الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

في مهرجان الشيخ زايد.. «خليفة للأعمال الإنسانية» عبق الموروث

الجناح يشهد إقبالاً لافتاً من الزوار (تصوير: علي عبيدو)
4 ديسمبر 2022 02:48

لكبيرة التونسي (أبوظبي)

ضمن تصميم يحاكي الحصون الإماراتية القديمة، تتجلى مظاهر الحياة بكل تفاصيلها، تعبق بروائح العطور والبخور، تقف النساء شامخات خلف منتوجاتهن اليدوية يباهين بما أبدعن وما أوجدن من منتجات أعانتهن على الحياة، واستعملنها كزينة، مستثمرات خيرات الطبيعة، في لوحات بصرية تخاطب الحواس الخمس، تُمتع الزائر وتحيله على حقبة الإنسان الإماراتي في الماضي، والذي كان ركيزة أساسية لتنمية الوطن ورخاء بيته بفعل ذكائه وعطائه اللامحدود، وذلك ضمن جناح مؤسسة خليفة للأعمال الإنسانية. 
يشهد مهرجان الشيخ زايد، الحدث العالمي المتواصل في منطقة الوثبة وسط حضور جماهيري كبير، أجنحة ومعارض كبرى وأحياءً شعبية لإبراز حضارة الإمارات وجوانب متعددة من ثقافتها وموروثها الشعبي، من بينها الحي الإماراتي وأجواؤه التي تعكس الحياة الإماراتية قديماً، حيث تضم فعاليات ترفيهية تراثية وأسواقاً شعبية وعروضاً حية عن الحرف الإماراتية القديمة، ضمن جناح مؤسسة خليفة للأعمال الإنسانية والتي تضم العديد من الفعاليات، ومنها: سوق الوثبة، والحضانة ومسابقة الأكل الشعبي، والمعرض الحي للحرفيات وورشات العمل الفنية التي تدمج بين القديم والحديث، وغيرها من الفعاليات التي تحث النشء على التمسك بالتراث وتربطه بتفاصيل الحياة الإماراتية القديمة التي عاشها الأجداد، لتؤكد هذه المكونات غنى التراث الإماراتي، ومكانة الإمارات كملتقى للشعوب والحضارات، ووجهة عالمية للسلام والمحبة والتسامح.

عروض حية
قالت عفراء الهاملي، من مؤسسة خليفة للأعمال الإنسانية، إن المؤسسة تشتمل على باقة واسعة من الأنشطة والفعاليات التي تحرص سنوياً على ضخ دماء جديدة فيها، مع الحفاظ على رسالتها ورؤيتها، حيث تضم العديد من الأنشطة الخارجية والداخلية، حيث نقلت مجموعة من الحرفيات إلى الساحة الخارجية ضمن «القرية التراثية» ليقدمن عرضاً حياً أمام جمهور مهرجان الشيخ زايد، ومنها حرف السدو، التلي، الصوف، الغزل، الخوص، قرض البراقع، إلى جانب تقديم ورشات، والرد على استفسارات الأطفال والأمهات والأجانب، الذين يعشقون هذه الحرف ويرغبون في الاضطلاع على الموروث الإماراتي، كما تضم هذه السنة ورشاً فنية تستضيف بعض الفنانين لتقديم عروض تدمج بين التراث والفنون الحديثة إلى جانب حضانة تتميز بالسلامة والأمان تتيح للأطفال الاستمتاع ضمن أجواء ترفيهية مليئة بالمرح، في نفس الوقت تشهد القرية التراثية أيضاً مسابقة الأكل الشعبي. 


 
عبق الماضي
يضم «سوق الوثبة»، المصمم بطريقة جمالية والذي يسافر بالزوار إلى سالف الأزمان، بأزقته ومحاله التجارية وتوزيعات محاله، وساحاته أيضاً، بعضاً من مكونات الحياة الإماراتية القديمة، حيث تعرض دكاكين السوق الشعبي المنتجات التقليدية التي تمت صناعتها يدوياً لتحاكي الماضي العريق، والتي روعي فيها التنوع لتعرّف الزوار على أبرز وأهم الحرف التقليدية القديمة التي كانت تعمل بها الجدات والأمهات اللاتي أبدعن في صناعة منتجات يدوية بشكل متقن، وأورثنها للأجيال التالية جيلاً بعد جيل، ومنها المشغولات اليدوية، دلال القهوة، الأواني، الدخون، العطور، الملابس التراثية، البهارات، القهوة الإماراتية، الأكسسوارات، الشيلة، والعباءة، بالإضافة إلى المنتجات الطبيعية والتمور، وأطقم الضيافة المتنوعة، والرسم على الدلال والمفارش، والحلوى، والضيافة والملابس الجاهزة، والبهارات والحلويات.

