفضت منذ أوائل أبريل الماضي، ولكن ذلك يعود بشكل كلي تقريباً إلى حقيقة أن منطقة نيويورك الكبرى تمكنت من تحقيق تقدم كبير جداً، بعد أن شهدت في البداية تفشياً مخيفاً للفيروس. ففي العديد من مناطق البلاد – بما في ذلك ولاياتنا الأكبر من حيث عدد السكان مثل كاليفورنيا وتكساس وفلوريدا – ما زال المرض آخذاً في الانتشار. وبشكل عام، تُعد حالات الإصابة الجديدة مستقرة، وربما تكون بدأت في الارتفاع. ومع ذلك، تتجه حكومات الولايات حالياً إلى إعادة الفتح على كل حال.
وهذه قصة مختلفة جداً عما يحدث في البلدان المتقدمة الأخرى، بل وحتى المتضررة جدا مثل إيطاليا وإسبانيا، حيث انخفضت حالات الإصابة الجديدة بشكل دراماتيكي. وعليه، فيبدو من المرجح الآن أنه بحلول أواخر فصل الصيف ستكون الولايات المتحدة الدولة الغنية الكبيرة الوحيدة التي ما زالت تموت فيها أعداد كبيرة من الناس جراء كوفيد- 19.
لماذا نحن بصدد الرسوب في الاختبار؟ قلة صبر أميركا، وعدم استعدادها لفعل ما يقتضيه الأمر من أجل التعاطي مع تهديد لا يمكن التغلب عليه من خلال التهديد بالعنف، متجذران في الولايات المتحدة بعمق.
ومما لا شك فيه أن معارضة «الجمهوريين» الأيديولوجية لبرامج شبكة الأمان الحكومية- والأخيرة هي الشيء الذي يجعل العواقب الاقتصادية للتباعد الجسدي قابلة للتحمل- لا تفيد الوضع الحالي. ومن غير المفيد أن تعلق حتى التدابير منخفضة التكلفة للحد من انتشار كوفيد- 19، وفي مقدمتها ارتداء الكمامات الواقية (التي تحمي الأشخاص الآخرين بشكل رئيس)، في حروبنا الثقافية.
وخلاصة القول إن أميركا في 2020 تبدو أكثر انقساماً، إذ وقع كثير من الناس في قبضة الأيديولوجيا والتعصب الحزبي، من أن تستطيع التعاطي مع الوباء بشكل فعال. فلدينا المعرفة، ولدينا الموارد، ولكن ليست لدينا الإرادة.
*أكاديمي أميركي حائز جائزة نوبل في الاقتصاد
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
Canonical URL: https://www.nytimes.com/2020/06/09/opinion/coronavirus-reopening-marshmallow-test.html