الأربعاء 15 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

العاهل البحريني.. مسيرة حافلة بالإنجازات

حمد بن عيسى آل خليفة
17 ديسمبر 2021 00:43

أحمد مراد (القاهرة)

تتزامن احتفالات مملكة البحرين باليوم الوطني الـ50 مع الذكرى الـ22 لتولي عاهل البحرين، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، مقاليد الحكم، إيذاناً ببدء مرحلة جديدة حافلة بالإنجازات في تاريخ المملكة.
وخلال مسيرة حكم رشيد، حقق عاهل البحرين، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عشرات الإنجازات والنجاحات على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدبلوماسية والثقافية.

ولاية العهد
بدأت مسيرة إنجازات الملك حمد بن عيسى منذ توليه ولاية العهد في السابع والعشرين من يونيو عام 1964، فقد وضع خطة لإنشاء قوة دفاع البحرين التي تم تعزيزها ببراءة أميرية في أوائل أغسطس عام 1968، وتولى منصب القائد العام للقوة، فضلاً عن تعيينه رئيساً لمديرية الدفاع.  كما عُين عضواً في مجلس الدولة الذي تأسس في يناير 1970، وفي أعقاب استقلال البحرين في 14 أغسطس عام 1971، وتشكيل مجلس الوزراء عُين وزيراً للدفاع. 
وأولى الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، خلال فترة توليه ولاية العهد، اهتماماً خاصاً بشؤون الشباب والرياضة، وبالأخص رياضة الفروسية، حيث أسس في يونيو     1977 إسطبل الخيل الأميري الذي سُجل خلال العام التالي في منظمة الخيول العربية العالمية.
ومن جانب آخر، عمل الشيخ حمد بن عيسى، خلال توليه ولاية العهد، على تعزيز وترسيخ منظومة البحوث العلمية والتكنولوجية والدراسات التاريخية، وفي هذا الإطار أسس في يناير من العام 1978 مركزاً للوثائق التاريخية يُعني بتاريخ البحرين والمنطقة، وقد جمع هذا المركز وثائق متعددة من بلدان كثيرة ذات علاقات تاريخية مع البحرين عبر العصور المختلفة. كما أسس مركز البحرين للدراسات والبحوث عام 1981، وتولى رئاسة المركز بنفسه، وحرص على المشاركة في فعالياته وأنشطته وندواته المختلفة.

برنامج إصلاحي
قضى الشيخ حمد بن عيسى نحو 35 عاماً في ولاية العهد، وبعدها وبالتحديد في السادس من مارس 1999، عُين أميراً للبحرين خلفاً لوالده الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، ووقتها كانت البحرين لا تزال إمارة. وجاء العاهل البحريني إلى سدة الحكم متبنياً برنامجاً إصلاحياً متكاملاً، فبعد عام واحد فقط من توليه الحكم، وبالتحديد في 22 نوفمبر 2000، أصدر قراراً بتشكيل لجنة وطنية لإعداد ما عُرف بـ«ميثاق العمل الوطني»، وهو عبارة عن وثيقة وطنية وتاريخية تحتوي على مبادئ عامة وأفكار رئيسية تهدف في مجملها إلى إحداث تغييرات جذرية في منهج العمل والأداء بالبلاد.
وطُرح مشروع «ميثاق العمل الوطني» للاستفتاء يومي 14 و15 فبراير 2001، ووافق عليه البحرينيون بنسبة تجاوزت ال98ـ في المئة، وبموجبه انطلق البرنامج الإصلاحي الذي تبناه الملك حمد بن عيسى، وفي هذا الإطار جرى إعادة إحياء الحياة السياسية والديمقراطية في البحرين من جديد بعد أن توقفت عام 1975، وتزامن الأمر مع إحداث تغييرات جذرية في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

