تُظهر الأبحاث العلمية أن الأمراض الفيروسية، مثل الإيبولا والإنفلونزا والإيدز والسارس، تؤثر على الذكور بشكل مختلف عن تأثيرها على الإناث، وهو ما اتضح أيضاً مع الوباء الحالي من فيروس كورونا المستجد. فحسب الإحصاءات والدراسات التي أجريت حتى الآن، تبين أن معدلات الوفيات بين الذكور، وخصوصاً مَن هم في العقد الخامس من العمر، هي أعلى من معدلات الوفيات بين الإناث. ففي الصين مثلاً، بلغت معدلات الوفيات بين الذكور حوالي 2.8 في المئة، في الوقت الذي كانت فيه معدلات الوفيات بين الإناث 1.7 في المئة فقط. وفي الدول الأوروبية، ورغم أن الذكور شكلوا 57 في المئة من حالات الإصابة، فإن 72 في المئة من الوفيات كانت بين الذكور، أي أن الذكور يشكلون نصف حالات الإصابة، وفي نفس الوقت ثلاثة أرباع الوفيات.
ولا زالت الأسباب خلف هذا الفارق الكبير في الوفيات بين الذكور والإناث، غير واضحة أو مفهومة، وإن كان هناك العديد من الأطروحات التي تحاول تفسير هذا الفارق. مثل الاختلافات في المادة الوراثية بين الجنسين، وفي صفات وطريقة عمل جهاز المناعة، بالإضافة إلى بعض الاختلافات السلوكية، مثل حقيقة أن معدلات التدخين بين الذكور أعلى منها بين الإناث، مما يجعل جهازهم التنفسي في حالة أضعف أمام مضاعفات العدوى. أضف إلى ذلك أن معدلات الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة، مثل ارتفاع ضغط الدم، وداء السكري، هي أعلى بين الذكور مقارنة بالإناث، وهو ما يؤدي بالتبعية إلى معدلات أعلى من الوفيات بين الذكور.
وبخلاف معدلات الوفيات، وبناءً على الخبرات السابقة، تتأثر الإناث بشكل مختلف عن الذكور خلال أزمنة الأوبئة المرضية. فعلى سبيل المثال، تتعرض الإناث لمعدلات أعلى من سوء التغذية في الدول الفقيرة خلال الأوبئة، كما أن مستوى الرعاية الصحية المقدم لهن خلال فترات الحمل تتراجع بشكل كبير، نتيجة توجيه المتاح من المصادر الصحية، المالية والفنية، لمكافحة الوباء. ناهيك عن أن فترة الحمل أساساً، وما يصاحبها من تغيرات فيسيولوجية في جسد المرأة، تشكل في حد ذاتها تحدياً صحياً خاصاً.
وتمتد الفروقات بين الجنسين لتشمل الأبحاث والدراسات الساعية لتطوير علاج أو لقاح، حيث تنخفض نسبة النساء المشاركات في هذه الأبحاث، مما يعيق تحقيق الإدراك الكامل للفروقات في الاستجابة المناعية بين الجنسين. وتبقى الحقيقة الثابتة هي أن الإناث يتحملن العبء الأكبر في مكافحة الأوبئة الفيروسية، وغيرها من الأوبئة، كونهن يشكلن السواد الأعظم من أطقم التمريض، حجر الزاوية وعماد نظم الرعاية الصحية الحديثة.