الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

كيف تعزز الأنشطة الترفيهية معنى الحياة ؟

كيف تعزز الأنشطة الترفيهية معنى الحياة ؟
3 يونيو 2023 01:10

د. شريف عرفة

في علم النفس الإيجابي، يطلق الباحثون تعبير «معنى الحياة» على الشيء الذي يستيقظ المرء من أجله كل صباح، ما يعطيه إحساساً بالمغزى والهدف، أو شعوراً بأن لحياته بوصلة أو اتجاهاً تسير فيه.. من دون معنى واضح للحياة، لن يجد الإنسان مبرراً لمعاناته ولا سبباً لتجاوز صعوباته، فيسقط في براثن القنوط واليأس وانعدام الدافعية.  يختلف الناس فيما بينهم في المصادر التي تمد حياتهم بالمعنى.. فهناك من يعتبر أطفاله هم الغاية التي يعيش من أجلها، وهناك من يعتبر النجاح المهني هو الهدف الأسمى، وهكذا.. إلا أن دراسة حديثة لفتت الانتباه لجانب آخر في الحياة يعد مصدراً رئيساً لتعزيز المعنى.. ألا وهي الأنشطة الترفيهية التي نمارسها في وقت الفراغ! 
دراسة حديثة
في دراسة نشرت في الدورية العلمية «فرونتيرز إن سايكولوجي» تحمل عنوان «الترفيه ومعنى الحياة» للباحث الشهير روي باومايستر من جامعة ماريلاند بالولايات المتحدة، وسيبو إي إيزو أهولا، من جامعة كوينزلاند بأستراليا، استعرض الباحثان الأدلة التي ترجح أن الطريقة التي نقضي بها وقت فراغنا، لها دور عظيم في صياغة معنى حياتنا ذاته. كيف ذلك؟ 
إشباع الاحتياجات
تقول الدراسة: إن بعضنا يعتبرون وسائل الترفيه مجرد أنشطة تافهة تضيع وقت الأفراد والمجتمع. لكن ينبغي الاعتراف بأن وسائل الترفيه - حتى لو كانت تافهة تهدف للتسلية فقط- يمكنها أن تسهم في زيادة المشاعر الإيجابية على المدى القصير، أي أنها مفيدة للصحة العقلية للفرد والمجتمع! 
يوضح الباحثان أن 51% من الموظفين الأميركيين، وفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة غالوب عام 2014، لا يشعرون بالمشاركة أو الحماس والالتزام بعملهم أو مكان عملهم، ويفضلون القيام بشيء آخر.. ونظراً لأن معظم الناس لا يستطيعون تغيير وظائفهم، فإنهم مضطرون للبقاء في عمل لا يحبونه، مع اللجوء إلى مصادر أخرى تعطي للحياة مغزى.. مثل الأنشطة الترفيهية التي تتم مع الأصدقاء والعائلة. هنا يمكننا أن نرى بوضوع علاقة الترفيه بمعنى الحياة، لشخص يحتمل حياة مملة منتظراً إجازة نهاية الأسبوع كي يقضيها في نشاط تراه أنت ترفيهياً فارغاً، لكنه بالنسبة له يعتبر تعويضاً يتطلع إليه كي يهون عن نفسه صعاب الحياة!
الترفيه أنواع
تقول الدراسة: إن الترفيه جانب مهم ولكن لا يتم تقديره كثيراً عند الحديث عن معنى الحياة، حيث تقدم الأنشطة الترفيهية درجات متفاوتة من تلبية الاحتياجات النفسية الأساسية التي تعطينا المعنى، مثل الشعور بالهدف، والقيمة، وتقدير الذات…
تفرِّق الدراسة بين أنواع الترفيه المختلفة، موضحة أن هناك اختلافاً في التأثير بين واحدة وأخرى. على سبيل المثال، من يحب ممارسة أنشطة ترفيهية رياضية، مثل الجري أو لعب الكرة، فإنه يكسب صحة بدنية، بالإضافة لإشباع احتياجاته النفسية، بالشعور بالإنجاز والتفوق وتقدير الذات.
ومن يمارس «الأنشطة الترفيهية الفاضلة أخلاقياً» حسب تعبير الدراسة، مثل تزجية وقت الفراغ بالتطوع في أنشطة خيرية، فإن ذلك يعزز معنى حياته وإحساسه بأنها تسير في الطريق الصحيح.
حتى قضاء الوقت في مواقع التواصل الاجتماعي، يؤنس عزلة من يشعر بالوحدة في الحياة.. ومشاهدة الأفلام والمسلسلات يمكنها أن توفر «بيئة اجتماعية زائفة» نعيش فيها مع أشخاص حقيقيين وكأنهم جزء من حياتنا.. رغم أن هذه العلاقات ليست حقيقية، لكنك لا تستطيع إنكار تعلقك بنجمك المفضل وشعورك بالألفة تجاهه، رغم أنك - فعلياً - لا تعرفه! مشاهدة فيلم في نهاية اليوم قد تكون المتعة الوحيدة لشخص يشعر بالوحدة ويعيش حياة مرهقة شاقة.
لكن رغم ذلك، تؤكد الدراسات أن ممارسة الأنشطة الفاعلة «التي فيها جهد كاللعب والرياضة والتنزه…» تحسن الصحة النفسية بشكل أكبر من الأنشطة الخاملة (التي يجلس فيها الشخص متلقياً من دون جهد، كمشاهدة التلفاز..». 
كما يختلف الناس في تعاملهم مع الأنشطة الترفيهية.. فهناك من يلعب سودوكو لتمضية الوقت، وبعضهم الآخر قد يعزف الموسيقى ويقضي ساعات في التدريب كل يوم، أو ينضم إلى فرقة أو فرقة محلية، ويضع خطة جادة لتحسين مهاراته! أي أن هناك من يلجأ للترفيه على سبيل المتعة، ومن يتعامل معه بجدية أكبر وكأنها مسار مهني! كل من الطريقين يساعد صاحبه بطريقة مختلفة تناسب سياق حياته.
خلاصة القول.. 
الحياة شاقة.. وإذا ما قام الإنسان بواجباته على أكمل وجه، فمن حقه التطلع للترفيه والراحة لتحسين صحته النفسية كي يستطيع مواصلة المسير.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©