الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

دبلوماسية الكويت.. سفيرة سلام

دبلوماسية الكويت.. سفيرة سلام
25 فبراير 2021 01:06

أحمد مراد (القاهرة)

عُرفت الكويت على مدى الـ 60 عاماً الماضية بسياسات خارجية متزنة وعلاقات دبلوماسية واسعة، الأمر الذي أكسبها ثقلاً ومكانة إقليمية ودولية مرموقة.
ومنذ انضمامها لهيئة الأمم المتحدة في الحادي عشر من مايو عام 1963، كانت الكويت - وما زالت - عنصراً مؤثراً وفاعلاً في جميع قضايا وأحداث المجتمع الدولي، وحققت الدبلوماسية الكويتية العديد من الإنجازات والنجاحات على المستويين الإقليمي والعالمي.

وساطات نزيهة
لعبت الكويت عبر وساطات نزيهة ومحايدة أدواراً تاريخية مؤثرة في إنهاء الكثير من النزاعات والصراعات الإقليمية والدولية من خلال إبرام اتفاقات سلام بين الأطراف المتنازعة، أبرزها اتفاق السلام في اليمن في عام 1972، حيث نجحت الوساطة الكويتية في إنهاء الصراع العسكري بين شطري اليمن الشمالي والجنوبي.
وفي عام 1968 نجحت الوساطة الكويتية في حل الخلاف الإيراني - البحريني الذي اندلع على أثر الادعاءات الإيرانية بأحقيتها في الأراضي البحرينية، وقد استضافت الممثلية الكويتية في جنيف اجتماعات بين مندوبي البلدين أسفرت عن اتفاق الطرفان على عرض القضية على هيئة الأمم المتحدة، وانتهت الأزمة بإجراء استفتاء شعبي واستقلال البحرين في عام 1971.

كما أسفرت الوساطة الكويتية الناجحة بين سلطنة عُمان وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في عام 1980 عن توقيع اتفاق خاص بإعلان المبادئ ساهم في تخفيف التوتر بين الدولتين، واستمرت اللقاءات والاجتماعات بين البلدين بوساطة كويتية حتى وقع الطرفان اتفاق المصالحة، وأنهى هذا الاتفاق الحرب الإعلامية بين البلدين، واتفقا على احترام حسن الجوار، وإقامة علاقات دبلوماسية بينهما في 15 نوفمبر من عام 1984. وامتدت وساطات الكويت الناجحة إلى أقاليم أخرى غير عربية، مثل وساطة الكويت لحل النزاع بين باكستان وإقليم البنغال في عام 1971، ونجحت الوساطة الكويتية في إنهاء هذا النزاع وإقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية وسياسية بين باكستان وبنغلادش. ومع تفاقم الخلاف بين تركيا وبلغاريا في الفترة بين عامي 1986 و1989 حول مشكلة الأقلية التركية في بلغاريا، لعبت الكويت دوراً رئيسياً في إنهاء هذا الخلاف، وتشكلت لجنة تسوية لحل مشكلة الأقلية التركية، وعُقدت اجتماعات لوزيري خارجية تركيا وبلغاريا في الكويت، ونجحت الوساطة الكويتية في التقريب بين وجهتي النظر التركية والبلغارية. وفي أعقاب استيلاء الحوثيين على السلطة في اليمن بقوة السلاح في سبتمبر 2014، سارعت الكويت إلى دعم الجهود الدولية لوضع حد للأوضاع المؤسفة التي تشهدها اليمن، واستضافت على أراضيها مفاوضات سلام بين طرفي النزاع بمشاركة الأمم المتحدة، وكان ذلك في عام 2016.

قمة «العلا» 
لعبت الوساطة الكويتية دوراً رئيسياً ومؤثراً في إتمام المصالحة العربية بين الرباعي العربي «الإمارات ومصر والسعودية والبحرين» ودولة قطر، خلال قمة «العُلا» الخليجية التي تضمن بيانها الختامي اتفاق المصالحة. وبدأت الوساطة الكويتية بين الرباعي العربي وقطر مع تفجر الأزمة في الخامس من يونيو  2017، ووقتها أعلن أمير الكويت الراحل، الشيخ صباح الأحمد «طيب الله ثراه» عن قيامه بوساطة لحل الأزمة القطرية، وتوجه في اليوم التالي إلى السعودية بهدف وضع حل لهذه الأزمة. ومع رحيل الشيخ صباح الأحمد استمرت الوساطة الكويتية بين الرباعي العربي وقطر برعاية الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، أمير الكويت الجديد، ونجحت الجهود الكويتية في حل الخلاف بين الطرفين، وأعلنت الكويت عن إعادة فتح الحدود بين السعودية وقطر، بعدها وقع الرباعي العربي وقطر على اتفاق المصالحة في قمة العُلا التي عقدت في مطلع عام 2021.

