في كل مرة تمر بها تركيا بمرحلة خوف جماعي، نجد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يستغلها لصالحه. فطبيعة الشعب التركي تميل إلى الاتحاد خلف رؤسائه في أوقات الأزمات الوطنية مثل الحرب أو الإرهاب أو التهديدات الأمنية أو الكوارث الوبائية. في عام 2020، الخوف الجماعي هو جائحة فيروس كورونا وكما هو في الحالات السابقة القائمة على الخوف، يبدو أنها تعمل لصالح أردوغان.
عندما حاولت مجموعة من الضباط العسكريين الانقلاب للإطاحة بأردوغان في يوليو 2016، قام بحملة سياسية قوية لتحقيق مكاسب سياسية. نجح لأنه استغل خوف معظم الأتراك، بما في ذلك معارضو أردوغان من عقود من الانقلابات العسكرية وعلى أساس ذلك قُتل 250 شخصاً وجُرح أكثر من 2000 مواطن تركي. وبناءً على هذا الخوف، ارتفع معدل تأييده بشكل ملفت من 45٪ قبل الانقلاب إلى 67.6٪ في أعقابه. بالنسبة للعديد من المراقبين، لم يكن ذلك مفاجئًا لأنه كان يراهن دائمًا على مخاوف الأمن الجماعي للأتراك وينتصر.
في الانتخابات العامة في 7 يونيو 2015، خسر حزب أردوغان العدالة والتنمية أغلبيته البرلمانية للمرة الأولى منذ توليه السلطة في نوفمبر 2002. بعد هذه الصدمة والتي أجبر حزب العدالة والتنمية على الدخول في مفاوضات تحالف مع شركاء سياسيين غير مرغوب فيهم، عانت تركيا فجأة من موجة من الهجمات الإرهابية، بما في ذلك تفجير انتحاري في قلب أنقرة أودى بحياة أكثر من 100 شخص وهو أسوأ هجوم إرهابي في تاريخ تركيا الحديث. ولفترة من الوقت، صارت تنفجر القنابل هنا وهناك إلى أن أصبحت جزءاً من الحياة اليومية تقريبًا. وفي هذه الأثناء، رفض أردوغان فتح محادثات التحالف مع أي من خصومه، وبدلاً من ذلك، دعا إلى إجراء انتخابات أخرى في نوفمبر 2015. أثمرت مقامرته وفاز «حزب العدالة والتنمية» بسهولة بأغلبية برلمانية بزيادة أصوات بنسبة 8.5 نقطة مئوية. مرة أخرى، راهن على الخوف الجماعي للشعب.
لذلك ليس من المستغرب أن يستغل أردوغان أيضًا جائحة فيروس كورونا من أجل تعزيز موقفه السياسي بطريقة مماثلة. فقد أوقف أردوغان البرلمان مؤخرًا لمدة 45 يومًا، مشيرًا إلى حملة وطنية لمكافحة جائحة فيروس كورونا. وضمن هذا الإطار، وجّه كمال كيليشدار أوغلو، زعيم حزب «الشعب الجمهوري» المعارض الرئيس لأردوغان، اتهاماً للرئيس التركي بإساءة استخدامه لأزمة كورونا والعبث بالسلطة التشريعية. فقد ذكر، «إن تعليق الجلسات البرلمانية هو نتيجة حكم أردوغان الفردي»، وأضاف «إن أردوغان مخطئ إذا اعتقد أنه قادر على حل أي مشكلة أو أي أزمة من جانب واحد».
ولذر الرماد في العيون، مرر البرلمان السماح بإطلاق سراح عشرات الآلاف من السجناء لتخفيف الاكتظاظ في السجون وحماية السجناء من الوباء، لكن العفو استثنى مئات السجناء السياسيين بمن فيهم الصحفيون والكتاب والأكاديميون ومستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي الذين ينتقدون نظام أردوغان الاستبدادي.
في عام 2015، كان لدى الأتراك ذعر جماعي من الإرهابيين وقنابلهم، وفي 2016 كان الخوف من الانقلابات. أما الخوف الجماعي الآن هو من جائحة فيروس كورونا، وكما في الحالات السابقة القائمة على الخوف، يبدو أنها تعمل أيضاً لصالح أردوغان.
*باحثة سعودية في الإعلام السياسي