الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

السعودية.. سياسات متزنة ومكانة عالمية مرموقة

السعودية.. سياسات متزنة ومكانة عالمية مرموقة
22 سبتمبر 2021 01:20

أحمد مراد (القاهرة)

على مدار العقود التسعة الماضية، حرص ملوك المملكة العربية السعودية على تحقيق الإنجازات والنجاحات على مختلف المستويات، حتى غدت المملكة واحدة من أهم دول العالم سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، وخلال العقد الأخير حققت قفزات نوعية غير مسبوقة على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
وتأتي احتفالات المملكة العربية السعودية خلال العام الجاري باليوم الوطني الـ91 في ظل طفرة حضارية غير مسبوقة تعيشها المملكة، إذ قطت أشواطاً بارزة في مسيرة التنمية الاقتصادية الشاملة، عبر سلسلة من المشروعات والبرامج واستراتيجيات التنوع الاقتصادي، ودعم القطاعات غير النفطية، وتأسيس كيانات صناعية حديثة ومتطورة.
على مستوى السياسة الخارجية، ارتبطت المملكة بمكانة خارجية مرموقة، وسياسات متنزنة ومقدرة من قبل مختلف القوى العالمية ومنظمات المجتمع الدولي، وخلال العقد الأخير، استضافت المملكة عدداً من القمم الدولية والعربية والإسلامية، وزار السعودية قادة وزعماء كبريات دول العالم، جاء على رأسهم الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي زار الرياض في مايو من عام 2017، في أول زيارة رسمية خارجية له منذ تسلمه منصبه، وخلال هذه الزيارة عُقدت ثلاث قمم، وهي: القمة السعودية - الأميركية، والقمة الأميركية - الخليجية، والقمة الأميركية - العربية والإسلامية، وشارك في القمم الثلاث زعماء وقادة 55 دولة عربية وإسلامية.
وحققت السعودية العديد من النجاحات الأخرى على صعيد السياسة الخارجية، ومن بينها الإعلان عن تأسيس مجلس الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، وذلك في مطلع عام 2020، ويضم المجلس: السعودية والأردن ومصر والسودان وجيبوتي والصومال واليمن.
وفي سابقة تاريخية هي الأولى من نوعها في تاريخ المنطقة العربية، تسلمت السعودية رئاسة مجموعة العشرين في الأول من ديسمبر عام 2019، وبذلك أصبحت المملكة أول دولة عربية تقود أكبر مجموعة دولية تشكل دولها 75 في المئة من حجم التجارة العالمية، و80 في المئة من الناتج الاقتصادي العالمي، وعبر الملك سلمان عن هذا الإنجاز، خلال خطابه السنوي أمام مجلس الشورى بقوله: «إن رئاسة السعودية لمجموعة العشرين دليل على الدور المهم للمملكة في الاقتصاد العالمي».
وخلال رئاسة السعودية لمجموعة العشرين، ترأس الملك سلمان قمة استثنائية افتراضية لقادة مجموعة العشرين استضافتها الرياض في مارس 2020 لتنسيق الجهود الدولية في مجال مكافحة جائحة «كورونا»، والحد من تأثيرها الإنساني والاقتصادي، وشارك فيها الرئيسان الأميركي دونالد ترامب، والروسي فلاديمير بوتين، وتعهدت القمة الاستثنائية بضخ 5 تريليونات دولار لمواجهة تداعيات أزمة «كورونا».
وحققت السعودية العديد من النجاحات خلال فترة رئاستها المجموعة، حيث قدمت أكثر من 180 مبادرة دولية، ومساهمات تنموية لصالح الدول المتضررة من «الجائحة»، وعملت على التوصل إلى نظام ضريبى عالمى أكثر عدالة في العصر الرقمى، وبادرت بوضع سياسات لمنع الانكماش والركود الاقتصادي العالمي.