مكافحة «كورونا»
مع تفشي جائحة فيروس «كورونا»، سارعت الكويت إلى دعم الجهود الدولية الساعية إلى مكافحة الفيروس ووقف انتشاره، حيث أعلنت في الخامس من مارس عام 2020 عن تبرعها للصين بثلاثة ملايين دولار دعماً لجهودها في احتواء ومكافحة الفيروس القاتل، وفي الشهر نفسه تبرعت بـ 40 مليون دولار لمنظمة الصحة العالمية دعماً لجهودها في احتواء الأزمة، وفي مايو 2020 أعلن الاتحاد الأوروبي عن تبرع الكويت بـ 100 مليون دولار لدعم الجهود الدولية وتمويل الأبحاث الخاصة بإنتاج لقاح وتطوير وسائل مكافحة الجائحة.

7 قمم خليجية 
واستضافت الكويت 7 قمم خليجية في أعوام 1984 و1991 و1997 و2003 و2009 و2013 و2017، وصدر عن هذه القمم الكثير من القرارات التاريخية، مثل إنشاء القيادة العسكرية الموحدة، وإقرار الاستراتيجية الدفاعية. كما حرصت الكويت على توسيع نطاق أعمال المجلس على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والثقافية. وفي خطوة تعكس قوة السياسة الخارجية الكويتية، فازت الكويت بمقعد غير دائم في مجلس الأمن لمدة سنتين بدأت في يناير 2018، حيث حصلت على 188 صوتاً من أصل 192 صوتاً في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

نجاحات 
حرصت الكويت على توسيع علاقاتها الخارجية بغالبية دول العالم، حتى أصبح لها بعثات دبلوماسية في شتى أنحاء العالم، واستضافت على أراضيها سفارات وقنصليات لغالبية دول العالم، فضلاً عن استضافة بعض مقرات المنظمات الدولية والإقليمية، وأقامت علاقات قوية مع القوى العالمية الكبرى على أساس التفاهمات والمصالح المشتركة والاحترام المتبادل. وظهرت ثمرة نجاحات الدبلوماسية الكويتية في اصطفاف دول العالم بجوار الكويت ومناصرتها ضد العدوان العراقي، حيث صدر قرار مجلس الأمن رقم 678 في الثاني من أغسطس عام 1990، الذي أجاز استخدام كل الوسائل بما فيها العسكرية لصد العدوان العراقي على الكويت، وانسحاب القوات العراقية من الأراضي الكويتية.
وعلى المستوى الخليجي، ساهمت الكويت بجهود كبيرة في خروج فكرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى النور في عام 1981، وعملت على إنجاح هذه التجربة الخليجية من خلال دعمها المتواصل للمجلس وللعمل الخليجي المشترك.

