عدد اليوم
دينا محمود (لندن)
في ظل تواصل ارتفاع معدلات التضخم في شتى أنحاء العالم، وما يقود إليه ذلك من تردٍّ للأوضاع المعيشية بشكل أكبر في كثير من الدول، حذر خبراء يعملون في المجال الإنساني، من أن بقاعاً مثل القارة الأفريقية، باتت تشكل المناطق الأشد تضرراً من أزمة انعدام الأمن الغذائي، التي ضربت العام الماضي وحده، مشيرين إلى أن نحو 258 مليون شخص في مختلف أنحاء العالم يعانون انعدام الأمن الغذائي بعدما كان ضحاياها لا يتجاوزون 193 مليوناً قبل ذلك بعام واحد.
فالقارة السمراء، تُصَنَّف كما يؤكد الخبراء، من بين المناطق الأكثر عرضة للخطر عالمياً، على صعيد شُح الغذاء، وذلك على وقع تضافر تبعات ظواهر ومشكلات من بينها، التغير المناخي، وتواصل الاضطرابات والصراعات السياسية والعسكرية في الكثير من بُلدانها، وكذلك تصاعد الأزمات الاقتصادية في أراضيها.
ويشير الخبراء، إلى أن التأثيرات المُدمرة لهذه العوامل التي تشهدها أيضاً مناطق أخرى من العالم، تبدو أكثر وضوحاً في أفريقيا، على ضوء اعتماد نسبة هائلة من السكان هناك، على الواردات من الخارج، وهو ما يُعرضهم على نحو أكبر، للتقلبات الراهنة في الأسواق العالمية، سواء بفعل أزمة أوكرانيا، أو جراء ما خَلَّفه تفشي وباء «كورونا» قبل سنوات، من مشكلات ضربت سلاسل التوريد الدولية.
كما أن كثيراً من الأفارقة، يعتمدون على العمل في قطاع الزراعة لكسب قوت يومهم، ما يعني تأثرهم بشكل يفوق غيرهم من سكان العالم الآخرين، بتبعات ظاهرة تغير المناخ، وما ينجم عنها من أحداث جوية متطرفة، مثل الجفاف والفيضانات، وهو ما يُقلص الإنتاجية الزراعية بمعدلات تُنذر بالخطر، خاصة في مناطق مثل القرن الأفريقي، التي تتعرض لموجة جفاف تبدو الأسوأ من نوعها، منذ عقود طويلة.
ويقود هذه العوامل، وفقا لما شدد عليه خبراء تابعون لمنظمة «التحالف من أجل العمل الطبي الدولي» الإنسانية، إلى أن تفتقر شرائح واسعة النطاق من السكان في أفريقيا، لكميات الطعام الكافية لهم، بما يفاقم معدلات سوء التغذية المتفشية هناك من الأصل، ويزيد من عدد الأطفال الذين يعانون تأخر النمو وأمراضاً أخرى، مما يقلص بالتبعية من إنتاجيتهم الاقتصادية، في سنواتهم اللاحقة كبالغين.
وفي تقرير نشره موقع «ريليف ويب» التابع للأمم المتحدة، أكد الخبراء أن الزيادة الهائلة في عدد من يعانون الجوع في أفريقيا، يعني أن هذه القارة تواجه في الوقت الحالي «حالة طوارئ غذائية»، تهدد حياة الملايين ممن يعيشون بين جنباتها، على وقع اتساع رقعة أزمة نقص الغذاء هناك، بوتيرة متسارعة.
ويوجب ذلك، كما قال مومني كيندا الرئيس التنفيذي لمنظمة «التحالف من أجل العمل الطبي الدولي»، تعزيز المساعدات الإنسانية الدولية الموجهة للدول الأفريقية، خاصة الفئات الأكثر هشاشة في مجتمعاتها، بهدف تقليص المخاطر التي تهدد حياة المنتمين لهذه الشرائح جراء شُح الغذاء من جهة، وللحيلولة دون أن تزيد أزمة انعدام الغذائي، حالة عدم الاستقرار الاقتصادي الموجودة من الأساس في تلك البلدان، من جهة أخرى.