خريطة طريق
على صعيد السياسة الداخلية، حققت المملكة، خلال السنوات القليلة الماضية العديد من الإنجازات والإصلاحات سواء على المستوى الاقتصادي أو التعليمي أو الاجتماعي أو السياسي، وكان نتيجة هذه الإصلاحات أن صُنّفت السعودية من قبل البنك الدولي بين أفضل 20 بلداً إصلاحياً في العالم، والثانية من بين أفضل البلدان ذات الدخل المرتفع ودول مجموعة العشرين، من حيث تنفيذ إصلاحات تحسين مناخ الأعمال.
وتأتي رؤية 2030 التي أطلقتها السعودية في الخامس والعشرين من أبريل عام 2016، على رأس البرامج التنموية التي تبنتها المملكة، وهي بمثابة خريطة طريق نحو تنمية وطنية مستقبلية شاملة، وتهدف إلى خفض اعتماد المملكة على النفط وتنويع مصادر الدخل عبر حزمة من الإصلاحات الاقتصادية غير مسبوقة في تاريخ المملكة، ومن خلالها يسعى السعوديون إلى تحقيق الاستقرار المالي وتنويع مصادر الدخل، علماً بأن معدلات الإيرادات غير النفطية ارتفعت في الفترة الأخيرة بنحو 15 في المئة.
وفي ديسمبر من 2016، أقرت السعودية برنامج التحول الوطني 2020، بوصفه أحد برامج «رؤية 2030»، وعمل البرنامج على زيادة مشاركة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى 65 في المئة، بما يوفر 40 في المئة من الإنفاق الحكومي، فضلاً عن توطين المكون المحلي بما قيمته 270 مليار ريال سعودي لتعزيز القيمة المضافة للمحتوى المحلي.
وفي سابقة شهدتها السعودية لأول مرة، بدأ الاتجاه في إقرار الميزانية العامة للدولة عبر دعم وتنمية الاقتصاد الوطني، من دون الاعتماد بشكل أساسي على النفط كمصدر وحيد للدخل القومي، الأمر الذي صنفه المراقبون ضمن أهم الإنجازات في تاريخ المملكة. كما عملت السعودية على تحويل صندوق الاستثمارات العامة السعودي إلى صندوق سيادي بأصول تقدر قيمتها بـ 2.5 تريليون دولار، ليصبح بذلك أضخم الصناديق السيادية عالمياً.
وتعددت الإنجازات الاقتصادية التي حققتها السعودية في الفترة الأخيرة، ومنها خفض نسبة عجز الموازنة بنسبة 48 في المئة، وارتفاع عدد الرخص الممنوحة للاستثمارات الأجنبية بنسبة 130 في المئة، والتوجه إلى تطوير مدينة لصناعة السيارات بهدف جذب الاستثمارات وزيادة الصادرات وتوفير فرص العمل، وإصلاح أكثر من 4 ملايين متر مربع من شبكات الطرق.
 
نهضة زراعية 
حققت السعودية العديد من الإنجازات في قطاع الزراعة، منها زيادة عدد الأصناف المعروفة في مجال الاستزراع السمكي، واستقطاب شركات عالمية للدخول إلى هذا المجال، وتسهيل الإجراءات والمعاملات، ورفع جودة الخدمات الزراعية عن طريق إطلاق منصة «زراعي» الإلكترونية، وخلق فرصة جديدة لتداول التمور يتم فيها التعريف بالتمور السعودية، وتداولها عن طريق 25 متجراً إلكترونياً تجمعها منصة واحدة خُصصت لذلك. 
كما نفذت السعودية العديد من مشروعات الإسكان خلال العقد الأخير، منها توفير أكثر من 282 منتجاً سكنياً بما تحويه هذه المنتجات من وحدات سكنية وأراضٍ وتمويل مدعوم لتعزيز وتطوير القطاع العقاري في مناطق المملكة المختلفة، فضلاً عن تنظيم سوق الإيجار وحفظ حقوق أطرافه أثناء عملية الإيجار عبر اعتماد برنامج «إيجار». 
ويعتبر مشروع دار الهجرة واحداً من أهم المشروعات السكنية التي تم تدشينها في الفترة الأخيرة، وهو من أكبر المشروعات السكنية والفندقية والتجارية في السعودية، ويضم 20 برجاً إدارياً، و80 برجاً سكنياً، و80 فندقاً توفر 40 ألف غرفة للحجاج، إلى جانب مكاتب حكومية، وإدارية، وتجارية تستوعب 31 ألف موظف، ومستشفى يضم 400 سرير، ومحطة «ترانزيت» ضخمة.

