السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

الأخوان بفرلي ودريك جوبيرت وحكايتهما في تصوير وثائقية «أسبوع القطط الكبيرة»

الباحثين والمخرجين ديرك وبفرلي جوبيرت في غابات أفريقيا
24 مايو 2022 16:48

خولة علي (دبي) 

رحلة مذهلة قام بها كل من المخرجين والباحثين الأخوين بيفرلي وديرك جوبيرت في تصوير عالم القطط الكبيرة والتي استمرت رحلتهما فيها ر قرابة نصف قرن، ليقدما سلسلة من الأفلام الوثائقية، «أسبوع القطط الكبيرة» التي عرضت مؤخراً على قناة ناشونال جيوغرافيك أبوظبي، والتي تكشف تفاصيل حياتها، وما تواجهها من صعوبات في غابات أفريقيا، للبقاء على قيد الحياة، فهي تواجه خطراً من التدخل البشري، حيث فقد 90 إلى 95 بالمئة من الحيوانات المفترسة على مدى خمسين عاماً. وكان لصحيفة الاتحاد هذا الحوار مع الباحثين والمخرجين للتعرف على واقع تجربتهما الطويلة في تصوير بيئة الحيوانات المفترسة القطط الكبيرة في قلب غابات أفريقيا، وما واجهتما فيها من أحداث ومواقف.
ما الغرض من البحث العلمي الذي تقومان به حول حياة القطط الكبيرة في الغابات الأفريقية؟

يقول ديريك: وُلدنا - نحن الاثنين- في جنوب أفريقيا ولطالما كان لدينا الشغف لاستكشاف تلك القارة. ولنتمكن من فهم الخصائص البيئية والحيوانية فيها، يجب علينا أن نتعرّف أولاً على الحيوانات المفترسة الضخمة. أغرمنا بالأرض ووقعنا في الحب وعشقنا القطط الكبيرة. وبقيت الأمور على هذا الحال منذ ذلك الحين.

وتعلق بيفرلي: لطالما أدركنا منذ البداية أنّ القطط الكبيرة التي كنا نراها رائعة حقاً، ولم يحظَ أحدٌ من قبل بفرصة التقاط صور لها. وثائقي «أعداء أبديون» كان من أولى الأعمال التي قمنا بها في أوائل التسعينيات. كنا في رحلة بحث في المنطقة وأثناء عملنا في الليل كنا نشهد تلك المعارك الضارية بين الأسود والضباع. لم يسبق للعلماء أن يروا مثل هذه المشاهد من قبل في باقي أنحاء أفريقيا. ومن خلال إطلاقنا اسم «أشد الأعداء» على هذا الوثائقي، كنا نقصد بالتحديد هاتين الفصيلتين اللتين لا تستسلمان في المعارك الضارية بينهما. كان من المهم جداً حماية المنطقة التي كانت حقاً مميزة، وبالطبع الوقوف على ما كان يحدث فيها.

المزيد عن تجربتكما ورحلتكما الطويلة في مجال البحث وتصوير الأفلام حول حياة هذه القطط الكبيرة؟

يشير ديريك قائلاً: بدأنا أولاً بالقراءة عن القطط الكبيرة وموائلها. ثم تعمّقنا أكثر عبر الاطلاع على الاكتشافات ونتائج البحوث السابقة. ومثال جيد على ذلك هو فيلم قمنا بإخراجه مؤخراً واستوحيناه من القصيدة السردية «الكوميديا الإلهية» للشاعر «دانتي». استخلصنا العِبَر منها وقمنا بإخراج الفيلم بناءً عليها، كي لا يكون مجرّد فيلم عن الحياة البرية. ونحاول من خلال تصوير الحياة البرية أن نحثّ المشاهد على التأمّل بحياته وتجاربه الشخصية. ونسعى إلى توجيه رسالة تقضي بأننا لو فقدنا كل هذا، أي الأسود، الفهود أو النمور، نفقد جزءاً أساسياً من حياتنا.

وترى بيفرلي مع فقداننا التدريجي للحيوانات المفترسة. نأمل من خلال هذه القصة أن نلمس قلوب المشاهدين وننير عقولهم حول الصعوبات الكبرى التي تواجهها مثل هذه الحيوانات للبقاء على قيد الحياة في الغابة. ونطلع كذلك على مختلف برامج حماية الحيوان المطبقة في أفريقيا للوقوف على سُبُل حماية هذه الحيوانات، وبخاصة في ظلّ فقدان من 90 إلى 95 بالمئة من الحيوانات المفترسة على مدى خمسين عاماً بفعل التدخل البشري.