مركز للعمل الإنساني
أولت الكويت اهتماماً خاصاً بالعمل الإنساني والخيري والإغاثي، حيث حرصت على تقديم مختلف المساعدات، وإطلاق المبادرات الإنسانية لإغاثة ملايين الفقراء والمتضررين في شتى دول العالم، وتقديراً لهذه الجهود أعلنت الأمم المتحدة عن تسمية دولة الكويت مركزاً للعمل الإنساني، ومنحت الأمير الراحل، الشيخ صباح الأحمد، لقب «قائد العمل الإنساني»، وخلال حفل أقامته الأمم المتحدة لتكريم الكويت وأميرها، أكد بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة في ذلك الوقت، أن الكويت أظهرت كرماً استثنائياً تحت قيادة الشيخ صباح الأحمد، ورغم صغر مساحة البلاد، إلا أن قلب دولة الكويت كان أكبر من الأزمات والفقر والأوبئة. وفي السنوات العشر الأخيرة، استضافت الكويت 3 مؤتمرات دولية للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا، وعقد المؤتمر الأول في يناير 2013، وخلاله تبرعت بمبلغ 300 مليون دولار، وعُقد المؤتمر الثاني في يناير 2014، وارتفعت فيه قيمة التبرعات الكويتية إلى 500 مليون دولار، وعقد المؤتمر الثالث في مارس 2015، وتبرعت فيه بمبلغ 500 مليون دولار. وفي فبراير2016، أعلنت الكويت في مؤتمر المانحين الرابع الذي أقيم في لندن، عن تقديم تبرع بمبلغ 300 مليون دولار على مدى ثلاثة أعوام. وفي يوليو 2016، شاركت الكويت في مؤتمر المانحين لدعم العراق الذي استضافته واشنطن، وتعهدت بتقديم مساعدات إنسانية إلى العراق بقيمة 176 مليون دولار. وحرصت الكويت على دعم الشعب الفلسطيني طوال العقود الماضية، ففي يناير من عام 2009 تبرعت بـ 34 مليون دولار لصالح وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، وفي مارس من العام نفسه قدمت 200 مليون دولار للسلطة الفلسطينية، تدفع على مدى 5 سنوات ضمن برنامج إعادة إعمار غزة. وفي نوفمبر 2012، وقعت الكويت اتفاقية مع البنك الدولي تساهم بموجبها بمبلغ 50 مليون دولار لدعم البرنامج الفلسطيني للإصلاح والتنمية الذي يشرف عليه البنك الدولي، وفي 2013 قدمت 15 مليون دولار لـ «الأونروا».

قمم إقليمية ودولية
نجحت الكويت في استضافة الكثير من القمم العربية والإقليمية والعالمية على أراضيها، ووفرت لها كل سبل وأجواء النجاح، أبرزها القمة العربية الاقتصادية الأولى التي استضافتها في يناير من عام 2009، وطرحت أول مبادرة تنموية عربية متمثلة في إنشاء صندوق لدعم وتمويل المشاريع التنموية الصغيرة والمتوسطة في الدول العربية برأسمال قدره مليار دولار، ساهمت الكويت فيه بحصة قدرها 500 مليون دولار. وفي أكتوبر من عام 2012، عُقد في الكويت منتدى حوار التعاون الآسيوي الأول، وأعلنت فيه الكويت تبرعاً بمبلغ 300 مليون دولار لمصلحة برنامج تمويل مشاريع إنمائية في الدول الآسيوية غير العربية. وفي نوفمبر من عام 2013، استضافت الكويت القمة العربية الأفريقية الثالثة، وحضرها رؤساء وممثلو نحو 60 دولة عربية وأفريقية، وخلالها أعلنت الكويت تقديم قروض ميسرة للدول الأفريقية بمبلغ مليار دولار على مدى 5 سنوات.

مدّ الجسور
المحلل السياسي الكويتي سعود خليفة الشحومي، قال: «الكويت دولة تسامح وإنسانية ورخاء ومد يد العون في كل حدب وصوب»، مشيراً إلى دورها الإقليمي والعربي والعالمي ومساهماتها في نشر التسامح وثقافة الاعتدال. وأشار إلى الدور الكويتي في كثير من القضايا، سواء على المستوى الخليجي أو العربي، مؤكداً أن هذا الدور هو امتداد دبلوماسي مشرف للكويت التي كانت ولا تزال تفتح قلبها للآخر وتتبوأ مكانة رائدة في التسامح والوساطة، جنباً إلى جنب مع الأشقاء في دول الخليج، مضيفاً: إن الكويتيين سعداء بجميع الإنجازات التي حققتها دولتهم على المستوى الخليجي والعربي والدولي.

سجّل مشرف
المحلل السياسي الكويتي خالد العجمي، عضو المجلس التنفيذي لاتحاد النقابات الدولية، اعتبر أن الدور الرائد للكويت في العمل الخيري والإنساني، سجل مشرف ومشرق لجميع الكويتيين، موضحاً أنه لا أحد ينسى مواقف ومآثر الشيخ جابر الأحمد.

شهر الاحتفالات
المستشارة كلثوم حسين، الأكاديمية والمحللة السياسية الكويتية، أكدت أن فبراير شهر الاحتفالات بذكرى العيدين الوطني والتحرير لوطني الكويت بلد التسامح وصانعة السلام. وقالت: «رغم صغر حجمها الجغرافي، لكنها كبيرة بتأثيرها السياسي الإقليمي والدولي في ظل قيادتها الرشيدة بين التوازن والحياد الإيجابي وصناعة السلام والوساطة في حل النزاعات، ودورها المحوري في إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والسعي لتعزيز التعاون بين دوله».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©