الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

د. شريف عرفة يكتب: هل يستبدلك الروبوت؟

د. شريف عرفة يكتب: هل يستبدلك الروبوت؟
28 يناير 2023 00:44

نتحدث دوماً عن التطور المهني، وضرورة مواكبة الإنسان للمستجدات في مجاله. واليوم لم يعد هذا الكلام رفاهية اختيارية، بل واقع حال ينبغي العمل به اليوم، وليس غداً. لأن القادم غير مسبوق في تاريخ الإنسانية كلها.
واكب ظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي تجاهل عجيب في العالم العربي، أو على أكثر تقدير الإشارة إليها كإحدى الغرائب الطريفة أو الألعاب المسلية.. كطفل يلهو بقنبلة هيدروجينية لامعة، غير مدرك لضخامة تأثيرها.
حدثتكم مراراً عن برنامج ميدجورني، المخصص للتصميمات الإبداعية، وبرناج شات جي بي تي «الخاص بشركة أوبين إيه آي»، الذي وصفه إيلون ماسك بأنه «جيد بشكل مخيف».. فهو يجيبك، لا كمحرك بحث يأتي بنتائج كتبت مسبقاً، بل كشخص «يفهم» ما تسأل عنه وينتج إجابته الخاصة بأفضل ما يكون. هناك فهم لما تقول، ومنطق في الإجابة.
هذا الأخير بدأ بالفعل في شغل وظائف أشخاص حقيقيين. أعرف شخصاً استغنى عن مساعدين كانوا يقومون بجمع المعلومات له من الإنترنت، لكنه أصبح يجد الإجابة بشكل مباشر. مكتوبة بالطريقة التي يفضلها، كمقال أو دراسة أو حتى خطاب للجماهير أو نكتة أو حتى قصيدة شعرية بأسلوب شكسبير! يستنتج إجابة المعضلات الفلسفية والأخلاقية، بل ويشتبك معك في حوار لو قررت أن تجادله فيما يقول.
لم يظهر هذا البرنامج فجأة.. ففي 2019 وقّعت مايكروسوفت اتفاقية تعاون مع هذه الشركة لتحسين محرك بحثها «بينج» الذي لا يعرفه أحد.. ريما ليصبح محرك بحث تسأله ويجيبك مباشرة دون الغوص في نتائج البحث.. ويبدو أنهم قوم بعيدو النظر حقاً، لأن إطلاق النسخة التجريبية لهذا البرنامج لعدة أيام كانت كفيلة بأن تقوم شركة جوجل بإعلان حالة الطوارئ الداخلية، لأنه يهدد عرشها الذي تربعت عليه طويلاً. بعد أن دخلت كلمة «جوجل» في قواميس اللغة الإنجليزية كمرادف للبحث، قد تصبح كلمة من الماضي!
نعود لموضوعنا.. هذا البرنامج قادر على استبدال البشر فعلاً حتى في أعقد المهام الإبداعية المتخصصة.. بتطوير بسيط سوف يستطيع تشخيص الأمراض، وكتابة الكتب والروايات، وإخراج الأفلام.. هذا قريب جداً من مستواه الحالي.. يمكنه استبدال المرشد النفسي البشري، واستبدال الباحث العلمي الذي يقوم «بتحليل تلوي» يقارن نتائج الدراسات الأخرى.. الدورية العلمية «علم النفس الإيجابي في الشرق الأوسط» أعلنت كتابة مقال علمي بهذا البرنامج للإشارة لأهمية هذا البرنامج.. يمكنه لعب دور مستشار إداري أو مهني.. شرائح كاملة من المهن المرموقة أصبحت مهددة ولا يمكن إنكار ذلك.. فما العمل؟
العمل ببساطة هو أن تتعلمه وتعتاده وتدمجه في ممارستك المهنية اليومية. استخدمه واجعله حليفاً لك لا عدواً.. كن بارعاً في استخدامه.. كما فعل الفنانون مع برنامج ميدجورني.. لم نتمكن من محاربته فتم استخدامه واستغلاله لاستلهام الأفكار وصنع التصميمات وتوفير الوقت.. كان واضحاً جلياً أن غير الفنانين تعثروا في استخدامه ولم تكن نتائجهم بالقدر الكافي من الاحتراف.. فهو يظل مجرد أداة، حتى الآن على الأقل.
بالمثل يمكن استغلال «شات جي بي تي» في مجالك، بأن تعتبره مساعدك العبقري الذي يفكر معك. استخدام المحترف سيختلف عن استخدام غير المتخصص.. كالأجهزة التي تجري جراحات الليزك والركبة وزراعة الأسنان، التي تتطلب خلفية طبية لاستخدامها. هي سهلة لكن إعطائها لغير متخصص لن يعطي نفس النتيجة لمجرد امتلاك نفس الأداة!
حافظ على مهنتك بتطويرها. فالتطور القادم هو أن تصادق الذكاء الصناعي وتألف استخدامه في مجالك. هذه نصيحتي العاجلة لك.
التحول الحتمي الذي سوف يلي هذا، هو بزوغ الوعي. إذا كان «شات جي بي تي» مجرد «نموذج لغوي» كما يحلو لصناعه أن يصفوه، فإن التحليل النفسي اللاكاني «نسبة لجاك لاكان» يرى أن اللغة هي محور تشكيل الوعي. ويرى عالم البيولوجيا «بريت واينستين» أن تفاعل هذا البرنامج مع بيئته باستخدام اللغة يشبه عملية تطور وعي الطفل الصغير.
لو أصبح واعياً، ماذا نفعل؟
لهذا حديث آخر…

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©