أنشئت غرفة العمليات في البيت الأبيض عقب أزمة خليج الخنازير، إذ أدرك الزعماء في واشنطن أن الإخفاقات خلال تلك الأزمة كانت تعزى جزئياً إلى الافتقار للمعلومات الضرورية في الزمن الحقيقي. فأثّر ذلك في شكل غرفة العمليات، وجعل منها غرفة اجتماعات مندمجة ومركز معلومات استخباراتية يُستَخدَم لإدارة الأزمات. البيانات الإلكترونية تدعم عمليات الغرفة، وتُبلغ مسؤولي البيت الأبيض بعناصر أساسية من أجل توجيه عملية صنع القرار. والقرارات بشأن كيفية مواجهة وباء كوفيد -19 تُتخذ جزئياً من داخل تلك الجدران.
والواقع أن الحروب غالباً ما تتم إدارتها باستخدام بيانات من ساحة المعركة، بيانات شاملة ومحددة جغرافياً ومتاحة في الزمن الحقيقي، غير أنه خلال الوباء، تظل البيانات الأساسية مفرقة وموزعة عبر البلاد، بدلاً من أن تكون متاحة مركزياً. وبالمقابل، تستخدم معظم المنظمات العرض البياني للبيانات من أجل تحسين الوعي بالوضع في لمحة واحدة. وفي قلب تلك العملية تكمن كثافة البيانات التي تظهر على الواجهة كلوحة قيادة. لكن لماذا ليست لدينا لوحة قيادة توجّه رد نظامنا الوطني للرعاية الصحية على الكارثة؟ تخيل الرئيس ونائب الرئيس وأهم المستشارين الرئاسيين، بمن فيهم فريق البيت الأبيض لمكافحة الوباء، يجتمعون يومياً في غرفة العمليات من أجل استعراض لوحة قيادة لموارد الرعاية الأساسية الأميركية في الزمن الحقيقي.
البيانات من كل مستشفى ستصب في لوحة القيادة، مظهرةً أسرّة وحدات العناية المركّزة المشغولة والمرضى الموصولين بأجهزة التنفس. وستشمل البيانات المحورية عدد الكوادر الطبية المتاحة في وحدات العناية المركزة، إضافة إلى أجهزة التنفس غير المستخدمة من كل الأنواع، بما في ذلك أجهزة التخدير. وسيصبح وضع كل مدينة أو ولاية أو منطقة مفهوماً باستخدام خريطة رقمية لموارد الرعاية الأساسية القابلة للاستخدام. وإذا كانت بعض الموارد ستظل ثابتة، مثل عدد الأسرّة وغرف العمليات المرخص لها، فإن موارد أخرى، مثل عدد أسرّة المستشفيات العادية التي يمكن تحويلها إلى أسرّة خاصة بوحدات العناية المركزة، متحركة ومتحولة. كما ستستطيع المستشفيات الإبلاغ، بشكل يومي، عن الموارد المتوافرة لديها وقدراتها من خلال أنظمة «السجل الصحي الإلكتروني» الموجودة والمنصوص عليها فيدرالياً. مثل هذه المقاربة يفترض ألا تتطلب سوى إدخال تعديلات طفيفة على تدفق المعلومات الذي ينص عليه «قانون تكنولوجيا المعلومات الصحية للصحة الاقتصادية والسريرية» لعام 2009. وهذا سيقتضي من شركات «السجل الصحي الإلكتروني» أن تتبنى واجهات المعيار المفتوح لتمكين سلطات الصحة العامة من استخلاص البيانات ذات الصلة.لكن مقاربة مماثلة، تُستخدم منذ مدة، من أجل السماح للمرضى بالوصول إلى معلوماتهم الصحية الشخصية بموجب «قانون علاجات القرن الحادي والعشرين».
لوحات القيادة تسمح بمعاينة بيانات كثيرة ومعقدة وفهمها، غير أنها تُحضر باستخدام بيانات خام. وتستطيع قوة التحليلات التنبؤية تقييم الاتجاهات وتحديد المناطق المتوقع سقوطها قريباً في أزمة، وكذلك المناطق التي أخذت تحقق نتائج جيدة. وفهم مثل هذه التغيرات يمكن أن يمكّن المسؤولين من تحديد الأماكن، حيث توجد حاجة أكبر إلى الموارد الفدرالية، مثل أجهزة التنفس ومعدات الحماية الطبية الشخصية. هذا النظام ينبغي أن يكون جاهزاً على الدوام، من أجل تجنب التأخر في حالات الطوارئ. كما أن إحاطات البيت الأبيض الصحفية يمكن أن تشمل بيانات لوحة القيادة، من أجل تقاسم الأدلة التي تبنى عليها القرارات المهمة. وبهذا، يمكن اعتبار لوحة القيادة بمثابة الخريطة التي يستعين بها القائد الأعلى للقوات في غرفة الحرب خلال معركة أميركا مع فيروس كوفيد -19.

ميتشل بلات* ولويس كابلان**
 
*أستاذ الطب بكلية ويل كورنل الطبية
**أستاذ الجراحة بكلية بيريلمان الطبية بجامعة بنسلفانيا
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»