الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

كشف جوانب من حياة الإنسان قبل 125 ألف عام

علامات جروح عميقة على عظم فيل من أيام إنسان نياندرتال
2 فبراير 2023 18:36

كشفت دراسة جديدة، نُشرت أمس الأربعاء، جوانب من حياة إنسان "نياندرتال" قبل 125 ألف عام.

وأظهرت الدراسة أنه كان يصطاد الأفيال المستقيمة الأنياب التي انقرضت، مع أن حجمها كان ضخماً ويبلغ ضعف حجم الأفيال الأفريقية الحالية، إذ كان وزنها يصل إلى 13 طناً، في حين كان ارتفاع كتفيها أربعة أمتار.

ومن خلال هذه الخلاصة غير المسبوقة، تُوفّر الدراسة، المنشورة في مجلة "ساينس أدفانسز"، معطيات جديدة تتيح فهماً أكبر لإنسان "نياندرتال" الذي عاش في عصور ما قبل التاريخ.

وقال ويل روبروكس المُعدّ المشارك للدراسة إن "إنسان نياندرتال كان يُحسِن التصرف بكميات هائلة من الطعام"، غير متأتية فقط من صيد الخيول أو الأبقار أو الغزلان.

وأوضح أن هذه الكميات كانت "تُحفَظ لفترات طويلة، وهو ما لم يكن معروفاً من قبل"، أو كانت تُستهلَك نظراً إلى أن الإنسان كان يعيش في "مجموعات بشرية أكبر بكثير مما كان يعتقد سابقاً".

وكان تقطيع فريسة يبلغ متوسط وزنها عشرة أطنان قبل تعفن اللحم يستغرق العمل أياماً عدة بمشاركة نحو 20 رجلاً، بحسب الباحثين. وكانت توفر ما يكفي من الطعام لمدة ثلاثة أشهر لـ 25 شخصاً، أو شهراً واحداً لمئة شخص. أما الطريقة لحفظها، فكانت ربما تجفيفها بالنار.

ولكن كيف كان إنسان "نياندرتال" يفعل لقتل هذه الحيوانات العملاقة؟ لا تتوافر معطيات مؤكدة في هذا الشأن، لكنّ إحدى الفرضيات هي أن الصيادين كانوا يشلّون حركة الأفيال باستدراجها إلى مناطق موحلة تعلق فيها، أو إلى فخاخ محفورة، ثم كان يُجهزون عليها بالرماح.

- تقطيع بأدوات الصوان

وكان الباحثون يتساءلون طويلاً عن سبب وجود عظام فيلة بالقرب من الأدوات الحجرية في الكثير من المواقع الأثرية، فهل كان إنسان "نياندرتال" قادراً فعلاً على اصطيادها، أم أنه كان يتغذى على الحيوانات النافقة لأسباب طبيعية؟

ولم يُعثر قطّ على آثار ضربات أو رمح عالق في العظم أو سوى ذلك من أدلة قاطعة على أن الإنسان كان يصطاد هذه الحيوانات المعروفة علمياً باسم "Palaeoloxodon antiquus"، وهذا ليس مفاجئاً نظراً إلى حجمها. وقد اعتبر علماء الوراثة أن ثمة صلة بينها وبين الفيلة الأفريقية الحالية.

ولكن في الموقع المعروف باسم نويمارك-نورد 1، بالقرب من مدينة "هاله" الحالية في ألمانيا، عُثر على مؤشر شكّل تنبيهاً للعلماء، هو عبارة عن بقايا نحو 70 فيلاً، وهي أكبر تجمّع معروف، وهي في غالبيتها العظمى ذكور بالغة. ورأت الدراسة أن عدم التنوع هذا ناتج عن اختيار الصيادين.

يُرجّح أن اصطياد الذكور من الفيلة كان أسهل إذ هي تتنقل منفردة، في حين أن الإناث كانت تعيش ضمن قطعان. كذلك كانت ذكور الفيلة توفّر طعاماً أكثر نظراً إلى أن حجمها أكبر من الإناث.

ثم بادر الباحثون إلى تحليل مجهري للعظام المحفوظة بشكل جيد جداً لنحو 60 من هذه الأفيال، وتبيّن أنها تحمل بوضوح آثار أدوات الصوان التي كان إنسان "نياندرتال" يستخدمها لتقطيعها، وهي شقوق لا تزيد عن بضعة سنتيمترات.

وأوضح ويل روبروكس أستاذ علم الآثار في جامعة ليدن في هولندا أنها "علامات تقطيع مألوفة ناتجة عن تقطيع اللحم وكشطه عن العظام".

وشرح الباحث أن المنطقة التي كان يعيش فيها هؤلاء البشر البدائيون والتي عُثر فيها على الأفيال بالقرب من إحدى البحيرات، كانت تساعد على الإيقاع بها إذ إن التربة فيها رخوة. وكان البشر يسارعون إلى سلخ هذه الحيوانات في موقع نفوقها وفور حصوله.

تعود نحو 40 من هذه العينات إلى حقبة امتدت 300 عام فقط، مما دفع الباحثين إلى الاستنتاج أن حيواناً واحداً كان يُقتل كل خمس إلى ست سنوات تقريباً.


- أجيال

أظهرت الدراسة أن البشر البدائيين درجوا على اصطياد الأفيال في هذه المنطقة طوال ألفَي عام على الأقل، أي على امتداد عشرات الأجيال.

لكن إنسان "نياندرتال" عاش لفترة طويلة جداً (ما بين 400 ألف عام و40 ألفاً)، بحسب ويل روبروكس الذي أوضح أن "الطقس في أوروبا كان في معظم الأحيان أكثر برودة بكثير مما هو عليه اليوم"، على عكس الفترة التي تم تحليلها في موقع نويمارك. لكنه أضاف "صورتنا عن إنسان نياندرتال تتجه بشدة إلى الفترات الباردة".

ومكنت وفرة الغذاء العائدة إلى المناخ الملائم هؤلاء البشر من اعتماد أسلوب حياة أكثر استقراراً، في مجموعات أكبر. ولكن لا يزال من الصعب جداً تحديد عددهم بدقة.

على أي حال، أوضحت الدراسة وفقاً لويل روبروكس أن "عالم إنسان نياندرتال كان شديد التنوع". وأن هؤلاء البشر "لم يكونوا مجرد عبيد للطبيعة يعتاشون من الأرض".

وقال الباحث إنهم "كانوا قادرين على التحكم بمحيطهم (...) من خلال تأثيرهم الحقيقي على أكبر الحيوانات في العالم في ذلك الزمن".

المصدر: آ ف ب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©