لم تكن فرنسا يوماً ما صديقة لتركيا، وهو ما يدركه الأتراك تمام الإدراك.. ومشاعر الفرنسيين منافية ومجافية لهم منذ زمن الحرب التركية الفرنسية، أو حملة «قيليقيا»، في الفترة ما بين 1920 -1921، أما إذا عدنا إلى القرون السابع والثامن عشر، فهناك كراهية عميقة في بلاد الغال تجاه التركي.
يكره الأتراك المحدثين الفرنسيين لأسباب عدة في مقدمها أن باريس كانت ولا تزال وستظل مركز الثقل الأوربي في رفض انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي من جهة، ولقيادتها العالم في تأكيد الإبادة التركية للأرمن في أوائل القرن العشرين من جانب آخر.
السؤال الحيوي الآن :هل يكون التحول الفرنسي تجاه أردوغان في ليبيا وعموم مياه البحر الأبيض المتوسط دافعاً لأن يغير «الناتو» من تخاذله غير المبرر تجاه مأساة ليبيا؟
في الأيام القليلة المنصرمة ندد الاليزيه بالتدخلات التركية في ليبيا، وقد وجد الفرنسيون أن المشهد يتطور لتضحى هناك دولة مارقة جديدة مقابلة سواحلهم، وليضاف إلى إيران رصيد جديد من الأشرار في المنطقة. على أن قضية الحضور الإرهابي للأتراك في ليبيا يتجاوز ما جرى في سوريا من تأصيل للوجود التركي، حيث اقتسام الغنائم يجري بين الغرماء.
كارثة ما يحدث في ليبيا بالنسبة لفرنسا والفرنسيين خاصة، والأوروبيين عامة، أنه يجعل من تبعية أردوغان كعب أخيل لروسيا في المنطقة، والحديث دائر في الدوائر والكواليس الاستخبارية عن صفقة ما بين الروسي والتركي ، تجعل هواجس الحرب الباردة تعود لتقض مضاجع الأوربيين من جديد ، لا سيما بعد أن بدات قطع البحرية العسكرية التركية ، وعما قريب الروسية تتحرك الى المتوسط ، ما يجعل من حصار اوربا حقيقة واقعة لا محال .
أردوغان بالنسبة لماكرون مخادع، وقد خرق تعهداته خلال مؤتمر برلين بشأن ليبيا، والأسوأ لم يأت بعد. يقول الراوي إن فرنسا التي كانت رأس حربة في إسقاط نظام القذافي، في عهد ساركوزي، هي التي تزخم مواقف «الناتو» في الأيام الأخيرة لإحداث حركة صوب إيقاف الدور التركي المحتل، وتقليص النفوذ الروسي في جنوب أوروبا قبل أن يتفاقم المشهد.
في هذا الإطار كثفت فرنسا اتصالاتها مع شركائها الأوروبيين، ولعل وعسى ترتدع إيطاليا عن المناورات التي لا طائل من ورائها سوى تصدير مزيد من إرهابيي «داعش» إليها، وأن تكف عن تعطيل مسارات الخلاص من الإرهاب على أراضي ليبيا، بهدف المكايدة السياسية للفرنسيين.
ومن جانب آخر، تتوالى اتصالات ماكرون على ساكن البيت الأبيض، والمتذرع بإشكالياته الداخلية، من غير أن يبدي موقفاً حازماً وحاسماً تجاه أردوغان. الصمت الأوروبي والأميركي ابتزاز للعثمانيين الجدد، لن يفيد الأمن القومي لأوروبا، وسيؤثر سلباً على خطط أميركا الاستراتيجية في الشرق الاوسط.
ويبقى التساؤل هل حان آوان طرد تركيا خارج الناتو ؟ ويهدد الاتراك بالارتماء في أحضان الروس أو الصينيين، وربما كان هذا تهديداً مقبولاً قبل عقود، فيما الوضع الآن على الأرض تغير، ولم تعد الحاجة إلى القواعد الأرضية كما الحال في الستينيات. الناتو مطالب بالتحرك السريع، وإلا سيتهم بالتماهي مع أردوغان.
