الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

أميركا تختار.. الرئيس الـ45 أو الـ46 !

أميركا تختار.. الرئيس الـ45 أو الـ46 !
3 نوفمبر 2020 03:16

يسرى عادل (أبوظبي)

أنظار العالم تتجه اليوم إلى الولايات المتحدة الأميركية التي تشهد انتخابات غير مسبوقة، وأجواء اقتراع مفعمة بالخوف والحذر بسبب جائحة «كورونا المستجد» (كوفيد- 19)، للاختيار بين إبقاء الرئيس الحالي الـ45، الجمهوري دونالد ترامب لولاية ثانية، أو إحداث التغيير بالرئيس الـ46 الديمقراطي جو بايدن. 
انتخاب رجل البيت الأبيض خطوة ينتظرها العالم أجمع، وليس فقط الشعب الأميركي. لكن لا يعرف الكثير حتى في الولايات المتحدة آلية انتخاب الرئيس، ولعل السبب يكمن في أن الانتخابات الرئاسية واحدة من أعقد نظم الانتخابات وأصعبها، منذ اعتماد هذا النظام في القرن الثامن عشر وتحديداً عام 1787 الذي يحدد القواعد بالاقتراع العام غير المباشر في دورة واحدة.

الآلية الانتخابية
لا يزال الأميركيون حتى اليوم ينتخبون بشكل غير مباشر، وربما هذا ما يفسر سبب عزوف الكثير منهم عن الإدلاء بأصواتهم. لكن ما هذه الآلية؟ وكيف تتشكل الهيئة الناخبة؟
الهيئة الناخبة عبارة عن مرشحين يتم انتخابهم من سكان الولايات لكن أسماءهم لا تظهر في بطاقات الاقتراع، وهوياتهم غالباً غير معروفة، ويمنح الدستور الولايات حرية أن تقرر آلية اختيارهم. تملك كل ولاية نفس العدد في الهيئة، ما يماثل العدد في مجلس الشيوخ ومجلس النواب معا. هناك عضوان من أعضاء مجلس الشيوخ لكل ولاية، إلا أن العدد في مجلس النواب يعتمد على سكان الولاية في تعدادها الأخير. ورغم أن مقاطعة كولومبيا التي توجد بها العاصمة واشنطن ليست ولاية، إلا أنها تشارك بالانتخابات الرئاسية من خلال 3 مندوبين في المجمع الانتخابي.

الفائز يحصد الكل
من خلال هذه القاعدة تقوم الولاية بمنح المرشح الرئاسي، الذي حصد أكبر نسبة من التصويت في الولاية، العدد الكامل من أصواتها. مثال على ذلك، ولاية كاليفورنيا لها 55 صوتاً انتخابياً، فإذا فاز أحد المرشحين بفارق صوت أو مليون صوت تمنح كافة الأصوات للفائز. وتستثنى من ذلك ولايتا نبراسكا وماين اللتان تعتمدان مبدأ النسبية وتعطيان صوتين للمرشح الذي يفوز بالأصوات الشعبية، وصوتا واحدا للمرشح الذي يفوز بالمقاطعة الانتخابية. وفي النهاية يجدر بالمرشح الرئاسي الحصول على 270 صوتاً من أصل 538 يمثلون الهيئة الناخبة. 
لا شيء في الدستور يرغم كبار الناخبين على التصويت باتجاه أو بآخر. وإذا كانت بعض الولايات ترغمهم على احترام نتائج التصويت الشعبي وامتنعوا عن ذلك يمكن معاقبة «غير النزيهين» بغرامة. لكن في 2020 قضت المحكمة العليا أنه بإمكان الولايات معاقبة كبار الناخبين الذين يمتنعون عن التصويت، بوضع قوانين ترغمهم على الاقتراع بحسب نتيجة التصويت الشعبي في الولاية.
بين 1796 و2016، أعطى 180 من كبار الناخبين أصواتهم إلى غير المرشح الرئاسي أو نائبه الفائز بالولاية. لكن الناخبين الرافضين لنتائج التصويت لم يؤثروا أبدا على النتيجة النهائية لهوية الرئيس. ويجتمع كبار الناخبين في ولاياتهم في 14 ديسمبر لاختيار رئيس ونائب رئيس. وفي 6 يناير 2021 يثبت الكونجرس الفائز بالرئاسة الذي يؤدي اليمين في 20 يناير.