أول ملك
بعد مرور عام واحد فقط على تدشين ميثاق العمل الوطني، جرت عملية إصلاحية أخرى بتعديل دستور البلاد، الأمر الذي كرس العديد من المكتسبات الوطنية والحقوق الإنسانية تحت مظلة دستور عصري يواكب تطورات الحضارة العالمية المعاصرة.
وفي الرابع عشر من فبراير 2002، أعلن الشيخ حمد بن عيسى تحول البحرين من إمارة إلى مملكة دستورية، وأصبح هو أول ملك في تاريخ مملكة البحرين.
وفي أبريل 2002، جرت انتخابات المجالس البلدية، وفي أكتوبر من العام نفسه، عقدت انتخابات مجلس النواب الذي انعقدت أولى جلساته في الرابع عشر من ديسمبر 2002 لتعود المسيرة الديمقراطية من جديد في المملكة.
وفي إطار البرنامج الإصلاحي الذي تبناه الملك حمد بن عيسى آل خليفة، شهدت مملكة البحرين طفرة غير مسبوقة في مجال القضاء عبر دخول المملكة في دائرة القضاء الدستوري لأول مرة من خلال إنشاء المحكمة الدستورية في العام 2002، لتكون أول جهة قضاء دستوري متخصص عرفته المملكة تختص بمراقبة دستورية القوانين واللوائح، وفي العام نفسه تشكل أيضاً المجلس الأعلى للقضاء للحفاظ على الحقوق والحريات والممتلكات العامة والخاصة بمقتضى الدستور والقانون. وعلى مدى عقدين، تواصلت المسيرة الديمقراطية في مملكة البحرين وفقاً لمبادئ البرنامج الإصلاحي المتكامل الذي وضعه الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وقد اُجريت خلال الفترة من 24 نوفمبر وحتى الأول من ديسمبر العام 2018، خامس انتخابات نيابية وبلدية، وشهدت هذه الانتخابات أعلى نسبة مشاركة في تاريخ المملكة، حيث بلغت ما يقارب 67% بالنسبة للانتخابات النيابية، وما يقارب 70% للانتخابات البلدية، وهو معدل قياسي لم تشهده البحرين من قبل.

بنية حديثة
بالتوازي مع برنامج الإصلاح السياسي الذي تبناه الملك، عمل أيضاً على تنفيذ خطط إصلاحية أخرى في القطاع الاقتصادي من خلال تأسيس بنية اقتصادية حديثة ومتنوعة ساهمت بشكل كبير في تعزيز مكانة المملكة إقليمياً وعالمياً عبر تحولها إلى مركز تجاري ومالي وسياحي مهم في منطقة الشرق الأوسط. 
وكان الملك حمد بن عيسى أطلق في أكتوبر 2008 الرؤية الاقتصادية لعام 2030 التي جاءت بمثابة خريطة طريق مستقبلية، وتضمنت العديد من الأفكار والخطط لتطوير اقتصاد المملكة وتحسين المستوى المعيشي لمواطنيها.
وعملت الرؤية الاقتصادية 2030 على بلورة رؤية حكومية متكاملة للمجتمع والاقتصاد، وركزت على 3 مبادئ أساسية تتمثل في التنافسية، والعدالة، والاستدامة. ومن خلال هذه الرؤية، نجحت المملكة في إحراز تقدم ملحوظ في عملية الإصلاح الاقتصادي، وزيادة كفاءة أداء الجهات الحكومية، الأمر الذي جعل اقتصاد المملكة واحداً من أكثر الاقتصادات الخليجية تنوعاً.
وشهدت مملكة البحرين خلال الـ20 عاماً الأخيرة ارتفاعاً في دعم القطاعات غير النفطية للناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى تنمية ثروات النفط والغاز الطبيعي، وإقامة مؤسسات حديثة ومتطورة في صناعات الألمنيوم والبتروكيماويات والصناعات المعدنية والهندسية والغذائية والدوائية، مع وجود 11 منطقة صناعية، وبنية تشريعية متقدمة ومحفزة للاستثمار، ومنها قوانين الشفافية، ومكافحة الفساد، وتسهيل منح التراخيص.
كما نجحت مملكة البحرين خلال العقدين الماضيين في تأسيس بنية تحتية متطورة، حيث تمتاز ببيئة اتصالات حديثة، وبنية تحتية للنقل والمواصلات، فضلاً عن توفر العمالة الماهرة والمدربة، وإبرام العشرات والمئات من الاتفاقيات الدولية مع غالبية دول العالم تتيح فرصاً استثمارية ضخمة. وفي سياق النجاحات والإنجازات الاقتصادية التي حققتها مملكة البحرين، تحولت إلى مركز تجاري ومالي متخصص للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، حيث نجحت في جذب المئات من البنوك والشركات الاستثمارية في مختلف القطاعات، فضلاً عن تحولها إلى مركز إقليمي للكثير من الشركات متعددة الجنسيات التي تقوم بأعمال تجارية في منطقة الشرق الأوسط. وفي السنوات القليلة الماضية، دشنت مملكة البحرين برنامجاً ضخماً يهدف إلى تحقيق التوازن بين المصروفات والإيرادات الحكومية بحلول عام 2022 يتضمن مجموعة من المبادرات لخفض المصروفات، وزيادة الإيرادات الحكومية، واستمرارية التنمية، ومواصلة استقطاب الاستثمارات.
وفي إطار خطط التطوير الشامل التي يتبناها الملك حمد، يأتي الاهتمام بتعزيز آليات وبرامج الاقتصاد الرقمي، وتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاعات الإنتاجية والخدمية.
وفي ضوء الاكتشافات الكبيرة في قطاع النفط والغاز، وجه الملك حمد بتنفيذ مجموعة من المشاريع الكبرى في هذا القطاع، مثل مشروع أكبر توسعة لمصفاة شركة بابكو، وتوسعة شركة بنغاز، وافتتاح مرفأ الغاز المسال، ومشروع خط الإنتاج السادس بشركة ألبا، وتشغيل خط الأنابيب الجديد مع المملكة العربية السعودية.

