الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

«الدستور الجديد».. حيلة أردوغان لخداع الأتراك وترسيخ الديكتاتورية

احتجاجات طلابية أمام جامعة «البوسفور» ضد رئيس الجامعة الذي عينه أردوغان (رويترز)
10 فبراير 2021 00:17

دينا محمود (لندن)

أكد معارضون أتراك بارزون أن هناك أجندة خفية تكمن وراء إعلان الرئيس رجب طيب أردوغان بشكل مفاجئ مطلع الشهر الجاري، رغبته في وضع دستور جديد للبلاد، رغم السلطات الواسعة التي يحظى بها بموجب الدستور الساري حالياً، خاصة بعد التعديلات التي أُدْخِلَت عليه عام 2017.
وشدد المعارضون على أن «عاصفة الجدل» التي أثارها هذا الإعلان، كانت مقصودة في حد ذاتها، وذلك لتحويل الانتباه عن الوضع الاقتصادي المتردي في تركيا، بفعل سوء الإدارة من جانب النظام الاستبدادي لأردوغان، وحزبه «العدالة والتنمية» الذي تتراجع شعبيته بشكل متزايد.
وفي تصريحات نشرتها وكالة «بلومبرج» الأميركية للأنباء، أكد علي بابا جان، الحليف السابق للرئيس التركي، وزعيم حزب الديمقراطية والتقدم المعارض حالياً، أن ما يفعله أردوغان يستهدف منع مواطنينا من رؤية المشكلات الحقيقية التي تواجه بلادنا، داعياً إلى عدم السقوط فريسة للجهود الرامية إلى تشتيت اهتمامات الرأي العام.
وبدوره، شكك زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كليتشدار أوغلو في صحة مزاعم بعض مؤيدي أردوغان، من أن وضع دستور جديد يستهدف تعزيز الديمقراطية، قائلاً إن الحكام المستبدين «لا يريدون دستوراً ديمقراطياً، يقوم على مبادئ حقوق الإنسان».
في السياق ذاته، أكدت ميرال أكشينار زعيمة حزب الخير المعارض أن حديث الرئيس المستبد، عن إقرار دستور جديد، يشكل هروباً من الإصغاء لمظالم الأتراك، الذين يعانون الأمرّيْن لإطعام أطفالهم، وتوفير المستلزمات الحياتية لهم، وكذلك للعثور على وظائف جديدة، بدلاً من تلك التي فقدوها، في غمار الضائقة الاقتصادية الراهنة.
وتشير تصريحات أكشينار، التي يُطلق عليها البعض اسم مارجريت ثاتشر تركيا على اسم السياسية البريطانية الشهيرة التي تولت هذا المنصب بنجاح في بلادها خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تضرب بلادها منذ نحو ثلاث سنوات، وشهدت تزايداً حادّاً في معدلات البطالة، وهروبا لرؤوس الأموال الأجنبية، وانهياراً لقيمة العملة المحلية.
وخلال الفترة نفسها، دفع الاقتصاد التركي ثمن المقامرات الخارجية التي ورط أردوغان بلاده فيها، بجانب عواقب اختياره لصهره براءات البيرق وزيراً للخزانة والمالية، قبل أن يضطر لإجباره على الاستقالة قبل شهور قليلة، بعدما تبين أنه بدد أكثر من مئة مليار دولار من احتياطيات تركيا بالعملة الصعبة، لدعم الليرة دون جدوى.
وقوضت كل هذه التطورات السياسية والاقتصادية شعبية أردوغان، وأدت إلى خسارة حزبه للانتخابات المحلية الأخيرة في عدد من المدن الرئيسة، في مقدمتها أنقرة وإسطنبول.
ويشدد محللون سياسيون غربيون وأتراك، على أن ملامح الخريطة البرلمانية الحالية في تركيا، تعزز مصداقية ما يقوله زعماء المعارضة، من أن حديث أردوغان عن وضع دستور جديد، لا يشكل سوى خدعة، وذلك بالنظر إلى أن عدد المقاعد التي يحظى بها الحزب الحاكم وحلفاؤه في البرلمان، يقل بواقع 23 مقعداً عن النصاب المطلوب، لطرح أي مشروع لدستور جديد على استفتاء شعبي.
بجانب ذلك، يشير المحللون إلى أن الأجواء الحالية على الساحة التركية، لا تُنبئ بأي تغييرات سياسية إيجابية مرتقبة، في ظل تصاعد الغضب الشعبي ضد نظام أردوغان، وهو ما يتجسد في الاحتجاجات الطلابية العنيفة، التي تشهدها إسطنبول منذ مطلع العام الجاري، جراء تعيين شخصية مقربة من الرئيس التركي، رئيساً لجامعة «البوسفور» المرموقة.
وخلال الأيام الماضية، حاول أردوغان تشويه صورة الطلاب المحتجين، زاعماً أنهم خارجون عن القيم والثقافة التركية، بالتزامن مع شن أجهزة الأمن التابعة لنظامه، حملة اعتقالات واسعة في صفوفهم.
وشملت هذه الحملة عشرات ممن وصفتهم وسائل إعلام غربية بـ«المعارضين الثوريين» للنظام الحاكم حالياً في أنقرة.
وقالت صحيفة «مورننج بوست» البريطانية إن تلك الاعتقالات، تستهدف «كسر العمود الفقري، للحركة الاحتجاجية المتنامية المناوئة لأردوغان وحاشيته».
وأبرزت الاتهامات الموجهة للسلطات الأمنية التركية، بتعذيب المعتقلين خلال استجوابهم.
وشدد المعارضون الأتراك على أن أردوغان يخشى حالياً من اتساع رقعة تظاهرات إسطنبول، وتحولها إلى انتفاضة جماهيرية، على غرار ما حدث للاحتجاجات التي خرجت في المدينة نفسها عام 2013، وعُرِفَت باسم «احتجاجات ميدان تقسيم»، وكانت شرارة اندلاعها رفض نشطاء بيئيين، إزالة أشجار متنزه بالميدان، لإنشاء ثكنة عسكرية.

