يقول رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون: «استنفدنا قدرة أهل الأرض على مواجهة الوباء، والأمر بات متروكاً لعناية السماء». وتقول ابنة الملياردير البرتغالي «أنطونيو مونطييرو»، رئيس بنك «سانتا ندير» البرتغالي، والذي توفي بسبب عدوى فيروس كورونا في منتصف أبريل الجاري، في تغريدة لها على «تويتر»: «نحن عائلة ثرية، لكن والدي توفي وحيداً ومختنقاً يبحث عن شيء مجاني، وهو الهواء، بينما بقي المال في المنزل». ويقول بيل جيتس: «هذا الفيروس يذكرنا بقصر الحياة، وبأهم شيء يجب علينا القيام به، ألا وهو خدمة بعضنا البعض، إنه يذكرنا بما وصلت إليه مجتمعاتنا من حياة مادية، وبأنه علينا أن نضبط الأنا فينا، وبأن هذه يمكن أن تكون نهاية العالم أو ربما بداية جديدة.. إنه يذكرنا بأن هذه الأرض باتت عليلة. وبينما ينظر كثيرون إلى كورونا بوصفها كارثة، فالأفضل هو أن نراها مصحِّحاً». ويقول ديفيد ستوكمان الذي كان ضمن فريق الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان: «فيروس كورونا، هو فقط الدبوس الذي فجّر الفقاعات وتسبب في الآلام للكثيرين نتيجة تهاوي الأسعار في أسواق المال، بالإضافة إلى الأعداد الكبيرة من الديون غير العاملة ولتحطم أحلام 30 سنة من السياسات الأميركية الكاذبة المعتمدة على صناعة الدولارات من دون غطاء حقيقي، لتحقيق ازدهار كاذب.. كل هذا قد توقف الآن، وهو يقودنا إلى الاستنتاج بأن ما كان يبدو وكأنه اقتصاد مزدهر كان ممزوجاً بالوهم في داخله، أي تغول الاقتصاد المالي على الاقتصاد السلعي الإنتاجي وازدهار المضاربات. وبتشجيع من البنك المركزي والسياسيين في واشنطن، تحول المال في وول ستريت إلى كازينو قمار، تاركين الجماهير تنوء بالديون بعد أن أغروها بالإنفاق أكثر من إمكانياتها، والآن جاء الوقت لانكشاف هذا التضليل، وقد أصبح واضحاً للجميع».
رحم الله الدكتور مصطفى محمود الذي قال، وكأنه كان يستشف الوضع الحالي: «لو انتشر فيروس قاتل في العالم، وأغلقت الدول حدودها وانعزلت خوفاً من الموت المتنقل، ستنقسم الأمم في الغالب إلى فئتين: فئة تملك أدوات المعرفة، تعمل ليلاً ونهاراً لاكتشاف العلاج، وفئة أخرى تنتظر مصيرها المحتوم. وقتها ستفهم المجتمعات أن العلم ليس أداة للترفيه، بل وسيلة للنجاة».
لقد كشفت هذه الأزمة عن أن المال أقل درجات الرزق وأن العافية وراحة البال والستر أعلى درجات الرزق، وأن الفيروس الذي لا تراه العين المجردة جندي من جنود الله يرسله على من يشاء ويصرفه عمّن يشاء، لا فرق عنده بين غني وفقير، قوي وضعيف، كبير وصغير، وزير وخفير.
وقد جاء فيروس كورونا لجعل القوة العظمى تبدو مثل الصغرى، ولجعل آلتها العسكرية وجيوشها وأساطيلها وصواريخها وقنابلها النووية غير قادرة على فعل شيء، وأكبر أطبائها وعلمائها ومراكز بحثها عاجزة عن اكتشاف المرض القاتل أو إيجاد علاج له، كما جاء لإجهاض مشاريعها الصناعية والاقتصادية والتنموية الكبرى، وباتت كلها تقريباً في مأزق.
كما كشفت هذه الأزمة عن أن التعليم والصحة والغذاء والكادر الطبي والعلمي والمؤسسات البحثية في مختلف الميادين.. كلها أهم بكثير من بعض من أسرفت المجتمعات والصحافة في إعطائهم الألقاب والرواتب العالية والشهرة الواسعة مثل، المطربين والممثلين ولاعبي كرة القدم.
إن قوة الدول تكمن في امتلاكها جيلاً من أصحاب القدرات العلمية، القادرين على حل الأزمات واستشراف الأحداث المستقبلية.