معدل بطالة منخفض
خلال عهد الملك حمد بن عيسى شهدت مملكة البحرين إنجازات رائدة في إصلاح سوق العمل والتوظيف، وفي هذا الإطار صدرت عدة قوانين تنظيمية مثل قانون العمل في القطاع الأهلي رقم (36) لسنة 2012، وقانون الخدمة المدنية لسنة 2010.
وتأسست في البحرين لأول مرة النقابات العمالية بموجب المرسوم بقانون رقم (33) لسنة 2002، وهيئة تنظيم سوق العمل، وصندوق العمل المعروف بـ «تمكين»، الأمر الذي أسهم في خفض معدل البطالة من 16 في المئة عام 2006 إلى 4 في المئة عام 2014، وهو أقل من أدنى المعدلات العالمية، مع تقديم إعانات مالية للباحثين عن عمل تقدر في المتوسط بنحو 360 دولاراً شهرياً، بموجب المرسوم بقانون رقم (78) لسنة 2006، وهي خطوة غير مسبوقة عربياً.
وفيما يتعلق بالعمالة الوافدة، فقد صدرت العديد من التشريعات التي تنص على احترام حقوقها، وتضمن حرية تنقلها، وتحظر عملها وقت الظهيرة في قطاع الإنشاءات أو التنقل في السيارات المكشوفة.

شهادات دولية
بحسب شهادات دولية صادرة عن كبرى المؤسسات والوكالات الإقليمية والدولية، أسفر البرنامج الإصلاحي الذي تبناه الملك حمد بن عيسى عن العديد من الإنجازات والنجاحات، الأمر الذي جعل المملكة تحتل مراكز متقدمة في العديد من المؤشرات والتصنيفات الإقليمية والدولية.
وفي عام 2019، حافظت البحرين على مكانتها المتقدمة بين دول النخبة في تقرير التنمية البشرية العالمي، ووفقاً للتقرير السنوي لمجموعة بوسطن الاستشارية بشأن تقويم التنمية الاقتصادية المستدامة جاءت البحرين في المركز الأول عربياً، والثالث على مستوى دول الشرق الأوسط فيما يخص المؤشرات المتعلقة بالتعليم.
وفي 2018، اُختيرت مملكة البحرين كأفضل بلد في العالم من بين 68 دولة للإقامة والعمل للعمال الأجانب، وفي العام نفسه، تقدمت المملكة من المرتبة 47 إلى المرتبة 43 من بين 152 دولة شملها التقرير السنوي لمجموعة بوسطن الاستشارية بشأن مستويات الرفاهية حول العالم.
كما حققت المملكة تقدماً كبيراً في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 عبر إدماج أكثر من 78 في المئة من تلك الأهداف في برنامج عمل الحكومة.