عطور ودخون
وخلال تجول الزوار بأرجاء المكان، تجذبهم رائحة العطور والدخون داخل الحي الإماراتي، حيث تتزين الدكاكين بمجموعة كبيرة من المنتجات اليدوية التي تعزز عناصر التراث والماضي الإماراتي، مثل البرقع الإماراتي، والمداخن التي تفوح منها الروائح العطرة والمخمرية التي تعتبر واحدة من أهم المستحضرات التجميلية التي يتم تحضيرها بطريقة آمنة وخالية من المواد الكيماوية، من مسحوق أعواد الزعفران المخلوط بسائل دهن العود الأصلي وسائل المسك الأبيض ومسحوق الصندل وعرق الحنا والفل، ثم يتم دفن هذه الخلطة في التراب لفترة تتراوح ما بين عشرة إلى أربعين يوماً لتتخمر وتعطي رائحة عطرية نفاذة، وتصبح على هيئة خلطة عطرية سائلة تستخدمها السيدات والفتيات للشعر والجسد كواحدة من الطرق الآمنة التي تتبعها المرأة الإماراتية منذ القدم، كما تعرض العديد من الدكاكين مجموعة كبيرة من التوابل والبهارات التي لا يخلو منها أي مطبخ إماراتي، حيث يعتمد عليها البيت الإماراتي منذ القدم لإضافة نكهات خاصة على الأكلات الشعبية الشهيرة، ولتحسين مذاق الوجبات ومنحها شكلاً وطعماً صحياً خاصاً، إلى جانب دلال القهوة والشاي التي تمت صناعتها ونقشها يدوياً بشكل يعكس الطابع التراثي، إضافة إلى الأزياء التراثية وغيرها من المنتجات التي برعت المرأة الإماراتية في صناعتها. 

تجارب ثرية
 ضمن «القرية التراثية»، وخارج أسوار مؤسسة خليفة للأعمال الإنسانية في مهرجان الشيخ زايد، تعكس مشاركة مجموعة من الحرفيات جزءاً من حياة الأجداد، وكيف كانت الصناعات اليدوية تشكل اكتفاءً ذاتياً لبعض الأسر، حيث تقدم الصانعات عرضاً حياً أمام الجمهور، وتثري تجربة الجمهور المتعطش إلى معرفة المزيد عن الأشغال اليدوية وأنواعها، وعبر معدات بسيطة تعمل السيدات على إخراج أجمل الأدوات من الصوف أو السدو أو التلي أو الخوص، بحيث تحول المواد الخام إلى تحف جميلة، إلى ذلك قالت مريم الشامسي التي تعمل على «سف الخوص» بمهارة عالية، إن هذه المهنة ورثتها عن والدتها، وكانت تصنع منها المفارش والسلال، والأغطية، كنوع من استثمار الطبيعة لسد حاجياتنا، ويتم ذلك بين نساء الفريج، حيث كان يسود المحبة والتعاون، وقد تم تطوير هذه الصناعة اليوم بناء على ما يطلبه الناس بما يتواكب مع متطلبات الحداثة من دون أن يتم المساس بجوهره.

بهارات ونكهات
كثيرة هي الصناعات والحرف التراثية في مهرجان الشيخ زايد التي تعكس مهارة المرأة الإماراتية وإبداعاتها، سواء تلك التي ارتبطت بتوفير أدوات للبيت أو تعلقت بتحسين نكهات الطعام مثل إعداد السمن والبهارات، والتي كانت تعدها النساء وتستعملها جميع ربات البيوت بهدف منح الأطعمة والأكلات نكهات خاصة، حيث يعملن على شراء أنواع مختلفة من هذه التوابل ثم العمل على خلطها وفق مقادير معينة لتحصل كل سيدة على ما يناسب ذوقها، حيث يبقى الأكل الشعبي الإماراتي في الواجهة، مما يدفع الكثير من زوار المهرجان للبحث عن نكهات المهرجان وبهاراته وعن أسرار هذه الخلطات التي تزخر بها البيوت.
 وتعرض الكثير من النساء أشكالاً وأنواعاً من البهارات والسمن البلدي الذي اعتدن إعداده بأنفسهن بشكل طبيعي وبمكونات ذات جودة عالية، وهنا تقول بخيتة المنصوري التي تبيع بهارات منزلية، إنها تحرص على إعداد أجود أنواع البهارات الخاصة بالدجاج والسمك واللحم والمكبوس والبرياني على الطريقة التقليدية.

ورشات فنية
حرصاً على نقل التراث للأجيال القادمة، تقدم المؤسسة العديد من الورش الفنية للجمهور، مستهدفة الكبار والصغار، وتعمل على إدماج الفن الحديث بالمفردات التراثية، ومن الورشات المقدمة للأطفال ورشة الفخار وصناعة الأكسسوارات، إلى ذلك تقول الطفلة ميرة المهيري والتي تقدم ورشة تركيب الأكسسوارات لزوار المهرجان من الصغار، إنها فخورة بهذه المشاركة، خاصة وأنها تساعد الأطفال على تنسيق وتصميم مجموعة من الحلي، كالأساور والخواتم بمختلف الأشكال، لافتة إلى أن هذا النشاط يمنحها الثقة بالنفس ويكسبها مهارة التعامل مع مختلف الجنسيات ضمن أجواء تراثية أصيلة.

مهن شبابية
هناك تشجيع دائم لأصحاب المشاريع التراثية ودعم لا محدود من طرف المؤسسة، هذا ما يؤكده الشاب أحمد عارف، مشارك بجلسات ومستلزمات البر، إلى جانب محل ألعاب، ضمن مشروع شبابي يرى النور في مهرجان الشيخ زايد بسوق الوثبة، وهو مشروع يعود لثلاثة شبان إماراتيين، نقلوا مشروعهم من العالم الافتراضي إلى أرض الواقع، ويتعلق منتوجهم بجلسات صناعة إماراتية، وحقائب البر وكشافات الضوء ودلات القهوة والشاي، ويشيد عارف بالتنظيم المميز للمهرجان وبالإقبال الذي يشهده وسط حضور جماهيري عالمي.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©