الولايات المتأرجحة
الأرقام التقريبية في الخريطة تظهر تقسيمات مبدئية لكل من حظوظ الديمقراطيين والجمهوريين، فتكشف الاستطلاعات أن 22 ولاية أميركية يقدر عدد أصواتها بـ 170، اتجاهاتها جمهورية. بينما تشير الاستطلاعات إلى 20 ولاية تشكل 241 صوتاً اتجاهاتها ديمقراطية. مما يُبقي 127 صوتاً موزعة على 8 ولايات في تصنيف الولايات المتأرجحة. لكن ما الأسباب التي أدت إلى ظهور هذا المسمى؟
من أبرز العوامل التي عمقت هذه الظاهرة في الانتخابات الأميركية حالة مغادرة مواطني المدن الكبرى واستقرارهم في المناطق الريفية، إذ تميل المناطق الحضرية للتصويت إلى الحزب الديمقراطي بينما تميل المناطق الريفية إلى الجمهوريين. والتغيير السكاني يؤدي إلى تغيير التوازن بين الأحزاب. كما أنه وفي حال وجود ناخبين أكثر اعتدالاً، يضيق الانقسام بين الحزبيين الرئيسيين، ويجعل تحديد النتائج أكثر صعوبة. وتعد ولايتا ماين ونيو هامبشير من أكثر الولايات التي يضيق فيها الانقسام بين الديمقراطيين والجمهوريين، نظراً لوجود عدد كبير من الناخبين المعتدلين والمستقلين الذين يقودون تلك التنافسية بين الحزبين. ومن أبرز وأهم العوامل عدم قدرة الأميركيين الأفارقة على التصويت قبل 50 عامًا في ولايات مثل تكساس ونورث كارولاينا وجورجيا بعكس اليوم، كما تقود ورقة سحب صلاحية التصويت من أصحاب السوابق الإجرامية في بعض الولايات إلى تأرجح إضافي.
وأبرز الولايات المتأرجحة الحاسمة في انتخابات 2020 هي:

* فلوريدا: 
تاريخياً، تتأرجح هذه الولاية بين الحزبين الرئيسيين من انتخابات إلى أخرى، وهي أكثر تعقيداً لأنها منقسمة بين جنوب يميل للديمقراطيين وشمال يؤيد الجمهوريين، ووسط متأرجح. تملك الولاية 29 صوتًا انتخابيًا لأعضاء المجمع الانتخابي. وذات أهمية خاصة بالنسبة للرئيس دونالد ترامب، إذ لم يفز أي جمهوري بالرئاسة من دون فلوريدا منذ كالفين كوليدج عام 1924. وتفوق فيها ترامب على هيلاري كلينتون في انتخابات 2016 بفارق 1.2 نقطة مئوية.
قياساً على الانتخابات الرئاسية في آخر 5 مرات يتضح أن من يفوز في فلوريدا يصبح رئيساً للولايات المتحدة. حدث ذلك مع ترامب ومع باراك أوباما في فترتيه الأولى والثانية، ومع جورج بوش الابن.

* جورجيا:
منذ عام 1868 حتى عام 1960، كانت الولاية ديمقراطية، لكنها أصبحت جمهورية بعد ذلك، بسبب استياء السكان الذين كان يغلب عليهم البيض من قانون الحقوق المدنية حينها. ولم تصوّت هذه الولاية فيما بعد لمرشح ديمقراطي إلا في 3 انتخابات هي 1976 و1980 و1992. وتتمتع جورجيا بأهمية كبيرة في الانتخابات، إذ تمتلك 16 صوتا في المجمع الانتخابي، وتشهد المعركة الانتخابية في الولاية شراسة غير مسبوقة، حيث إن التصويت المبكر شهد انتظام طوابير طويلة للناخبين أمام مراكز الاقتراع.

