الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

انقلاب في ميانمار والحكومة في قبضة الجيش

جيش ميانمار أغلق بالحواجز الطرق السريعة المؤدية إلى العاصمة (رويترز)
2 فبراير 2021 00:23

عواصم (وكالات)

سيطر جيش ميانمار على السلطة أمس في انقلاب عسكري بذريعة وجود مخالفات وشكاوى في الانتخابات الأخيرة، منفذاً حملة اعتقالات واسعة طالت رئيسة الوزراء أونج سان سو كي، ورئيس الجمهورية وين ميينت، وعدداً من المسؤولين في حزب «الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية»، ومسلماً القيادة إلى الجنرال مين أونج هلاينج أحد كبار المسؤولين المدرجين على قائمة العقوبات الأميركية منذ ديسمبر 2019، لتورطهم في جرائم تطهير عرقي ضد المسلمين «الروهينجا»، ومعلناً فرض حالة الطوارئ لمدة عام، إلى حين إجراء ما وصفه بـ«انتخابات حرة ونزيهة». فيما ناشدت سو كي المنتخبة ديمقراطياً والحاصلة على جائزة نوبل للسلام، الشعب الاحتجاج على استيلاء الجيش على السلطة، وسط استنكار عالمي واسع للانقلاب ودعوات إلى إنهائه فوراً.
وجاء تحرك الجيش قبل ساعات من موعد انعقاد البرلمان للمرة الأولى منذ الفوز الساحق لحزب الرابطة الوطنية في انتخابات الثامن من نوفمبر الماضي، بنسبة 83 في المئة في ثاني اقتراع منذ أن وافق مجلس عسكري على تقاسم السلطة في 2011. وانقطع بث التلفزيون الرسمي، وتعطلت اتصالات الهاتف و«الإنترنت» في العاصمة نايبيداو ومدينة يانجون الرئيسية، حيث انتشرت قوات الجيش وقطعت الطرقات، فيما هرع السكان إلى الأسواق لتخزين المؤن، واصطف آخرون أمام ماكينات الصرف الآلي لسحب نقود، بينما قامت البنوك بتعليق الخدمات بسبب ضعف الاتصال عبر الإنترنت.
وقال المتحدث باسم الحزب ميو نيونت «إن سو كي وميينت وزعماء آخرين اعتقلوا في الساعات الأولى من الصباح». ونقل بيان مكتوب سلفا عن سو كي (75 عاماً)، التي كانت وصلت إلى السلطة عقب فوز ساحق في انتخابات 2015 بعد خضوعها للإقامة الجبرية لعقود ونضال ضد الجيش، الذي استولى على السلطة في انقلاب عام 1962، قولها «إن هذه الإجراءات ستعيد ميانمار إلى عهد الدكتاتورية العسكرية»، وأضافت: «أحث الناس على عدم قبول ذلك... والاحتجاج على الانقلاب بصوت واحد». ونشر عضو في البرلمان مقطعاً مصوراً يظهر اعتقال النائبة با با هان، ويبدو زوجها وهو يتوسل لرجال في زي عسكري أن يتركوها وشأنها. وقال النائب ساي لين ميات، إن قوات الأمن حبست أعضاء البرلمان في مجمعات سكنية في اليوم الذي كانوا يتوقعون فيه شغل مقاعدهم.
في المقابل، قال الجيش في إيجاز لاجتماع المجلس العسكري الجديد، إن هلاينج تعهد بما وصفه بـ«ممارسة نظام ديمقراطي متعدد الأحزاب ومزدهر بشكل حقيقي»، ووعد بإجراء انتخابات حرة ونزيهة وتسليم السلطة للحزب الفائز. لكن لم يحدد إطارا زمنيا للانتخابات، وقال إن حالة الطوارئ سوف تستمر لمدة عام. وأكد متحدث عسكري عزل حكومة سو كي وإبعاد 24 وزيراً ونائب وزير وتعيين 11 وزيراً في الإدارة الجديدة لاسيما للمالية والصحة والإعلام والشؤون الخارجية والدفاع والحدود والداخلية. 
واحتفل بعض المؤيدين للجيش بالانقلاب وطافوا في شوارع يانجون في شاحنات صغيرة ولوّحوا بالأعلام الوطنية. فيما انتاب الناشطون المؤيدون للديمقراطية حالة من الذعر، وقال الناشط الطلابي سي ثو تون «كانت بلادنا طائراً يتعلم الطيران والآن كسر الجيش أجنحتنا». وقالت امرأة اشترطت عدم ذكر اسمها لأن زوجها يعمل مع الجيش «حكومة حزب الرابطة الوطنية هي التي صوّتنا لها. إذا لم يكونوا سعداء بالنتيجة فبوسعهم الدعوة لانتخابات أخرى. الانقلاب غير مقبول». وقال المخرج لامين «أخشى أن يطول الأمر أكثر.. علينا أن نستعدّ للأسوأ».
إلى ذلك، قادت الأمم المتحدة إدانة الانقلاب والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين وإعادة الديمقراطية في تصريحات تشابهت مع مواقف أستراليا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا واليونان وتشيكيا وفنلندا والسويد والدنمارك والنرويج وسويسرا والاتحاد الأوروبي والهند واليابان وكندا والولايات المتحدة التي دعا رئيسها جو بايدن، جيش ميانمار إلى إعادة السلطة فوراً، داعياً المجتمع الدولي للتحدث بصوت واحد، ومتوعداً بإعادة فرض عقوبات، وهو ما كان لوح به أيضا وزير الخارجية أنتوني بلينكن باتخاذ إجراءات بحق المسؤولين العسكريين في ميانمار، وسط إصدار السفارة الأميركية في يانجون تحذيراً للأميركيين بخصوص احتمال حدوث اضطرابات مدنية وسياسية. ودعت الصين كافة الأطراف في ميانمار إلى حلّ الخلافات ضمن الإطار الدستوري والقانوني لحماية الاستقرار السياسي والاجتماعي. وقالت روسيا، إنه من المبكر جداً إعطاء تقييم. وحثت بنجلاديش، التي تؤوي زهاء مليون نسمة من الروهينجا الذين فروا من ميانمار، على السلام والاستقرار، وقالت إنها تأمل في أن تمضي عملية إعادة اللاجئين قدماً. وقال دبلوماسيون، إن مجلس الأمن الدولي يعتزم بحث الوضع في ميانمار، اليوم الثلاثاء. كما دعت رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، إلى الحوار والمصالحة والعودة للوضع الطبيعي، بينما اشتبكت الشرطة التايلاندية في بانكوك مع مجموعة من النشطاء المؤيدين للديمقراطية أمام سفارة ميانمار.

