الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

البرلمان البريطاني.. بيت الديمقراطية

البرلمان البريطاني.. بيت الديمقراطية
13 مايو 2023 01:27

أحمد مراد (القاهرة)

قبل نحو 800 عام، شهدت المملكة المتحدة انطلاق البدايات الأولى لأعرق وأقدم المجالس النيابية والتشريعية في التاريخ، ومع مرور الزمن تطورت آليات عمل البرلمان البريطاني حتى أصبح المؤسسة التشريعية الأهم والأشهر في أوروبا، وأحد أبرز بيوت الديمقراطية في العالم.
800 عام
يُعد البرلمان البريطاني أقدم المجالس النيابية في العالم، حيث تأسس قبل القرن الثاني عشر الميلادي، واستخدمت كلمة البرلمان في إنجلترا لأول مرة في عام 1236 لوصف الاجتماع الاستشاري للملك.
وفي عهد الملك هنري الثالث، وبالتحديد خلال عام 1258، تم إقرار اتفاقية تتضمن مقترحات بانعقاد اجتماعات منتظمة للبرلمان ثلاث مرات في العام، وضم 12 ممثلاً للمقاطعات من غير النبلاء.
ومع تولي الملك إدوارد الأول الحكم في عام 1272، تطور عمل البرلمان وتحول إلى ما يشبه مؤسسة، وأصبح انعقاده بشكل منتظم بمعدل مرتين في السنة، وفي عام 1295 انعقد البرلمان لأول مرة بحضور ممثلين عن كل مقاطعة وبلدة.
وفي الفترة بين عامي 1329 و1341، كان ممثلو الشعب والنبلاء والملك يجلسون سوياً في قاعة واحدة تُسمى مجلس العموم، لكن ممثلي الشعب في المجلس انفصلوا بعد ذلك عن النبلاء الذين أصبح لهم مجلس آخر بالبرلمان يُسمى مجلس اللوردات، وهنا أصبح البرلمان البريطاني يضم مجلسين، مجلس العموم، ومجلس اللوردات.
وفي عهد الملك تشارلز الثاني، وتحديداً في عام 1660، تطور مفهوم الملكية في بريطانيا، وأصبحت ملكية دستورية، بعدما تم سحب سلطات الحكم من الملك ومنحها للبرلمان المنتخب، ومع مرور الزمن توسع الدور السياسي والتشريعي للبرلمان تدريجياً، حتى أصبح أعلى كيان حكومي والمؤسسة والهيئة التشريعية الأعلى في بريطانيا.
650 عضواً في «العموم»
يوصف مجلس العموم بأنه الغرفة الأولى للبرلمان البريطاني، ويتألف من 650 عضواً منتخباً، ويتشكل كل 5 سنوات، ويضم ممثلين عن إنجلترا، واسكتلندا، وويلز، وأيرلندا الشمالية، وتحظى إنجلترا بـ 529 مقعداً، واسكتلندا 59 مقعداً، وويلز 40 مقعداً، وأيرلندا الشمالية 18 مقعداً.
ويمثل مجلس العموم أعلى سلطة تشريعية في بريطانيا، والحزب الذي يحصد أغلبية مقاعده في الانتخابات التشريعية يشكل الحكومة بطلب من الملك، وبحسب تقاليد الدستور البريطاني فإن غالبية وزراء الحكومة ورئيس الوزراء هم أعضاء في مجلس العموم، ورئيس الوزراء هو رئيس الأغلبية الحزبية بالمجلس، وبإمكان أعضائه تقديم طلب سحب الثقة من الحكومة.
740 عضواً في «اللوردات»
يُعد مجلس اللوردات الغرفة الثانية للبرلمان البريطاني، وهو مكمل لعمل مجلس العموم المنتخب، ويشاركه في مهمة صياغة القوانين والتدقيق، ومراجعة عمل الحكومة وقراراتها، ومتابعة تنفيذ التوصيات والتشريعات، ولكنه أقل سلطة من مجلس العموم.
ويتألف مجلس اللوردات من 740 عضواً معيناً، وينقسمون إلى صنفين، الأول لوردات روحيون وهم الأساقفة ومسؤولو الأديرة، والثاني يضم من يحمل لقب نبيل ودوق وبارون، ويتم تعيين الأعضاء من قبل الملك، ورئيس الوزراء، وبعض الهيئات المستقلة، وبعضهم من النبلاء بالوراثة، وبعضهم من ذوي الخبرات، وفي الفترة الأخيرة تم تقليص حصة المعينين بالوراثة لصالح ذوي الخبرات. ويتمثل الدور الأساسي لمجلس اللوردات في دراسة القوانين بعد موافقة مجلس العموم عليها، ويمكن له أن يطرح تعديلات عليها، ولكن لا يعترض على المبادئ الأساسية الخاصة بها، وله الحق في طلب التأجيل، ولكن لا يستطيع أن يلغي قانوناً أقره مجلس العموم.
