الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

علي يوسف السعد يكتب: سافر معي إلى «سِبتة»

علي يوسف السعد يكتب: سافر معي إلى «سِبتة»
16 مايو 2023 01:02

تبدو للناظرين كمدينة أوروبية، ولكن رائحة تاريخ المسلمين فيها تأبى أن تزول أو تُمحى، فرغم أنّ يد الإسبان قد طالت كل شيء فيها، إلا أنها لم تستطع محوَ رائحة التاريخ الأندلسي التي تعبق في أزقّتها وشوارعها.. إنها مدينة «سِبتة» المغربية الأصل الإسبانية الهوى، والتي تقع في أقصى شمال المغرب، ولكنها تابعة للسيادة الإسبانية حيث يحتاج السياح إلى تأشيرة أوروبية لزيارتها، وقد أُقيمت «سِبتة» على مستعمرة فينيقية، وعُرفت قديماً باسم «إبيلا»، وتقول الأسطورة إنّها كانت إحدى أعمدة هرقل، وتتمتع بمناخ معتدل ورائع طوال العام مما جعلها محط أنظار السياح من كافة أنحاء العالم.
بسبب موقعها الاستراتيجي على مضيق جبل طارق، تُعتبر «سِبتة» مركزاً مهماً للحركة التجارية والعسكرية للدولة الإسبانية، وهي واحدة من المدن التي يتحدث الكثير من سكانها اللغة العربية إلى جانب الإسبانية، فهم يعيشون في تنوع ثقافي لافت للانتباه، كما وتتميز بكونها إحدى الوجهات السياحية المعروفة بثرواتها الطبيعية ومعالمها الأثرية، بالإضافة إلى احتوائها على الكثير من مراكز التسوق العالمية.
حينَ تصل إلى «سِبتة»، ستحتار أيّ المعالم تزور أولاً، فجميع الأماكن هنا تناديك وتعرفك، حيث يمكنك زيارة «الحمامات العربية»، وهي واحدة من أفضل الأماكن السياحية وأكثرها إثارة للاهتمام في المدينة، ويرجع تاريخ بنائها إلى الفترة ما بين القرنين الثاني والثالث عشر، وقد تم اكتشافها بمحض الصدفة في السبعينيات، وتتميز بتكويناتها الرخامية الرائعة وقد كانت تستخدم للنساء والرجال.
وللأماكن القديمة سحر خاص، فهي تحمل تاريخ الحضارة التي بنتها، هناك في «سِبتة»، ستجد «قلعة ديسنارغادو» التي تقع في حصن صغير على الطرف الجنوبي الشرقي من هذه المدينة، وقد تم بناء القلعة في القرن التاسع عشر، وتم تحويلها إلى متحف عسكري افتُتح عام 1984، وتتكون من طابق واحد يُعرض فيه العديد من المقتنيات الحربية القديمة.
منذ القدم، ارتبطت بمدينة «سِبتة» الأساطير المتعلقة بهرقل، حيث يزعم البعض أنها كانت إحدى أعمدة هرقل العظيمة، فإن كنت من مُحبي المعرفة والاستكشاف، يمكنك الذهاب لمشاهدة «تمثال هرقل»، الذي يعتبر أحد رموز السياحة فيها، وهو أحد التماثيل القديمة الغامضة التي تعود إلى أوائل القرن الثالث الميلادي، حيث قام Lysippos بنحته ويدّعي البعض أنه تم صناعته في روما.
وللترويح عن النفس والحصول على بعض الراحة والهدوء، يمكنك زيارة إحدى الحدائق الطبيعية في «سِبتة»، مثل «حديقة سان أمارو» التي تشتهر بمناظرها الطبيعية الجميلة والتي تعتبر أكبر حديقة في المدينة، وتضم مرافق وألعاب مخصصة للأطفال مما يجعلها وجهة عائلية بامتياز، بالإضافة لاحتوائها على بعض المكتبات حيث يمكنك القراءة بهدوء وسكينة.
إنّ الناظر إلى كل هذا الجمال، وإلى كل رموز الحضارة الموجودة في سِبتة، يخال نفسه أنه رجع إلى العصور السابقة حيث الأندلس وصِيتُها الذي ذاع في كل البِقاع، فهذا الجمال يستحيل إلاّ أن يكون أندلسياً، لذا عليك شد الرحال. والسفر معي إلى سِبتة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©