* ويسكونسن:
صوتت الولاية حتى عام 1928 لصالح الحزب الجمهوري. خلال فترة الكساد الكبير والحرب العالمية الثانية تحولت لصالح الديمقراطيين. من منتصف الأربعينيات وحتى عام 1984، صوتت للجمهوريين في أغلب الأحيان. فاز الديمقراطيين في سبعة انتخابات رئاسية متتالية بين عامي 1988 و2012. عام 2016 فاز ترامب بالولاية بمواجهة هيلاري كلينتون. تحظى ويسكونسن باهتمام كبير في الانتخابات الرئاسية هذا العام ليس لامتلاكها 10 أصوات في المجمع الانتخابي فحسب، بل بسبب الأحداث الساخنة التي شهدتها في أغسطس الماضي، بعد أن قتلت الشرطة في كينوشا جاكوب بليك المواطن من أصل أفريقي، ما أدى لتفجر احتجاجات في مايو، بعد مقتل جورج فلويد، ما يشكل ورقة ضغط لكلا المرشحين للانتخابات.

* نورث كارولاينا:
صوتت الولاية 90 عاماً لصالح الديمقراطيين، لكنها انقلبت لصالح الجمهوريين منذ العام 1968، ولم يكسر حاجز التصويت فيها إلا أوباما حيث صوتت لصالحه في دورتين انتخابيتين متعاقبتين في 2008 و2012. ونظراً لإدراك حملة ترامب لأهمية الفوز بأصوات الولاية 15، زار ترامب الولاية خمس مرات، وزارها مايك بنس نائب الرئيس مرتين خلال فترة قصيرة.

* مينيسوتا:
ولاية ديمقراطية بحتة، لم تصوت لمرشح رئاسي جمهوري منذ عام 1972، لها 10 مقاعد. وتشكل الولاية حساسية في هذه الانتخابات، إذ شهدت موجة اضطرابات في مايو الماضي بعد مقتل جورج فلويد على يد شرطي قام بالضغط بركبته على عنقه لمدة تجاوزت 8 دقائق. وقد قام المرشحين للانتخابات بزيارتها قبيل المناظرة الأولى. وعلى الرغم من أن الاستطلاعات تظهر تقدّم بايدن حاليا، إلا أن ترامب يبدو مقتنعا بأنه بإمكانه إحداث تحوّل في النتيجة هذه المرة. 

* ميشيجن:
تعد من الولايات المتأرجحة التي تساهم في حسم السباق الرئاسي. على الرغم من أنها من الولايات الزرقاء التي صوتت لمرشحي الرئاسة الديمقراطيين بين عامي 1992 و2012، لكنها كسرت القاعدة وصوتت للأحمر الجمهوري عام 2016 في سابقة شهدتها الولايات المتحدة. وحينها تعهد ترامب بأن يجعل الولاية محور التصنيع في العالم مرة أخرى. ولدى الولاية 16 صوتا في المجمع الانتخابي، مما يعني أنها من الولايات المتوسطة الحجم في هذا المجمع. وتضم الولاية أكبر جالية عربية تقدر بأكثر من 800 ألف شخص، من أصل 3.5 نصف مليون موزعين على الولايات المتحدة.

* أريزونا:
ولاية جمهورية بشكل تقليدي، لم تصوت لصالح أي مرشح ديمقراطي باستثناء بيل كلينتون في فترته الثانية عام 1996، لكن الفارق الذي فاز به ترامب بأصوات الولاية على حساب هيلاري كلينتون عام 2016 كان 3.5 %، وهو الهامش الأقل تاريخياً، وهذا ما جعل الولاية تدخل ضمن ولايات الحسم. وللولاية 11 صوتا بالمجمع الانتخابي الخاص بها. ويؤكد المرشحان أنهما قادران على تحقيق انتصار جديد في أريزونا. 

