الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

حضور إماراتي رائد على طاولة «أسبوع الوئام العالمي بين الأديان»

حضور إماراتي رائد على طاولة «أسبوع الوئام العالمي بين الأديان»
2 فبراير 2023 01:24

دينا محمود (لندن)

لا يخلو ملف من الملفات الرئيسة المطروحة للنقاش، خلال فعاليات أسبوع الوئام العالمي بين الأديان الذي تحتفي به شعوب الأرض بأسرها سنوياً، على مدار الأيام السبعة الأولى من شهر فبراير، من مساهمة بارزة وريادية للإمارات، بما يؤكد الدور القيادي الذي تضطلع به الدولة على مختلف الصُعُد المتعلقة بهذا الحدث الذي يتم إحياؤه سنوياً، بموجب قرار أصدرته الأمم المتحدة عام 2010. ففي عالم لا يزال يتعافى من وباء، عُدَّ الأكثر فتكاً منذ نحو قرن واجتاح مختلف أنحاء المعمورة على مدى نحو ثلاث سنوات ولم تنته آثاره بعد، تهيمن تبعات جائحة كورونا، وبشكل كبير، على قائمة أبرز الموضوعات الجاري بحثها في غمار هذا الأسبوع الفريد من نوعه الذي سبق له منذ بدء إحيائه، مطلع العقد الماضي، التطرق إلى قضايا حياتية متنوعة، ترتبط على نحو وثيق، بتحقيق الوئام والتناغم بين المؤمنين بالأديان المختلفة في العالم.

ما بعد كورونا
تبرز الجهود الإماراتية المخلصة والدؤوبة، على صعيد التعامل مع القضايا موضع البحث خلال ذلك الأسبوع، ومن أبرزها، المخاوف التي تسود العالم من إمكانية مواجهة وباء جديد، يقول خبراء إنه قد يكون حتمياً، ما يؤكد أهمية الاستراتيجيات التي تتبناها دولة الإمارات بالفعل، للتعامل مع مرحلة ما بعد «كوفيد -19»، عبر خطط ومبادرات، تستهدف الاستعداد المبكر، لكبح جماح أي تفشٍ فيروسي كارثي كذاك الذي ضرب العالم في مطلع عام 2020.
فعلى المستوى الداخلي، سارعت الإمارات لإجراء تغييرات جوهرية على هيكلها الحكومي، بهدف خلق نُظم إدارية أكثر مرونة، تواكب المتغيرات التي فرضتها فترة الوباء، بما تضمن على سبيل المثال، إلغاء 50% من مراكز الخدمة الحكومية، وتحويلها لمنصات رقمية، خلال عامين.  وقبل شهور من بدء بحث ملف مخاطر الأوبئة المستقبلية في إطار أسبوع الوئام العالمي بين الأديان، أطلقت الدولة استراتيجية الإمارات للخدمات الحكومية التي ترمي لتقديم خدمات رقمية متطورة، وتحسين فعاليتها وجعلها آلية بشكل كامل، لكي يتسنى لها أن تصل إلى المستفيد منها، في أي مكان، وعلى مدار الساعة، دون اختلاط قد يقود لحدوث عدوى فيروسية.
فضلاً عن ذلك، احتضنت الإمارات فعاليات بحثية، تناولت سبل التعامل مع أي مخاطر وبائية في المستقبل، مثل الملتقى الذي استضافته أبوظبي منتصف العام الماضي، تحت عنوان «استشراف مستقبل الأوبئة المستقبلية والمخاطر البيولوجية»، والذي استهدف تحديد طبيعة المخاطر والتهديدات البيولوجية التي قد تواجه الدولة، بما يسهم في تعزيز مرونة قطاعاتها، وتدعيم قدرتها، على درء المخاطر والتخفيف من تداعياتها.
أما خارجياً، فقد تعهدت الإمارات بتقديم 60 مليون دولار أميركي لدعم الجهود العالمية المبذولة للقضاء على جائحة كورونا، والاستعداد للتعامل مع الأوبئة الصحية المحتملة في المستقبل، بما في ذلك ما قد ينجم عن انتشار متحورات «كوفيد- 19»، وهو ما مَثَلَّ امتداداً للإسهامات الإماراتية في محاربة الوباء نفسه، والتي تجسد جانب منها في تسخير الدولة مختلف إمكانياتها اللوجستية لتزويد 136 دولة حول العالم بالموارد الطبية اللازمة لمواجهة الجائحة.
وفي سياق الإعلان عن هذا التعهد الذي تُسلَّط عليه الأضواء بالقطع في سياق نقاشات أسبوع الوئام العالمي بين الأديان، أكدت معالي ريم بنت إبراهيم الهاشمي، وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي، التزام الإمارات الدائم وعملها المستمر، جنباً إلى جنب مع المجتمع الدولي، من أجل التصدي لأي تهديدات مستقبلية من الأوبئة والأمراض التي يمكن أن تهدد البشرية، وتمثل خطراً على النظام الصحي العالمي.
 وشكل ذلك التعهد تأكيداً إضافياً على إيمان دولة الإمارات بضرورة العمل المشترك، وتكامل الجهود المبذولة على مستوى الأنظمة الصحية الوطنية والدولية لدعم القدرات العالمية الهادفة للصمود المستقبلي في وجه أي تهديدات وبائية، وذلك تنفيذاً لتوجيهات القيادة الرشيدة التي تشدد على أهمية مواصلة تنسيق المساعي الرامية، لتعزيز قيم التضامن الإنساني، والتكاتف مع كل من يحتاج إلى الدعم.

