الثلاثاء 30 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

د. شريف عرفة يكتب: نسبة التعاسة

د. شريف عرفة يكتب: نسبة التعاسة
26 أغسطس 2023 00:58

مهما كان سعيداً، لا يوجد شخص لم يعانِ من تكدير ما لصفو حياته. فمن الطبيعي أن نشعر بالاستياء عند حدوث أمر مزعج، وأن نصادف أشياء لا نأمل حدوثها.. فالحقيقة أن كثيراً من الأحداث خارج نطاق تحكمنا. من المستحيل أن يحدث كل شيء كما نأمل له بالضبط بأن الحياة لا تسير على هذا النحو. فما الذي يميز الشخص السعيد عن غيره؟
للسعادة جزء معرفي، يتعلق بالرضا وتوافر معنى للحياة، لكن لها أيضاً شق عاطفي.. يتعلق بالمشاعر اللحظية. وإذا كانت المشاعر السلبية جزءاً من تجربتنا الحياتية، فما هي النسبة الذهبية بين المشاعر الإيجابية والسلبية، التي تميز الأشخاص السعداء؟
حاول العديد من العلماء معرفة هذه النسبة.. منهم «باربرا فريدريكسون» الباحثة الرائدة في دراسة المشاعر الإيجابية، وكذلك «مارشيال لوسادا» المتخصص في تحسين أداء فرق العمل.. كلاهما وجد أن هناك نسبة تتكرر بشكل مثير للانتباه.. وهي 3:1.. السعداء يشعرون بثلاثة مشاعر إيجابية في مقابل كل شعور سلبي.. وكذلك فرق العمل الناجحة، يتبادلون عبارات الثناء والتشجيع ثلاثة أضعاف الانتقاد والخلاف..
هذه النسبة تتمتع بقدر من الثبات النسبي على المدى الطويل.. لكن كيف؟ الحياة متقلبة فكيف يحافظ السعداء على هذه النسبة؟ التفسير هو اعتياد نمط تفكير يحافظ على هذه النسبة رغم تقلب الظروف!
بالطبع أتحدث عن الأحوال العادية المستقرة، لا الظروف الاستثنائية شديدة القسوة والتطرف.. فلا يمكن أن تطلب من شخص تعرض لكارثة أن يحافظ على هذه النسبة الذهبية! بل أتحدث عن تقلبات الحياة العادية التي تحدث للجميع كل يوم.. شخص ضايقك، أو ارتكبت مخالفة مرورية دون قصد، وما إلى ذلك.. رغم حدوث هذه التقلبات، فإن الشخص السعيد يحافظ على طريقة تفكير تجعله يتعمد أن يكون سعيداً.. بالتركيز على الإيجابيات وتقديرها، أو التقليل من شأن السلبيات، وإعادة فهم أحداث الحياة بطريقة تحفظ له هذا التوازن النفسي. هذا يعني أن لكل واحد منا نسبته الذهبية الخاصة الناجمة عن طريقة تفكيره المعتادة.. لكل شخص نسبة ذهبية للسعادة، أو نسبة للتعاسة! فالبعض يحافظ على نمط تفكير تشاؤمي أو انهزامي أو سوداوي.. كمن يصر على تذكر المآسي، والشكوى من الأحوال، وملاحظة السلبيات، وتوقع المخاطر والتهديدات بما يؤجج الشعور بالتوتر والقلق.. من اعتاد نسبة تعاسة ما، سيظل يحافظ عليها مهما تحسنت أحواله.. لأنه اعتاد طريقة التفكير هذه!
لذلك عزيزي القارئ.. تحلَّ بطريقة تفكير تحفظ لك نسبة السعادة.. وحين تتضايق عند حدوث أمر عابر، اسأل نفسك..
هل كل شخص في هذا العالم سيتضايق عند مواجهة الموقف ذاته بالقدر نفسه؟

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©