* بنسلفانيا:
إحدى الولايات المنقسمة بين مدنها المؤيدة للديمقراطيين ومناطقها الريفية المؤيدة للجمهوريين. تحولت من ولاية ذات ميول جمهورية خلال معظم القرن العشرين إلى إحدى ولايات ساحة المعركة في الانتخابات. فمنذ عام 1992 إلى عام 2012، دعمت الولاية المرشح الديمقراطي في ستة انتخابات متتالية. ومع ذلك، فقد فاز بها المرشح الجمهوري دونالد ترامب في عام 2016. تملك الولاية 20 صوتًا انتخابيًا لأعضاء المجمع الانتخابي. ويعيش فيها 12 مليونا و800 ألف شخص يعمل نصفهم، فيما ترتفع نسبة البطالة في الولاية إلى 5.5 %. وزارها ترامب، واختتم بايدن حملته فيها.

البرامج الانتخابية
بانتظار الإعلان عن الرئيس الفائز، في ما يلي أبرز مواقف المرشحين الجمهوري والديمقراطي من القضايا الرئيسية داخليا وخارجيا:

* روسيا:
يتوقع وجود علاقات أكثر توتراً مع روسيا بحال فوز بايدن. وبداية توتر العلاقات كان خلال زيارته لموسكو عام 2011 كنائب للرئيس، إذ أبلغ قادة المعارضة أنه يعتقد أن فلاديمير بوتين لا ينبغي أن يترشح للرئاسة مرة أخرى، وسيكون من السيئ بالنسبة لروسيا إذا ترشح لولاية ثالثة. أما ترامب فرسم مسارا جديدا للعلاقات الأميركية – الروسية، إذ وصف «القيصر» بأنه «منافس وليس عدوا»، ودعا بشكل مستمر لعودة روسيا إلى مجموعة السبع مرة أخرى خلافا لرغبة الدول الأوروبية.

* إيران:
على الرغم من عدم احتلالها مكانة بارزة في الانتخابات الأميركية كروسيا أو الصين، سواء من ناحية كسب النفوذ أو التأثير في السياسة، إلا أن طهران تحظى بأهمية خاصة بشكل عام، نظراً للتهديد النووي الصادر منها دوماً. موقف ترامب من إيران واضح جلي، إذ أن خروجه من الاتفاق النووي عام 2018، ومحاولته الحثيثة لتجفيف منابع الإرهاب الإيراني من خلال العقوبات الاقتصادية كان لهما أثر بالغ في دورته الأولى. أما بايدن، وبالرغم من كونه نائب الرئيس السابق باراك أوباما مهندس الاتفاق النووي، إلا أنه من غير المتوقع أن تقوم الإدارة الأميركية بالعودة إلى الاتفاق النووي. إذ لن يتجاهل بايدن ما فعلته طهران من خلال ميليشياتها من عبث وتخريب في كل من العراق واليمن، فضلاً عن هجومها المتكرر وغير المبرر على السفارة الأميركية والجنود الأميركيين في العراق. ومن المستبعد أن يحاول بايدن بعد كل ما بدر من انتهاكات إيرانية أن ينقل العلاقات بين البلدين إلى مستوى أفضل، لأن مصلحة الأمن القومي فوق أي اعتبار، ودور المؤسسات الأميركية سيحول دون أي تقارب.

* الاقتصاد:
التناقض في التعاطي مع الشأن الاقتصادي ظهر جلياً في برنامج المرشحين إذ أظهر ترامب رغبته في تخفيضات ضريبية أكبر، بينما لوح بايدن بضرورة زيادة الضرائب وإعادة توظيف عائداتها لتحسين البرامج الاجتماعية، كما أشار بايدن إلى ضرورة بناء اقتصاد أكثر مراعاة للبيئة، وهو ما يرفضه ترامب جملة وتفصيلاً وظهر في انسحابه من اتفاقية باريس للمناخ 2019.