الانقلاب وتقاعد يوليـو!
كان من المقرر أن يتقاعد قائد جيش ميانمار مين أونج هلاينج في غضون ستة أشهر، لكن بعد الانقلاب العسكري، ينبغي أن يُكتب على نحو مختلف مستقبل الجنرال الذي نسب لنفسه الفضل في التحول الديمقراطي عام 2011، وأعاد بعد عقد من الزمان الحكم الديكتاتوري، في ثالث انقلاب من نوعه منذ الاستقلال عام 1948.
وفي حين كان من المقرر أن يعقد البرلمان جلسته الأولى، بعد الفوز الساحق للرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية بزعامة أونج سان سو كي في نوفمبر الماضي، ألقى الجيش القبض على سو كي، الرئيسة الفعلية للحكومة المدنية، وأعلن حالة الطوارئ لمدة عام.
لكن حتى قبل الانقلاب، كان هلاينج البالغ من العمر 64 عاماً بالفعل أقوى رجل على رأس جيش لا يخضع لسيطرة الحكومة المدنية. ورغم أنه نسب إلى نفسه في 2011 الفضل في التحول الديموقراطي الذي أدى إلى إجراء انتخابات حرة في 2015 هي الأولى منذ نصف قرن، إلا أن العديد من الخبراء يعتقدون أنه لا يعتزم التنحي من منصبه عندما يبلغ 65 عاماً، وهو سن التقاعد في يوليو المقبل.
الجنرال الذي يعتبر المسؤول الأول عن الانتهاكات الواسعة التي تسببت منذ 2017 في فرار ما يقرب من 750 ألفاً من المسلمين الروهينجا إلى بنجلاديش، والذي فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليه عام 2019 لدوره في التطهير العرقي الذي استهدف الروهينجا، يتوقع أن يسعى لإعادة بلاده إلى مسار الانتخابات، لكن مع استبعاد الفاعلين الرئيسيين، مثل الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية، وأونغ سان سو كي.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©