طفرة صحية 
شهد القطاع الصحي السعودي طفرة غير مسبوقة، حيث دُشنت مراكز صحية مختلفة خلال السنوات الأخيرة، كان منها 4 لقسطرة القلب، و7 للأورام، و3 للسمنة وأمراضها، و5 للعناية باضطرابات السلوك والنمو، فضلاً عن إطلاق 4 روبوتات جراحية متخصصة في العمليات الجراحية العامة، والمسالك البولية، وإنشاء مختبر الذكاء الاصطناعي للأبحاث التقنية الصحية، ورفع مستوى الخدمات الصحية التي يقدمها 600 مركز صحي بتطبيق نظام «وصفتي». كما بدأ العمل في أول صيدلية ذكية تعمل بوساطة الروبوت في مستشفى الملك فهد التخصصي في تبوك.
وفيما يتعلق بالخدمات التعليمية، تبنت السعودية العديد من البرامج والخطط لتطوير التعليم وإحداث نهضة حقيقية في هذا القطاع الحيوي، وفي هذا الإطار جاء قرار الملك سلمان بن عبدالعزيز بدمج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي في وزارة واحدة باسم وزارة التعليم، وتخصيص برامج خاصة بالموهوبين من الطلاب والطالبات، وافتتاح مراكز خاصة لتطوير العلوم التقنية والهندسية في 32 مدرسة موزعة على مناطق المملكة، وإطلاق برنامج «وظيفتك وبعثتك» للابتعاث لأهم الجامعات العالمية، وتوفير وظائف للمبتعثين بعد عودتهم.
كما أطلقت السعودية العديد من المبادرات النوعية لتطوير التعليم الجامعي، مثل مشروع تنمية الإبداع والتميز الموجه لأعضاء هيئة التدريس، ودعم تشييد مراكز للتفوق العلمي والأبحاث بالجامعات، وتطوير مراكز البحث العلمي في الجامعات بسبل مختلفة مثل تطوير الحدائق العلمية والتقنية. ودُشنت العديد من المبادرات لتنمية البحث العلمي كمبادرات مركز التميز، ومدونة التخطيط المتميز، فضلاً عن تنفيذ مشاريع جامعية جديدة ومنشآت تعليمية في المدينة الجامعية بالرياض بتكلفة تتعدى حاجز الـ 3 مليارات ريال.

تمكين المرأة
حققت المملكة العربية السعودية، خلال العقد الأخير، إصلاحات اجتماعية، حيث جاءت قضايا وحقوق المرأة السعودية على رأس اهتمامات القيادة السعودية التي حرصت على تنفيذ العديد من الإصلاحات المتعلقة بشؤون المرأة، فأولت اهتماماً كبيراً بتمكين المرأة في جميع المجالات، عبر «رؤية 2030» التي تهدف إلى رفع مساهمة المرأة في سوق العمل من 23% إلى 30% بحلول عام 2030. وكان الملك سلمان، تعهد في خطابه أمام مجلس الشورى الذي ألقاه في 20 نوفمبر عام 2019، بمواصلة الجهود لتمكين المرأة السعودية، ورفع نسب مشاركتها في القطاعين العام والخاص، معرباً عن اعتزازه بارتفاع نسبة المشاركة الاقتصادية للمرأة من 19.4 في المئة بنهاية عام 2017 إلى 23.2 في المئة بنهاية النصف الثاني من عام 2019.
وفي 12 ديسمبر عام 2015، كانت المرأة السعودية على موعد مع حدث تاريخي يحدث لأول مرة في تاريخ المملكة، حيث أجريت أول انتخابات بلدية تشارك فيها المرأة كناخبة ومرشحة، وخلالها فازت 21 امرأة بمقاعد في المجالس البلدية.
وفي إطار حرص المملكة على تمكين المرأة السعودية في المجالين التشريعي والنيابي، تقرر زيادة تمثيل المرأة في مجلس الشورى، الذي يتألف من 150 عضواً، من بينهم 30 امرأة بنسبة 20 في المئة من إجمالي الأعضاء.
وفي 26 سبتمبر 2017، أصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز قراراً تاريخياً سمح للمرأة باستصدار رخصة قيادة سيارة وفق الضوابط الشرعية، وبدأت السعوديات في قيادة السيارات منذ 24 يونيو من عام 2018، تنفيذاً للقرار التاريخي الذي أصدره الملك سلمان بن عبدالعزيز. 
وفي سابقة تاريخية، عُينت الأميرة ريما بنت بندر في فبراير عام 2019، سفيرة للمملكة لدى الولايات المتحدة، لتكون أول سعودية تتقلد هذا المنصب، وفي العام نفسه صدر قرار ملكي بتعيين دفعة من النساء على مرتبة ملازم تحقيق في النيابة العامة السعودية، حيث عُينت 53 امرأة في هذا المنصب ويتولين الآن مهام التحقيق في القضايا في عددٍ من أفرع النيابة العامة السعودية. كما عُينت 13 امرأة في المجلس الجديد لهيئة حقوق الإنسان، بما يمثل نصف أعضاء المجلس، وذلك بناءً على أمر أصدره الملك سلمان.