رئيس بلا صوت
يُعد منصب رئيس مجلس العموم أعلى سلطة في البرلمان البريطاني، وهو المسؤول عن كل ما يحدث تحت قبة المجلس، ويتولى مهام تسيير أعمال المجلس، وضمان احترام الأحزاب للقوانين والأعراف البرلمانية السائدة، وعدم خرقها بأي شكل من الأشكال.
وبحسب التقاليد البرلمانية البريطانية، يتم إعادة انتخاب رئيس مجلس النواب لدورة ثانية بمجرد رغبته في ذلك، ورغم أحقية المجلس في رفض إعادة الترشيح، إلا أن هذا لم يحدث أبداً في تاريخ البرلمان البريطاني.
ويقتضي العرف البرلماني عند انتخاب النواب لرئيس المجلس أن يُسحب الرئيس من بين الحاضرين ويقاد إلى كرسي الرئاسة، ويجب على رئيس المجلس عند انتخابه أن يتوقف عن تمثيل الحزب الذي ينتمي إليه في البرلمان، ولا يحق له المشاركة في التصويت أو الإدلاء برأيه أو الاشتراك في المناقشات إلا لأغراض تنظيمية.
«وستمنستر».. قصر العراقة
يشتهر البرلماني البريطاني باسم «قصر وستمنستر»، وهو من أعرق المباني في بريطانيا، وأحد المباني الأكثر شهرة في العالم، ويقع وسط مدينة لندن على بعد أمتار عدة من مكتب رئيس الوزراء البريطاني.
وفي السابق، كان مبنى البرلمان أحد القصور الملكية، ويتضمن غرفتين، الأولى باللون الأخضر، خاصة بمجلس العموم، والثانية باللون الأحمر، خاصة بمجلس اللوردات.
صولجان الملك
يوجد في مجلس العموم البريطاني صولجان يُعد رمزاً للسلطة الملكية، ويعود تاريخه إلى عهد الملك تشارلز الثاني في القرن السابع عشر الميلادي، ويبلغ طوله 5 أقدام، وهو مصنوع من الفضة المطلية بالذهب.
وتقضي التقاليد البرلمانية ألا يُسن أي قانون جديد داخل قبة مجلس العموم إلا في وجود الصولجان الذي يُحمل إلى قاعة المجلس قبل الانعقاد في مقدمة موكب رئيس المجلس، ويوضع على طاولة المجلس حال انعقاد الاجتماعات، بينما يوضع تحت الطاولة عند مناقشة الأمور المالية، دلالة على اختصاص البرلمان وحده بهذا الشأن دون السلطة الملكية.
ويغيب الصولجان عن المجلس إذا قدم الملك شخصياً إلى مبنى البرلمان، وهناك موظف مختص برعايته، حيث يجلبه كل يوم إلى قاعة المجلس، ويرفعه مع انتهاء الجلسات.
صلاحيات ومهام
بحسب الدستور البريطاني، فإن البرلمان يمثل السلطة التشريعية والقانونية العليا بالمملكة المتحدة، وتتعدد الصلاحيات والمهام المسندة للبرلمان وأعضائه، ومن أبرزها إصدار جميع القوانين الجديدة المتعلقة بكل شؤون المواطنين، والعمل دائماً على متابعة القوانين التي تم تشريعها من خلال مراقبة عمل الحكومة، واللجوء إلى مساءلتها عند التجاوزات، والنظر في كل تفاصيل المهام المسندة للوزارات، مع اتخاذ القرارات بشأنها من قبل أعضاء البرلمان. إلى جانب النظر في كيفية إنفاق الضرائب، والنظر في أهم القضايا التي تؤثر في حياة الناس، وتأتي قضايا الصحة والتعليم والنقل والبيئة، وتوفير فرص عمل للشباب وفتح مدارس جديدة، والعمل على تطوير وتعديل أداء المدارس، في مقدمة القضايا المجتمعية التي يناقشها البرلمان البريطاني بغرفتيه.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©