المعارضة التركية تبحث العودة إلى النظام البرلماني
كثفت أحزاب المعارضة التركية محادثاتها، استعداداً منها لطرح برنامجها الرامي للعودة إلى نظام برلماني معدل.
وأكد رئيسا حزبين منشقين عن حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، بدء مشاورات ثنائية دورية لوضع أطر عامة تهدف في نهاية المطاف إلى إعادة العمل بالنظام البرلماني بعد إجراء تعديلات على النظام البرلماني القديم الذي كان سائداً في البلاد قبل تطبيق النظام الرئاسي.
وكشف رئيسا حزب «المستقبل» أحمد داوود أوغلو، وحزب «الديمقراطية والتقدم» علي باباجان، في مؤتمر صحافي، أن فريقاً مشتركاً من الحزبين سيجتمعان بشكل دوري لصياغة أفكار واقتراحات حول النظام البرلماني المعدل، فضلاً عن التشاور مع بقية الأحزاب المعارضة.
وقال داوود أوغلو في هذا السياق: «من الآن فصاعداً سيجتمع حزب المستقبل مع حزب الديمقراطية والتقدم بشكل دوري، لمناقشة عدة اقتراحات مشتركة سيتم نشرها للرأي العام، واتفقنا على زيادة الاتصالات على أساس ثنائي»، مضيفاً أنه من «المحبب زيادة التواصل بين جميع الأحزاب في الآونة الأخيرة، إلا أن الأحزاب الحاكمة تصر على عدم الاجتماع مع أحد إلا نفسها».
وتابع أن هناك حركة متزايدة بين الأطراف الأخرى، قائلاً: «نحن سعداء لذلك، وفودنا لم تكتف بانتقاد النظام الرئاسي، بل عملت بما يتعلق بالنظام البرلماني المعدل، وشاركنا ذلك مع الرأي العام، وطلبنا مواعيد من الأحزاب الأخرى، وكان حزب الديمقراطية والتقدم ضمن هذه الاتصالات، لأنه يمكن للانتخابات في تركيا أن تطرق الباب في أي لحظة».

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©