مكافحة الإرهاب
أولت المملكة العربية السعودية اهتماماً كبيراً بملف مكافحة الإرهاب، وشهدت بعض القرارات والتحركات المهمة في هذا الشأن، ففي منتصف ديسمبر من عام 2015، أعلنت السعودية تشكيل تحالف عسكري من 41 دولة بقيادتها لمحاربة الإرهاب، وتم الاتفاق على إنشاء مقر للتحالف في الرياض.
وفي 21 مايو من عام 2017، دشنت السعودية المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف والإرهابي «اعتدال» بالرياض، بهدف التصدي للإرهاب ونشر التسامح والتعايش بين الشعوب، وذلك بحضور الملك سلمان والرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وقادة ورؤساء دول عدة، وجاء تدشين هذا المركز خلال القمة العربية الإسلامية الأميركية التي عقدت بالرياض. 
وفي 20 يوليو 2017، صدر أمر ملكي بإنشاء جهاز رئاسة أمن الدولة في خطوة مهمة على طريق الحرب على الإرهاب، ويعمل الجهاز على مكافحة الإرهاب أمنياً واستخباراتياً، ومراقبة تمويله مالياً، فضلاً عن التواصل مع الجهات ذات العلاقة خارجياً.
وفي 25 أكتوبر 2017، أسست السعودية بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية، المركز الدولي لاستهداف تمويل الإرهاب ومقره الرياض.

نيوم
خلال العقد الأخير، دشنت السعودية عدداً كبيراً من المشروعات التنموية العملاقة من أبرزها مشروع «نيوم»، باستثمارات إجمالية تقدر بـ500 مليار دولار، ومشروع البحر الأحمر الذي يتضمن إقامة منتجعات سياحية على أكثر من 50 جزيرة طبيعية بين مدينتي أملج والوجه، والممتدة على ساحل يتجاوز طوله 200 كيلومتر في البحر الأحمر، فضلاً عن مشروع آخر لإعادة تطوير الواجهة البحرية في وسط كورنيش مدينة جدة بهدف تحويلها إلى منطقة حيوية، ومشروع مدينة الملك سلمان للطاقة المعروفة بـ «سبارك»، باستثمارات تقدر بنحو 1.6 مليار دولار، وكذلك مشروع تطوير وتنمية قطاع البتروكيماويات في مدينة رأس الخير الصناعية. كما تأسست بعض المدن الصناعية الآخرى، مثل مدينتي الجبيل وينبع.
ويأتي مشروع مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي بالمدينة المنورة من بين أهم المشروعات التى دشنتها المملكة في العقد الأخير، حيث تبلغ طاقته الاستيعابية أكثر من 8 ملايين مسافر سنوياً في مرحلته الأولى، ومخطط له أن يستوعب في المرحلة الثالثة أكثر من 40 مليون راكب سنوياً.
كما حرصت السعودية على إنجاز العديد من مشروعات التوسعة للحرمين الشريفين، من خلال إطلاق 5 مشروعات خاصة بتوسعة المسجد الحرام في مرحلته الثالثة، والتي ضمت الساحات والأنفاق والمبنى الخاص بالخدمات. ويضاف إلى ذلك مشروع «قطار الحرمين» الذي يمثل أحد أبرز وأهم الإنجازات التي تحققت في هذا الصدد، لا سيما أن القطار يقلل مسافة الرحلة للحجاج والمعتمرين من مكة إلى المدينة المنورة.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©