حماية اجتماعية
حرص الملك حمد بن عيسى على تحسين المستوى المعيشي للمواطنين، وتعزيز الرفاه الاجتماعي في المجتمع البحريني، وأطلق العديد من المبادرات الملكية لتحقيق هذا الهدف، ففي 14 يوليو 2001، أصدر قراراً بإنشاء المؤسسة الخيرية الملكية لكفالة الأيتام والأرامل، وفي 2007 أصدر أمراً آخر بإعادة تنظيم المؤسسة ليكون جلالته رئيساً فخرياً لها، وتعمل المؤسسة على كفالة الأرامل والأيتام، ورعاية المسنين وذوي الهمم، وتقديم المساعدات الاجتماعية والصحية والتعليمية، والمساهمة في تخفيف الأعباء المعيشية عن الأسر المحتاجة، والمساهمة في إنشاء وتنمية المشاريع الاجتماعية والخيرية غير الربحية كدور الأيتام، ورعاية الطفولة، ومراكز المسنين، ورياض الأطفال، وتأهيل الأسر المحتاجة، ومراكز التأهيل الصحي.
وفي 2008، تأسست الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي التي وفرت مظلة تأمينية موحدة لكافة العاملين في القطاع العام والقطاع الخاص، وتسعى لتقديم أفضل الخدمات التأمينية للمواطنين وعائلاتهم.
وأسقط الملك حمد، في فبراير 2011، 25 في المئة من القروض الإسكانية، واستفاد من هذا القرار ما يقارب من 35 ألف أسرة بحرينية.

علاقات وشراكات
تبنى العاهل البحريني سياسة خارجية فاعلة ونشطة، وعمل على تعزيز مكانة المملكة على المستوى الإقليمي والعالمي عبر دبلوماسية رشيدة تقوم على ركائز وثوابت راسخة، أبرزها إقامة علاقات وشراكات مع مختلف دول العالم، والالتزام بمبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل في شؤون الدول الداخلية، وترسيخ أواصر التعاون وتشجيع الحوار بين الحضارات والثقافات والأديان، ودعم كل الجهود الساعية لتعزيز الأمن والسلم الإقليميين والدوليين.
وأولى الملك حمد عناية فائقة بجهود ترسيخ مبادئ السلام العالمي، ومن هذا المنطلق جاء حرصه على المشاركة بصفة شخصية في معظم المؤتمرات والمحافل الدولية المعنية بنشر السلام العالمي والتخفيف من معاناة الشعوب.
وعلى المستوى الخليجي، دعم الملك حمد كل الجهود الرامية إلى تعزيز التكامل والتنسيق مع دول الجوار الخليجي.

تنمية بشرية 
اهتم الملك حمد بن عيسى بالعمل على تنمية المواطن البحريني، وتعزيز ضمان حق المواطن في بيئة آمنة ومزدهرة، وحصوله على الخدمات بأعلى جودة ممكنة. وجاء الاهتمام بتنمية الموارد البشرية وتحسين أوضاعها في مقدمة أولويات الملك حمد لإيمانه بأن الإنسان هو محور التنمية الشاملة وغايتها، وجاءت الخطط المتعلقة بمجال التنمية البشرية من بين الخطط الإصلاحية التي تبناها، وفي غضون سنوات قليلة حقق العديد من الإنجازات في هذا الشأن. وبحسب تقرير التنمية البشرية لعام 2019 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حلت البحرين في المرتبة الـ 45 عالمياً من إجمالي 189 دولة. 
وكانت مملكة البحرين قد جاءت في المرتبة الـ 39 عالمياً على رأس البلدان ذات التنمية البشرية العالية والثالثة عربياً وفقا لتقرير التنمية البشرية لعام 2010 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

حقوق الإنسان
عمل العاهل البحريني على مدى العقدين الماضيين على ترسيخ مبادئ احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية والشخصية لجميع المواطنين، وفي هذا الإطار انضمت البحرين إلى 24 اتفاقية حقوقية دولية، منها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة‮، واتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية مناهضة التعذيب، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.‬‬ ومحلياً، أشرف الملك حمد على تأسيس عدة مؤسسات حقوقية مستقلة، أبرزها المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في العام 2009، ومفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، ولجنتي حقوق الإنسان بمجلسي النواب والشورى، فضلاً عن تأسيس أول أمانة عامة للتظلمات في المنطقة العربية خلال العام 2012. وفي سبتمبر من 2013، وافق مجلس جامعة الدول العربية على مقترح تقدمت به البحرين بإنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان، واُختيرت المنامة مقراً لها.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©