ما تزال «حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات» (BDS)، الفلسطينية المنشأ عالمية الامتداد، تجتذب جدلاً في الدول التي لطالما كانت الداعم الأول لإسرائيل، وسط جهود متجددة لمعاقبة مؤيدي الحركة في هذه البلدان. وهي الحركة التي اتفق العالم على أنها شكل فاعل من أشكال المقاومة غير العنيفة.
وفي جديد مقارعتها لدولة الاحتلال، قضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، بعدم إدانة أو تجريم ناشطي الحركة الذين دعوا لمقاطعة إسرائيل في مظاهرات جرت في أوروبا في سبتمبر 2009 ومارس 2010، مؤكدةً أن «إدانتهم تعد انتهاكاً لحرية التعبير». ويأتي القرار على خلفية قرار فرنسي بإدانة ناشطي المقاطعة بدعوى أنهم يثيرون العنصرية والتحريض ضد إسرائيل ومعاداة السامية. وبعد قرار المحكمة، سيكون على فرنسا دفع تعويضات مادية بقيمة 17.380 يورو لكل ناشط من حركة المقاطعة أدين في المحكمة المحلية. ورداً على قرار المحكمة الأوروبية، قال «مارك فروليني»، الباحث في منظمة «العفو الدولية» (أمنستي) في فرنسا، إن الحكم «يشكل سابقة مهمة لوقف إساءة استخدام القوانين التي تحظر التمييز والتي تستهدف نشطاء ضد انتهاكات حقوق الإنسان الفلسطيني من قبل إسرائيل، كما أنهى 9 سنوات من الجدال القانوني في القضية»، مؤكداً أن عمل «حركة المقاطعة» شرعي يندرج تحت الفقرة العاشرة من المعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان التي تكفل حرية الرأي وحرية التعبير. وعليه، فإن أية دولة أوروبية ليست في منأى عن الانتقاد غير العنيف من قبل نشطاء حقوق الإنسان.
كذلك، حققت «حملة التضامن مع فلسطين في المملكة المتحدة» (PSC) في بداية مايو الماضي انتصاراً قانونياً لـ«حركة المقاطعة» في المحكمة العليا البريطانية، متغلبةً على محاولة الحكومة البريطانية، بدعم وتحريض من حكومة اليمين الإسرائيلي، «منع صناديق تقاعد المجالس المحلية من سحب استثماراتها من شركات إسرائيلية أو داعمة لإسرائيل». فلقد قضت المحكمة العليا في لندن بأن «اللوائح التي فرضتها الحكومة البريطانية في عام 2016، والتي من شأنها منع صناديق التقاعد في البلديات من اتخاذ قرارات، خاصة بسحب الاستثمار، لا تتماشى مع سياسات الحكومة، أي غير قانونية، وبالتالي لاغية ولا يمكن الاستئناف عليها». وقد جاء هذا النجاح «بعد ثلاث سنوات من المعارك القضائية وإدانة واسعة لهذه اللوائح القمعية والمنافية لقواعد الديمقراطية باعتبارها محاولة يائسة من الحكومة البريطانية، بتحريض إسرائيلي، لحرمان المجالس المحلية من حقها في سحب استثماراتها من الشركات الضالعة في أعمال غير أخلاقية، تشمل الانتهاكات الجسمية لحقوق الشعب الفلسطيني والاحتلال العسكري الإسرائيلي والصناعات العسكرية وتدمير المناخ».
وتترتب على تلك القرارات تبعات كبيرة في أوروبا، خاصة تجاه إجراءات المنع والتضييق التي تمارسها الدول المعادية لحركة المقاطعة. وفي هذا السياق، قال «برتران هيلبرون»، رئيس جمعية التضامن الفرنسية الفلسطينية، إن القرار يمثل «انتصاراً لحرية التعبير والعمل المدني»، وأضاف: «سنواصل تطوير (حملة المقاطعة) طالما أن إسرائيل لا تحترم القانون الدولي وحقوق الإنسان».

*كاتب وباحث سياسي