عدد اليوم
د. شريف عرفة
النجاح كلمة مراوغة، قد تعني ألف معنى لو سألت عنها ألف شخص.. هل تعني الثراء؟ التحقق المهني؟ سعة العلم والثقافة؟ التماسك الأسري؟ ورغم أن كثيراً من الناس يسعون للنجاح، إلا أن معناه غير واضح في أذهانهم، وإن كان واضحاً، فإنهم لا يبذلون الجهد الكافي لتحقيقه. لكن في حقيقة الأمر، يبدو أن النجاح الحقيقي ليس مجرد هدف نهائي، بل طريقة تفكير تساعدنا على مواصلة السير رغم تغير الظروف. فتعالوا نتعرف على بعض الخطوات العملية - المدعومة بدراسات علمية - التي تساعدنا في تحقيق ذلك..
1- حدد طريقك
قم بوضع أهداف واضحة تتناسب مع سياق حياتك، على أن تكون أهدافا متوازنة، لا يجور أحدها على حياتك كلها. على سبيل المثال، لا تضع كل طاقتك في هدف أوحد، فتهمل جوانب حياتك الأخرى كالعلاقات والصحة.
تقول الدراسات: إن الأشخاص الذين يضعون تعريفاً محدداً للهدف الذي يسعون إليه، يكون أداؤهم أفضل، ويصبح هدفهم أكثر قابلية للتحقق.
(المصدر: دراسة لاثام ولوك «2006»، تعزيز الفوائد والتغلب على عيوب تحديد الأهداف، دورية أورجانايزيشنال دايناميكس)
2- ابدأ الآن
من منا لا يمارس التأجيل والتسويف؟ للتغلب على ذلك قم بتطبيق قاعدة الخمس دقائق. لو كانت المهمة تستغرق أقل من خمس دقائق، قم بها الآن، فوراً! لو كانت المهمة التي تنتظرك تستغرق وقتاً، قم بتقسيمها لخطوات صغيرة، وابدأ بالمهمة الأولى التي تحتاج أقل من خمس دقائق «مثال: سأقرأ الصفحة الأولى من الكتاب فقط!» في الغالب، ستجد نفسك قد اندمجت في أداء المهمة ودخلت في المود وواصلت العمل. هذه الطريقة تأثير «زايجارنيك»، العالم الروسي الذي وجد أن الناس يجدون صعوبة في ترك مهمة غير مكتملة!
3- العلاقات الاجتماعية
رغم أن قصص النجاح تبدو فردية، إلا أن الدعم الاجتماعي ومحبة المقربين أمر ضروري لصحتنا النفسية والجسدية، إذ يخفف الضغط العصبي ويزيد قدرتنا على مواصلة الإنجاز. تشير دراسة شملت بيانات أكثر من عشرة آلاف شخص إلى أن شريك الحياة الداعم «معنوياً أو عملياً» يساعد في تحسين الأداء وتحقيق الأهداف المختلفة، سواء كانت صحية أو مهنية أو تعليمية.
«المصدر: دراسة فويلز وكارنيلي (2022)، دعم الشريك ونتائج الهدف: التحليل التلوي متعدد المستويات والنقد المنهجي، يروروبيان جورنال أوف سوشيال سايكولوجي»
4- أنت لست ثابتاً
من أهم صفات النجاح أن يتمتع الإنسان بعقلية النمو، أي أن يدرك أن صفاته ليست ثابتة، بل في الإمكان تطويرها بالتدرب والممارسة. وجدت الباحثة بجامعة ستانفورد كارول دويك في دراساتها أن الأشخاص الذين يعتبرون النجاح قائماً على الذكاء كصفة ثابتة، يصبحون أقل مثابرة من الذين يعتبرون النجاح قائماً على بذل الجهد واكتساب المهارة. أي أن هذه العقلية هي مفتاح المثابرة، وهي شيء ضروري في أي نجاح في الحياة.
«المصدر: دويك (2008) العقلية، علم النفس الجديد للنجاح. كتب بالانتاين بوكس».
5- لا تنظر للأمام فقط
السعي للنجاح لا يعني النظر للأمام فقط دون التوقف والتلفت حولك. لا يعني إهمال الحاضر أو كراهية الوضع القائم والتطلع للأمام طوال الوقت. حتى لو كانت الظروف صعبة، ففي إمكان المرء أن يستمتع باللحظة ويرفه عن نفسه ويقدر قيمة النّعم الموجودة في حياته، لتحسين صحته النفسية، كي يستطيع مواصلة السعي. مارس الامتنان، وقدر قيمة الأشياء الصغيرة، لأن التطلع للمستقبل فقط «دون الاستمتاع بالحاضر أو تقدير الذكريات الجميلة» يجعل الإنسان مدمن عمل مضغوطاً نفسياً، وأكثر عرضة للاحتراق النفسي.
6- لا تهرب من الفشل
من الطبيعي أن نتجنب الفشل والوقوع في أخطاء كبرى.. لكن الخوف المبالغ فيه يشلّ الإنسان ويمنعه من المحاولة والتعلم. فلولا تعثر الطفل وهو يتعلم المشي أو الكتابة أو الكلام أو عزف البيانو، لما تعلم وأتقن ذلك.
الحياة مليئة بالمنعطفات غير المتوقعة، فلا تتجنب الإخفاقات البسيطة، بل كن مستعداً لها واعتبرها خطوة طبيعية لاكتساب الخبرات. تقول الدراسات، إن طريقة نظرنا للفشل - لا النجاح - هو ما يجعلنا أكثر نجاحاً!
«المصدر: دراسة هايموفيتز ودويك (2016)، ماذا يتنبأ بعقلية النمو والثبات للطفل؟ ليس آراء آبائهم حول الذكاء، بل حول الفشل. دورية سايكولوجيكال ساينس».
«مصدر: دراسات فيليب زيمبادو عن نظريته «المنظور الزمني» وتصريحاته المباشرة لـ(الاتحاد)».