*كاتب مصري
يكره الأتراك المحدثين الفرنسيين لأسباب عدة في مقدمها أن باريس كانت ولا تزال وستظل مركز الثقل الأوربي في رفض انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي من جهة، ولقيادتها العالم في تأكيد الإبادة التركية للأرمن في أوائل القرن العشرين من جانب آخر.
السؤال الحيوي الآن :هل يكون التحول الفرنسي تجاه أردوغان في ليبيا وعموم مياه البحر الأبيض المتوسط دافعاً لأن يغير «الناتو» من تخاذله غير المبرر تجاه مأساة ليبيا؟
في الأيام القليلة المنصرمة ندد الاليزيه بالتدخلات التركية في ليبيا، وقد وجد الفرنسيون أن المشهد يتطور لتضحى هناك دولة مارقة جديدة مقابلة سواحلهم، وليضاف إلى إيران رصيد جديد من الأشرار في المنطقة. على أن قضية الحضور الإرهابي للأتراك في ليبيا يتجاوز ما جرى في سوريا من تأصيل للوجود التركي، حيث اقتسام الغنائم يجري بين الغرماء.
كارثة ما يحدث في ليبيا بالنسبة لفرنسا والفرنسيين خاصة، والأوروبيين عامة، أنه يجعل من تبعية أردوغان كعب أخيل لروسيا في المنطقة، والحديث دائر في الدوائر والكواليس الاستخبارية عن صفقة ما بين الروسي والتركي ، تجعل هواجس الحرب الباردة تعود لتقض مضاجع الأوربيين من جديد ، لا سيما بعد أن بدات قطع البحرية العسكرية التركية ، وعما قريب الروسية تتحرك الى المتوسط ، ما يجعل من حصار اوربا حقيقة واقعة لا محال .
أردوغان بالنسبة لماكرون مخادع، وقد خرق تعهداته خلال مؤتمر برلين بشأن ليبيا، والأسوأ لم يأت بعد. يقول الراوي إن فرنسا التي كانت رأس حربة في إسقاط نظام القذافي، في عهد ساركوزي، هي التي تزخم مواقف «الناتو» في الأيام الأخيرة لإحداث حركة صوب إيقاف الدور التركي المحتل، وتقليص النفوذ الروسي في جنوب أوروبا قبل أن يتفاقم المشهد.
في هذا الإطار كثفت فرنسا اتصالاتها مع شركائها الأوروبيين، ولعل وعسى ترتدع إيطاليا عن المناورات التي لا طائل من ورائها سوى تصدير مزيد من إرهابيي «داعش» إليها، وأن تكف عن تعطيل مسارات الخلاص من الإرهاب على أراضي ليبيا، بهدف المكايدة السياسية للفرنسيين.
ومن جانب آخر، تتوالى اتصالات ماكرون على ساكن البيت الأبيض، والمتذرع بإشكالياته الداخلية، من غير أن يبدي موقفاً حازماً وحاسماً تجاه أردوغان. الصمت الأوروبي والأميركي ابتزاز للعثمانيين الجدد، لن يفيد الأمن القومي لأوروبا، وسيؤثر سلباً على خطط أميركا الاستراتيجية في الشرق الاوسط.
ويبقى التساؤل هل حان آوان طرد تركيا خارج الناتو ؟ ويهدد الاتراك بالارتماء في أحضان الروس أو الصينيين، وربما كان هذا تهديداً مقبولاً قبل عقود، فيما الوضع الآن على الأرض تغير، ولم تعد الحاجة إلى القواعد الأرضية كما الحال في الستينيات. الناتو مطالب بالتحرك السريع، وإلا سيتهم بالتماهي مع أردوغان.
*كاتب مصري