مخاطر الكوارث الطبيعية
بجانب ذلك، تحتل ظاهرة التغير المناخي، وتبعاتها المختلفة عالمياً، موقعاً متقدماً، على أجندة البحث، خلال فعاليات أسبوع الوئام العالمي بين الأديان لهذا العام، خاصة في ظل ما تفضي إليه هذه الظاهرة من كوارث طبيعية، يُرجح تفاقمها في المرحلة المقبلة، بما يزيد حدة الفقر بين البشر، ويُخلِّف تأثيرات شديدة الوطأة على صحتهم وأحوالهم المعيشية أينما كانوا على سطح الأرض. ويتفق المشاركون في النقاشات الخاصة بهذا الملف في سياق أسبوع الوئام، على أن الإمارات، تتبوأ منذ عقود، موقعاً رائداً في صدارة الجهود العالمية، للتعامل مع الآثار المدمرة للكوارث الطبيعية، ما جعلها على الدوام، عاصمة للإنسانية، وسنداً لا غنى عنه للملايين من المتضررين من الأعاصير والعواصف العاتية والزلازل المدمرة والفيضانات الهائلة التي تسارعت وتيرتها، واتسع نطاق أضرارها، على نحو غير مسبوق، خلال السنوات القليلة الماضية. ويحفل السجل الإماراتي الناصع في هذا الشأن، بصفحات لا حصر لها، توثق أيادي الدولة البيضاء، على المنكوبين في شتى أنحاء الأرض، بالكوارث الطبيعية المختلفة، وهو ما يسهم في ترسيخ دعائم التناغم والوئام، عبر العالم.فعلى مدار العام الماضي وحده، سيّرت دولة الإمارات جسوراً إنسانية متعددة، لدول ضربتها فيضانات وزلازل وسيول مدمرة في شتى قارات العالم، من بينها السودان وباكستان وأفغانستان وجنوب أفريقيا، ونيجيريا، فضلاً عن الدعم الإغاثي المتواصل والمطرد لبلدان تجتاحها موجات جفاف شديدة مثل الصومال. 
ومن شأن هذا الدعم الإماراتي الإنساني السخي الذي بلغ إجماليه في الفترة ما بين مطلع 2021 وحتى منتصف أغسطس 2022 نحو 13 مليار درهم، أن يصب وبشكل مباشر، في مصلحة تعزيز دعائم التسامح والتعايش بين الأعراق والثقافات والمعتقدات المختلفة، بما يلبي متطلبات الوئام بين الأديان، هذا الهدف السامي الذي يحتفي الملايين حول العالم هذا الأسبوع، بالأسبوع الخاص به. فمن بين الشواغل التي تؤرق المحتفين بذلك الأسبوع، تلك التقديرات الصادمة التي كشف عنها البنك الدولي النقاب، وأفادت بأن عدد من يعانون الفقر المدقع في العالم بلغ العام الماضي، قرابة 685 مليون شخص، أي ما يصل إلى نحو 8.5% من إجمالي سكان المعمورة.
وفي منطقة مثل القرن الأفريقي، أدى الجفاف السائد هناك منذ سنوات عدة، إلى أن يواجه ما يربو على 5.7 مليون طفل، سوء التغذية الحاد، بما يبرز أهمية وفوائد استراتيجية «الأخوة الإنسانية» التي تنتهجها الإمارات، وتُعنى من خلالها، بكل ما هو خير للبشر، دون التمييز بينهم، على أساس العرق أو الدين، أو الموقع الجغرافي.

تبعات التغير المناخي
لا تنفصل هذه الاستراتيجية التي جعلت الإمارات أكبر دولة مانحة في العالم نسبة لدخلها القومي، عن خططها الطموحة للتعامل مع ظاهرة «التغير المناخي» نفسها التي تشكل أحد البنود الرئيسة لأجندة النقاش، خلال أسبوع الوئام العالمي بين الأديان لعام 2023.
فجهود الدولة على هذا المضمار، والتي كانت قد تُوِجَّت بإعلان «المبادرة الاستراتيجية للسعي نحو تحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050»، تحظى بتقدير دولي رفيع المستوى، تجسد في اختيار الإمارات، بلداً مُضيّفاً لمؤتمر «الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي»، المعروف اختصاراً بـ «كوب 28»، والذي سيُعقد في وقت لاحق من العام الجاري. ويكتسب هذا المؤتمر أهميته، من كونه سيركز على سبل تضافر الجهود الدولية لتنفيذ الالتزامات والتعهدات المناخية، وكذلك كيفية اتخاذ إجراءات عملية ملموسة، لضمان مستقبل مستدام للبشرية. كما أن «كوب 28» سيشهد كما هو مقرر، إجراء أول عملية تقييم على مستوى العالم، للخطوات التي قطعتها الدول المختلفة، للوفاء بما هو منوط بها بمقتضى اتفاق باريس للمناخ الذي تم التوصل إليه عام 2015، وكانت الإمارات أولى دول المنطقة التي تُصادَّق عليه. وتعكس النظرة الاستشرافية التي تتبناها دولة الإمارات في هذا المجال، إدراك قيادتها الحكيمة، أهمية التكاتف والتعاضد بين مختلف دول العالم لمواجهة المخاطر التي تُحدق بالبشرية، وذلك في سياق اضطلاع الدولة، بدور هو الأبرز على الإطلاق، على صعيد تعزيز وتكريس مبادئ الحوار والتفاهم والتعايش، بما يوطد دعائم الوئام بين الأديان، لا سيما وأنها شهدت عام 2019، إطلاق «وثيقة الأخوة الإنسانية» التي وقعها شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وبابا الفاتيكان، برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وهو ما مَثّل حدثاً تاريخياً فريداً من نوعه، بكل المقاييس.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©