من قبل أن يظهر للعيان فيروس كورونا الذي تحول إلى وباء عالمي، عملت دولة الإمارات العربية المتحدة على اعتماد استراتيجيات تقوم على استشراف المستقبل، فكثّفت سياساتها وبرامجها وخططها باتجاهات أكثر مرونة وتنوعاً، وأكثر شمولية وقدرة على مواجهة التحديات، من خلال الابتكار والمعرفة والتحول إلى اقتصاد رقمي يسعى إلى استخدام التقنيات المتقدمة في شتى المجالات، بما ينهض بالاقتصاد ويحرك عجلة التنمية، ويضع العمل الحكومي على المسار الصحيح في كل المجالات، ضمن استراتيجية تنموية تمضي قدماً في تحقيق خطة الخمسين عاماً المقبلة، وتبقي الدولة في صدارة مؤشرات التنافسية العالمية.
آخر تلك التوجهات تجسّدت بانطلاق اجتماع حكومة دولة الإمارات عن بُعد، بعنوان «الاستعداد لمرحلة ما بعد كوفيد –19» لوضع خطط وسياسات وآليات تغطي احتياجات القطاعات الأكثر إلحاحاً، ووضع مقاربات مستقبلية للآفاق الاقتصادية والتنموية، وذلك تجسيداً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بالعمل على صياغة «استراتيجية دولة الإمارات لما بعد كوفيد -19»، حيث بدأ سموه الاجتماع بكلمة أشاد فيها بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، في تعامله مع أزمة كورونا على الصعد المحلية والإقليمية والدولية، والتي عكست الصورة الإنسانية للدولة في التعامل مع الأخ والصديق في وقت الأزمات، مؤكداً سموه أن «وقفة الأخ والصديق والقائد محمد بن زايد، ومواقفه ومتابعته وكلماته، تشكل مفخرة للجميع، وستظل مسطّرة في تاريخ دولة الإمارات».
وجاء انطلاق اجتماع حكومة دولة الإمارات عن بُعد، بمشاركة الوزراء والأمناء العامين للمجالس التنفيذية ومسؤولين في أكثر من 100 جهة حكومية اتحادية ومحلية، وباحثين وخبراء عالميين، انطلاقاً من ضرورة الاستعداد للمرحلة المقبلة، حيث قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، إن «المهام كثيرة.. وكل ذلك يتطلب منظومة عمل مختلفة وآليات تنفيذ جديدة.. تعتمد الجرأة والحسم والسرعة في اتخاذ القرارات»، ما يؤكد حرص القيادة الرشيدة على البدء بخطوات سريعة من أجل الاستعداد لمستقبل يتخطى فيه الجميع كل الآثار التي نجمت عن كورونا اجتماعياً واقتصادياً، وخاصة أن دول العالم كلها تقريباً، تواجه تحديات تتطلب البحث عن آليات متطورة لتجاوز آثار الوباء، على نحو من السرعة.
إن قول سموه خلال الاجتماع إن «الباب مفتوح لكل الأفكار الجديدة والتجارب غير المسبوقة.. ونحن على استعداد لأن نعيد بناء كل منظوماتنا في القطاعات كافة لضمان رفاه مجتمعنا وسعادته واستقراره وتمكينه»، فيه دلالة صريحة على أن دولة الإمارات، قيادة وحكومة ومؤسسات، أصبحت أكثر انفتاحاً ومرونة وأكثر إصراراً على حماية الأرواح والاقتصاد والمكتسبات، فهي لطالما فتحت ذراعيها لكل الموهوبين والمبدعين الذين يشكلون إضافة نوعية لمعنى أن يعيش المواطنون والمقيمون فيها حياة كريمة وآمنة ومستقرة، وينعمون بأكثر الخدمات تطوراً وحداثة، وينهلون من خير هذا البلد الذي بات ملاذاً لأحلام الطامحين والناجحين.
لقد أثبتت دولة الإمارات، ومنذ أن خطّت لنفسها رؤية استراتيجية قامت على هدف سامٍ ومشروع في أن تصبح الدولة الأفضل عالمياً بحلول عام 2071، الذكرى المئوية لتأسيسها، قدرتها على تخطي كل المراحل التي مرّت بها، ومضت عاقدة العزم على مواصلة النجاح والتميز والفرادة في شتى المجالات، فكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله: «تجربتنا في بناء دولة الإمارات تعزز ثقتنا بقدرتنا على عبور هذه الأزمة.. وسنثبت للعالم كما أثبتنا مراراً بأن المستحيل كلمة لا مكان لها في قاموس دولتنا.. وعلينا أن نعمل ليل نهار.. وأن نحشد كل إمكاناتنا وخبراتنا للنهوض بدولتنا، ووضعها على مسار التنمية المتسارع من جديد.. ولن نسمح لأي شيء بأن يعيقنا عن تصدر السباق نحو المستقبل».
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية