الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الحكومة اللبنانية والمصرف المركزي: لم نفلس

زينة معلقة في أحد شوارع صيدا بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك (أ ف ب)
5 ابريل 2022 01:27

شعبان بلال (بيروت، القاهرة) 

نفى رياض سلامة حاكم مصرف لبنان المركزي، أمس، إفلاس البنك الذي يقوده منذ 30 عاماً، وقال إن البنك لا يزال مستمراً في أداء دوره الموكل له، بموجب القانون، رغم خسائر القطاع المالي. جاءت تصريحات المحافظ، في بيان، رداً على ما يبدو على نائب رئيس الوزراء الذي قال، أمس الأول، إن كلاً من الدولة والبنك المركزي قد أفلسا.
ويمر لبنان بثالث عام من الانهيار المالي الناجم عن عقود من الفساد والسياسات السيئة، التي أدت إلى فقد العملة أكثر من 90 في المئة من قيمتها، كما منعت البنوك معظم المدخرين من الوصول إلى حسابات بالعملات الصعبة. وقدرت مسودة خطة حكومية للإنقاذ المالي، في وقت سابق من العام الجاري، وجود فجوة بحوالي 70 مليار دولار في القطاع المالي.
وتراجع الحكومة الخطة في إطار محادثات مع صندوق النقد الدولي، الذي تسعى للحصول على برنامج مساعدات منه.
وقال نائب رئيس الوزراء سعد الشامي خلال مقابلة، أمس الأول، إن الدولة مفلسة وكذلك المصرف المركزي.
وقال الشامي، أمس، لمحطة «أو تي في» التلفزيونية المحلية، إنه كان يتحدث عن عدم قدرة الدولة على المساهمة، بشكل كبير، في سد خسائر القطاع المالي، بما يعني أنه ليس لديها سيولة.
وقال بيان سلامة: «ما يتم تداوله حول إفلاس المصرف المركزي غير صحيح». وأضاف إن مصرف لبنان لا يزال يمارس دوره الموكل إليه بموجب المادة 70 من قانون النقد والتسليف، التي تنص على أن البنك مكلف بالحفاظ على سلامة العملة اللبنانية والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي.
وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن الاقتصاد اللبناني انكمش بنحو 60 في المئة بين عامي 2019 و2021، فيما وصفه بأنه أحد أسوأ الأزمات المالية في العصر الحديث.
ورداً على سؤال عن تصريحات الشامي في وقت سابق أمس، قال رئيس الوزراء نجيب ميقاتي إنه يعتقد أن نائبه كان يتحدث عن السيولة وليس الملاءة المالية، بحسب بيان صادر عن مكتبه.
وأربك إعلان نائب رئيس الحكومة اللبنانية سعادة الشامي إفلاس بلاده ومصرف لبنان المركزي، الشارع والاقتصاد اللبناني، وسط مخاوف من تأثيرات هذه التصريحات خلال الفترة المقبلة على هذا البلد الذي يُعاني اقتصادياً. 
وقال خبراء ومحللون اقتصاديون إن «الحكومة اللبنانية لم تعلن رسمياً إفلاس الدولة والبنك المركزي كما يتردد عبر الإعلام»، موضحين أن لبنان يعيش بالفعل حالة إفلاس واقعية منذ سنوات. 
وأكد الخبير الاقتصادي اللبناني، محمد زبيب، أن حكومة بلاده لم تعلن ذلك رسمياً، بل إن نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي أقرّ في مقابلة تلفزيونية، بما كان المسؤولون في لبنان يتفادون الحديث عنه بصراحة، موضحاً أن الدولة والجهاز المصرفي، البنك المركزي والبنوك التجارية، في حالة إفلاس واقعية منذ أواخر عام 2019.  وأضاف لـ«الاتحاد»، إنه في أكتوبر 2019 توقفت البنوك عن الدفع، وفرضت قيوداً جائرة على السحب من الودائع والتحويلات، وفي مارس 2020 قرر مجلس الوزراء تعليق تسديد سندات الدين بالعملات الأجنبية، وكذلك عمد مصرف لبنان إلى اتخاذ إجراء يقضي بتسديد نصف الفوائد على ديونه بالعملات الأجنبية بالعملة المحلية التي يتولى طبعها، وغيرها من الإجراءات الأخرى. 
وأوضح زبيب أن هذه الإجراءات مثلت إعلاناً ضمنياً عن انهيار النظام المصرفي وإفلاسه، ونهاية حقبة طويلة من تمويل عجز المالية عبر الجهاز المصرفي المحلي، إلا أن حالة الإنكار استمرت طوال الفترة الماضية. 
ويشترط صندوق النقد الدولي، حسب الخبير الاقتصادي اللبناني، الاعتراف بالخسائر ووضع خطة لتوزيعها قبل الاتفاق على برنامج تمويل معه، ولذلك جاء تصريح الشامي حول إفلاس الدولة والبنك المركزي في هذا السياق، ولا سيما أن الشامي هو رئيس الفريق اللبناني المفاوض لصندوق النقد الدولي. 
وأشار زبيب إلى أن حديث الشامي يوضح عدم القدرة على الاستمرار في حالة إنكار، وبالتالي صارح أصحاب الودائع في البنوك أن «الإفلاس» واقع، ولا يمكنهم السحب من ودائعهم ولا بد من توزيع الخسائر، موضحاً أن السبب وراء هذه التصريحات هو الصراع الجاري بين الأطراف المعنية بتحمّل الخسائر، ووجود عمل دؤوب لتحميل القسط الأكبر منها إلى الشعب اللبناني وأصحاب الودائع الصغيرة والمتوسطة. 
ويعتبر لبنان من بين 6 دول أعلنت عدم قدرتها على خدمة ديونها وطلبت مساعدات من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وهي جزر المالديف وزامبيا والإكوادور ورواندا والأرجنتين والبرازيل. 
من جهته، رأى الأكاديمي اللبناني بشير عصمت أن تصريحات الشامي حول الإفلاس بمثابة تمهيد لتدابير أشد قساوة على معيشة الناس للتعامل مع متطلبات صندوق النقد الدولي، مشيراً إلى أن موجودات وممتلكات الدولة والبنك المركزي لا تشير إلى ذلك، لاسيما بالنظر إلى موجودات الذهب والاحتياطي الإلزامي، والسكة الحديد وشركة الكهرباء وغيرها، بخلاف ممتلكات البنوك والنقد المحتجز داخلها من أموال المودعين. 
وأوضح لـ«الاتحاد» أن بدلاً من التهويل بالإفلاس كان بإمكان نائب رئيس الحكومة، وهو رئيس مفاوضي صندوق النقد الدولي، دعوة الحكومة إلى اتخاذ إجراءات لاستعادة الأموال التي جرى تهريبها من 2017 إلى البنوك الدولية. 
وأشار الأكاديمي اللبناني إلى أن هذه التصريحات تؤكد الاتجاه إلى خصخصة ممتلكات الدولة وصرف الموظفين بأبخس التكاليف، مشدداً على أن ذلك تهديد بالجوع، ويمثل مزيداً من استفحال الأزمة المعيشية. 
وتفاقمت الأزمة الاقتصادية اللبنانية نتيجة حالة عدم الاستقرار السياسي وارتفاع أسعار البنزين وغلاء المعيشة وارتفاع نسبة البطالة، خصوصاً مع جائحة فيروس كورونا. 
واتفقت أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس المصرية، يمن الحماقي، حول أن تأثير البعد السياسي باعتباره ركيزة أساسية لتحسين أداء الاقتصاد اللبناني الذي وصل إلى مرحلة صعبة في الأداء، مشيرة إلى تدني التحويلات وانعدام السياحة التي كانت مصدراً رئيساً للاقتصاد هناك. 
 وأوضحت الحماقي لـ«الاتحاد»، أن الأمل منعقد على دخول أطراف دولية لدعم لبنان بحزمة إصلاحية ومتابعة الأداء، مضيفة إن ذلك قد يُعطي بصيصاً من الأمل، لكنه لا يضمن تحقيق الأهداف المطلوبة. 
وأشارت أستاذة الاقتصاد إلى أن الحكومة اللبنانية قدمت خطة جديدة إلى صندوق النقد الدولي، واعترفت فيها بوجود خسائر في الجهاز المصرفي بقيمة تتجاوز 69 مليار دولار، وجرى الحديث عن خسائر بقيمة 73 مليار دولار.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©