الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

د. شريف عرفة يكتب: وصمة «التنمية البشرية»!

د. شريف عرفة يكتب: وصمة «التنمية البشرية»!
10 يونيو 2023 01:17

هناك شعور ثقافي عام بأن هناك كتابات قليلة الشأن، ينبغي استبعادها من جوائز الكتب لعدم اعتبارها إنتاجاً فكرياً في الأساس..أدب المغامرات أو الخيال العلمي أو الأطفال، أو - ما هو أسوأ - أدب التنمية الذاتية!
الانتشار لا يعني الجودة، لكنه أيضا لا يعني السوء. في الغرب يتم الاحتفاء بكاتبة الأطفال جي كي رولينج «مؤلفة هاري بوتر»، بينما لو كتب مؤلف عربي مثلها لأصبح حبيسا أبديا في مجلة أطفال. في الغرب يتم الاحتفاء بحرب نجوم «جورج لوكاس»، بينما لم تنل كتابات د. نبيل فاروق حقها كأدب خيال علمي ومغامرات للمراهقين.. وفي التنمية الذاتية، يعد «ستيفن كوفي» من رموز الثقافة الأميركية المرموقة، بينما يستخدم عندنا تعبير «بتاع تنمية بشرية» كمرادف لكلمة نصاب!
هناك كتب تحفيزية ركيكة بالفعل، تهز مشاعر القارئ بـ «كليشيهات» محفوظة وشعارات رنانة.. اجمع قصصا ملهمة وأمثلة ميلودرامية، وانثر كلمات مثل (الطموح - الشغف - الإنجاز...) وضع عنواناً يحمل كلمة (أسرار/ مفاتيح/ أبواب/ فن/ قوة كذا..) فيصبح كتاب تنمية بشرية!
لكن لماذا توضع الأعمال الجيدة في نفس السلة؟
هناك كتب عربية تقدم إنتاجاً فكرياً موجها للقارئ العادي «مثل كتابات د. أحمد عكاشة ود. محمد طه..». لكن هذا اللون مستبعد من أغلب الجواز الثقافية. هناك جوائز للشعر العامي - وهي مجال مرموق طبعا- لكن ليس للتنمية الذاتية!
إحجام أغلب المفكرين العرب عن إنتاج هذا النوع من الكتب التي تبسط خبراتهم الحياتية للقارئ العادي، شيء خطير لأن هذه الفجوة تملؤها الكتب المترجمة عن أجانب يواجهون مشاكل مجتمعاتهم التي قد تختلف عن مشاكلنا.. وبالتالي قد لا تناسبنا حلولهم. 
أفسر الأمر بـ«عقدة الخواجة» واعتياد التطلع للغرب كصانع تقنيات تحل مشاكلنا، لكن في المسائل النفسية والحياتية فإن لدينا عقول تضاهي كبار المفكرين في الغرب، لكننا - لسبب ما - نفضل استيراد النجوم بدلاً من صنعهم. «ستيفن كوفي» عبقري بينما فلان العربيّ نصاب! 
لو كنت تسخر من مجال التنمية الذاتية، اسأل نفسك:
- هل الأصح التخلي عن القارئ العربي وتركه لمنتج «التنمية الذاتية» الغربي؟
- أم رفع الوصمة، وتشجيع وفتح الساحة لإنتاج فلسفة تنميتنا الذاتية الخاصة النابعة من تكويننا الثقافي؟

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©