واصلت مؤسسات دولية متخصصة إصدار تقاريرها الاقتصادية، التي تشيد بقوة اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة، وخاصة في ظل الجائحة الصحية التي تجتاح العالم اليوم، وتداعياتها على القطاعات كافة، وخاصة الاقتصادية منها، حيث أشار العديد من تلك المؤسسات إلى المحفزات والمبادرات، التي اعتمدتها الدولة لمواجهة وباء كورونا المستجد، وأكدت أن دولة الإمارات تملك في الأصل قوة اقتصادية ومتانة مالية ومنهجاً قائماً على التنوع والابتكار والمرونة، قادراً على حمايتها من أي أضرار.
آخر تلك التقارير صدر مؤخراً عن مجلة «ذا إيكونومست» البريطانية، وصنّف دولة الإمارات في المركز الـ 17 بين الأسواق الناشئة الأكثر قدرة والأعلى ملاءة أمام المخاطر المالية الراهنة الناتجة عن تفشي كورونا، وذلك ضمن قائمة شملت 66 اقتصاداً ناشئاً في العالم، ما يعني أن الدولة رسّخت مكانتها بين أقوى 20 اقتصاداً ناشئاً، وفقاً لأربعة مؤشرات تدلّ على قوتها المالية، وهي: الدين العام، والدين الخارجي، وكلفة الاقتراض، والغطاء الاحتياطي، والتي تضع دولة الإمارات ضمن وضع آمن، ناتج عن متانتها المالية ومصداتها الوقائية، التي تمكنها من احتواء آثار كورونا الاقتصادية.
المتتبع للتقارير التي تؤكد قوة الاقتصاد الإماراتي، لن يتوقف عند تقرير المجلة البريطانية، إنما سيلحظ كذلك ما تحدثت عنه وحدة «إنتيلجينس» التابعة لها، حين أشارت مؤخراً إلى تعامل دولة الإمارات مع تداعيات الجائحة، حيث يشير تقرير الوحدة إلى مجموعة المحفزات المالية، التي أعلنتها حكومة الدولة خلال الفترة الماضية للتعامل مع تأثيرات كورونا الاقتصادية، كما أصدرت شبكة «يورونيوز» قبل أيام تقريراً عن التوقعات بشأن اقتصاد الشرق الأوسط بعد انحسار كورونا، مشيرة إلى أن اقتصاد الإمارات يتميز بوضع أفضل مقارنة باقتصادات الإقليم، بوصفه أكثر تنوعاً وحداثة وتقدماً، كما أنه يعد الأفضل فيما يخص الرقمنة والتقنيات التكنولوجية الحديثة، حيث تتصدر الدولة منطقة الشرق الأوسط في حجم وعائدات التجارة الإلكترونية، وتضم عدداً من أضخم منصات التسوق الشبكي إقليمياً.

مجلة «يوروموني» البريطانية، تحدثت هي الأخرى في تقرير حديث لها عن ترتيب دولة الإمارات على مؤشرها الخاص بالمخاطر، الذي لا يتجاوز الـ 39 ضمن 174 دولة، وذلك بسبب انخفاض اعتمادها على النفط والاستقرار الاقتصادي والمالي اللذين منحاها قدرة عالية على التعامل مع تداعيات الجائحة بأقل الخسائر، كما أشار تقرير لموقع «إنترناشيونال إنفستمنت» البريطاني إلى أن دولة الإمارات من أوائل الدول التي شرعت في إعادة فتح اقتصادها بعد وقف العديد من الأنشطة، إضافة إلى أنها قادرة على التجاوب مع المتغيرات التي طرأت على الاقتصاد العالمي بعد كورونا، ما يؤكد أفضلية اقتصادها الناجمة عن استراتيجياتها في استشراف المستقبل، والاستعداد لتحدياته على الصعد كافة، وخاصة تلك المتعلقة بالابتكار وتبني معايير الاقتصاد الرقمي، واعتماد التكنولوجيا الحديثة، فضلاً عن وجود بيئة ملائمة تعزز نمو الشركات الناشئة فيها.

لقد قدمت دولة الإمارات نموذجاً اقتصادياً ناجحاً في التعامل مع تداعيات كورونا، وإدارة الأزمة ضمن مسار خاص بها، ارتكز على مجموعة من القواعد، أهمها: السير بخطى موازية مع تقارير منظمة الصحة العالمية، والالتزام بتطبيقها سريعاً، والالتزام بمعايير الشفافية في التعامل مع الأزمة، وإشراك المجتمع في جهود احتواء الوباء، من خلال توعيته صحياً، واعتباره شريكاً مؤثراً ومسؤولاً مهماً في اتباع إجراءات الوقاية، إضافة إلى تعزيز المبادرات المجتمعية الداعمة للجهود الحكومية مالياً وعينياً ولوجستياً، كإطلاق هيئة المساهمات المجتمعية في أبوظبي برنامج «معاً نحن بخير»، وتأسيس «صندوق الإمارات وطن الإنسانية» وغيرها، وكل هذا مدعوم بما تتمتع به الإدارة الحكومية من فاعلية وديناميكية، وبما يتميز به الاقتصاد الإماراتي من قدرات مالية كبيرة، ونظامها الصحي الذي يتسم بالجودة والكفاءة، إضافة إلى تطوُّر بنية الدولة التحتية وشبكة الاتصالات والإنترنت، واعتماد الحكومة الرقمية، التي يسّرت على المجتمع الوصول إلى الخدمات الرقمية بيسر وسهولة.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.