* كوفيد- 19
الحدث الأبرز في العالم عموماً، وفي الانتخابات الأميركية خصوصاً، إذ كان للولايات المتحدة نصيب الأسد من عدد الإصابات والوفيات، والتي قاربت حدود الـ10 ملايين إصابة، إضافة إلى أكثر من 230 ألف وفاة. ومع التباين الكبير في تعاطي المرشحين مع الملف، ربما سيكون أكثرها تعقيدا في تحديد هوية الرئيس بناء على رغبة الناخب في مستقبل إدارة الأزمة. فهل يذهب نحو إجراءات أكثر صرامة ربما تصل إلى الضغط على الاقتصاد؟ أم يختار الانفتاح الاقتصادي على أمل توفير لقاح في المرحلة المقبلة؟
وكتب ترامب في تغريدة «كوفيد، كوفيد، كوفيد هو النشيد الموحّد للإعلام الكاذب»، مضيفاً «سيكون هذا موضوعهم الأوحد حتى الرابع من نوفمبر»، أي اليوم التالي لموعد الاستحقاق. وحذر من أن بايدن سيتعامل مع الوباء من خلال فرض عمليات إغلاق لا نهاية لها وإلحاق الضرر بالاقتصاد. فيما أدار بايدن معظم حملته مركزا على رسالة السيطرة على الفيروس بشكل فعال، مع إعادة بناء الاقتصاد المنهار منذ مارس، وقال: «نحن بحاجة إلى رئيس يؤمن بالعلم ويستمع إلى شخص آخر غيره»، منتقدا «فوضى» إدارة ترامب.

ترامب.. إذا خسر
الكثير من استطلاعات الرأي تشير إلى احتمال فوز بايدن، لكن السؤال الذي يهيمن حالياً هو، ماذا سيحدث لو خسر ترامب؟
يرى الكثير أن رد فعل ترامب سيكون مرهونا بحجم انتصار بايدن. في حال حدوث هذا السيناريو، وبحال كان الفارق كبيرا، فسوف يبذل الرئيس الأميركي على مضض الحد الأدنى من الجهود لنقل السلطة للفائز. وثمة مثال فظ بنقل السلطة بين فريقي بيل كلينتون وجورج دبليو بوش إذ تعرض الحرف «دبليو» للتلف أو انتزع عن العديد من لوحات مفاتيح الكمبيوتر من قبل أعضاء الفريق المنتهية ولايته.
لكن يوجد أمثلة أخرى يحتذى بها أيضاً في البيت الأبيض، فالرئيس الجمهوري جورج بوش الأب، الذي شغل ولاية واحدة، اختار الرحيل تاركا انطباعا جيدا عند نقل السلطة إلى الديمقراطي بيل كلينتون. إذ كتب رسالة بخط اليد، ووضعها في أدراج المكتب البيضاوي بتاريخ 20 يناير 1993 جاء فيها: «عزيزي بيل، أتمنى لك الكثير من السعادة هنا. لم أشعر أبدا بالوحدة التي تحدث عنها بعض الرؤساء.. لست بارعا في تقديم المشورة، لكن لا تدع النقاد يثبطون عزيمتك.. نجاحك الآن هو نجاح لبلدنا. أنا معك من صميم القلب. حظا سعيدا». وقد أصبحت الرسالة في المكتب البيضاوي تقليدا، وعليه هل سيترك ترامب رسالة إلى بايدن «بحال فوزه»؟ وما سيكون مضمونها؟
لكن السؤال الآخر الأصعب هو، ماذا لو كانت النتائج متقاربة، لاسيما وأن ترامب حذر من أن الأعداد غير المسبوقة من بطاقات الاقتراع عبر البريد ستؤدي إلى تزوير واسع النطاق، ورفض مرارا الالتزام بانتقال سلمي للسلطة إذا أشار فرز الأصوات إلى خسارته أمام بايدن؟
تظهر بيانات التصويت المبكر أن الديمقراطيين يصوتون عبر البريد بأعداد أكبر بكثير من الجمهوريين. ويقول خبراء: إن النتائج الأولية قد تميل لصالح ترامب، بينما من المتوقع أن تكون بطاقات الاقتراع البريدية التي يتم فرزها بوتيرة أبطأ في صالح بايدن. وعبر الديمقراطيون عن قلقهم من أن يعلن ترامب فوزه ليلة الانتخابات ثم يقول بعد ذلك: إن بطاقات الاقتراع عبر البريد التي يتم فرزها في الأيام التالية مشوبة بالتزوير.
ويمكن أن يؤدي تقارب النتائج إلى التقاضي بشأن إجراءات التصويت وفرز الأصوات في الولايات الحاسمة. ويمكن أن تصل القضايا المرفوعة في ولايات بشكل منفرد إلى المحكمة العليا في نهاية المطاف، كما حدث في انتخابات فلوريدا في عام 2000، عندما فاز الجمهوري جورج دبليو بوش على الديمقراطي آل جور بفارق 537 صوتا فحسب في فلوريدا، بعد أن أوقفت المحكمة العليا عملية إعادة الفرز.
وإذا تقرر عدم حصول أي من المرشحين على أغلبية الأصوات في المجمع الانتخابي، فإن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى انتخابات طارئة بموجب التعديل الثاني عشر للدستور. وهذا يعني أن مجلس النواب سيختار الرئيس المقبل، بينما يختار مجلس الشيوخ نائب الرئيس. وتجرى انتخابات طارئة أيضا في حالة التعادل بحصول كل مرشح على 269 صوتا بعد الانتخابات. وهناك العديد من المسارات الممكنة التي قد تصل بالانتخابات إلى طريق مسدود في عام 2020.
وأي نزاع انتخابي في الكونجرس سينتهي قبل الموعد النهائي وهو 20 يناير، وهو الموعد الذي ينص فيه الدستور على انتهاء فترة الرئيس الحالي. وبموجب قانون الخلافة الرئاسية، إذا لم يعلن الكونجرس عن الفائز بمنصب الرئيس أو منصب نائب الرئيس بحلول ذلك الوقت، فإن رئيس مجلس النواب سيكون الرئيس بالإنابة. وتشغل هذا المنصب حاليا الديمقراطية نانسي بيلوسي.

الفوضى
في ضوء ما حصل خلال السنوات الأربع الماضية بدأت بعض الأصوات تعرب عن قلقها، وتقول إن كل السيناريوهات ممكنة بما يشمل الانزلاق في فوضى. وبحسب تقارير قبل الانتخابات، هناك حالة من الاستنفار الكبرى غير المسبوقة تستعد لها المدن والولايات الأميركية. وقد حذر البعض من اندلاع حرب أهلية جديدة. لكن إذا كان هذا النوع من الصراع المسلح يبدو مستبعداً فهناك احتمالات تتراوح ما بين القيام باحتجاجات عامة تصحبها حالات عنف منفردة، وبين القيام بأعمال عنف واسعة النطاق وأعمال انتقامية في صراع سياسي طويل الأمد. ويرى محللون أن الخطر قد يصل إلى مواجهة النشطاء والأشخاص المتشددين من كلا الجانبين.
كثيرون لا يريدون حدوث شرخ في التجربة الديمقراطية الأميركية، إذ أنها تمثل مدرسة في النزاهة لكثير من دول وشعوب العالم. فهل تشهد انتخابات 2020 انحراف النظام الذي شَكَل بصيص الأمل لملايين الشعوب وعشرات دول العالم؟

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©