وعن احتفالهما بتاريخ 10 فبراير للمرة الأولى بيوم النمر العربي. وهي في الواقع مبادرة جديدة من نوعها في المنطقة تهدف إلى حماية الفصائل المهددة بالانقراض. لقد تركّز جزءٌ كبيرٌ من عملكما على النمور بالطبع، لكن هل تعاملتما يوماً مع النمر العربي؟

وتعلق بيفرلي قائلة: لم نحظَ بعد بفرصة التعامل عن قُرب مع النمر العربي، لكننا ندعم الجهود التي تهدف إلى توجيه التركيز نحو النمر العربي عبر برنامج أطلقته صاحبة السمو الملكي الأميرة ريما بنت بندر آل سعود في المملكة العربية السعودية. ويستهدف هذا البرنامج القطط الكبيرة حول العالم، مع التركيز بالتحديد على النمر العربي. وقد أبدى الجميع استعداده للمساعدة، وبادرنا نحن أيضاً إلى تزويد القائمين على البرنامج بأفلامنا وصورنا لمساعدتهم على منصّات التواصل الاجتماعي. ونرغب كثيراً برؤية النمر العربي وإخراج الأفلام حوله. كما يجب ألا ننسى أنّه يمكننا التعايش بشكل طبيعي مع هذه الحيوانات المفترسة الكبيرة. فكلّ ما علينا القيام به هو احترامها لا أكثر. لم نحاول قطّ إثارة غضب النمور أو مواجهتها، وبالتالي لم تهددنا بدورها ولم تشعر أننا نشكل تهديداً لها. وهذا جزء كبير مما نقوم به مع المجتمعات المحلية من خلال مبادرة «القطط الكبيرة» مع ناشونال جيوغرافيك. فالتوعية مهمة جداً لمعرفة كيفية التعايش مع الحيوانات المفترسة وحماية أنفسنا منها أثناء الليل.

ويؤكد ديريك: إن أجمل ما في النمور هو أنّها تقبع بعيدة عن الأنظار في مواقع لا نتوقّع وجودها فيها أبداً. وما زلنا نتفاجأ حتى اليوم بوجودها في أماكن كنا نعتقد أنّها انقرضت فيها. أعتقد أنّ ما يحفّزنا دوماً لإنتاج الأفلام التي تُعرض خلال «أسبوع القطط الكبيرة» هو أملنا الكبير بحماية تلك القطط، تماماً كالنمر العربي.

هل واجهتما يوماً أيّ مواقف خطرة بسبب عملكما؟

تشير بيفرلي قائلة: نحن لا نحمل أيّ سلاح، لذلك نحاول جاهدين فهم لغة جسد هذه الحيوانات لمعرفة ما إذا كانت تشعر بعدم الارتياح. فإذا بدأت بتحريك ذيلها بالاتجاهين، ندرك أنها تنبّهنا بقربنا منها كثيراً أو تحاول إيصال رسالة معيّنة لنا. ونكون في معظم الأوقات جالسين بهدوء داخل سيارتنا بعيداً عن أنظارها، منشغلين بتصورها بعدساتنا الطويلة. لذلك، لم نواجه أيّ متاعب على مقربة من تلك الحيوانات.

ويضيف ديريك: «بعد قضائنا ساعات وأياماً وأشهراً وسنوات طويلة مع القطط الكبيرة، تبين لنا أنها أفضل بلا شكّ من الحيوانات الأخرى التي ألحقت بنا الأذى. فقد تعرّضنا لبعض لدغات الأفاعي واعترضت طريقنا الفيلة أربع مرات وتعرّضنا لهجومٍ ضارٍ من جاموس كادت بيفرلي تموت بسببه وأمضت تسعة أشهر في المستشفى عام 2017. في الواقع، كادت بيفرلي تموت على ذراعي مرتين ونجحت لحسن الحظّ بإنقاذها في الحالتين. ونجونا كذلك من ثلاث حوادث لتحطم الطائرات التي كنا على متنها وأصبنا بالملاريا 20 مرة وتعرّضنا للدغات العقارب، إلا أنّ الحادثة الأخطر على الإطلاق كانت بالطبع هجوم الجاموس علينا،
الذي كان مصابا على حد قول بيفرلي، مما يبرر الحالة المرضية التي كان فيها وعلامات الغضب والانتقام التي بانت عليه بوضوح. لم نكن نعرف سبب إصابته، سواء كانت من فعل الإنسان أو جاموس آخر، لكن هذه هي عادة الحالات التي يلاحقك فيها أحد الحيوانات. فربما يتفاجأ الحيوان بوجودنا أو يكون مصاباً».

بعد كلّ هذه السنوات والبحوث المعمّقة التي قمتما بها حول هذه الحيوانات، هل تفضلون إحدى القطط الكبيرة على غيرها؟

تقول بيفرلي: يصعب علينا الإجابة على هذا السؤال، لكن أعتقد أنني اختبرت أعمق المشاعر على الإطلاق مع إحدى النمور بالتحديد، والتي أطلقنا عليها اسم «ليجاديما». نشعر بقربنا الكبير من الغابة وما تحويه من كائنات، وذلك بفضل عدم تدخلنا أبداً بمسار الحياة اليومية فيها. وبالرغم من عدم قدرتنا على لمس تلك النمرة أو التقرّب منها على الإطلاق، شعرنا أنها تتفاعل معنا بطريقة مميزة جعلتنا نشعر بحزن كبير عندما كان علينا المغادرة للعمل على إخراج الفيلم. وبينما كنا نعمل على إخراج الفيلم، قمنا بركن سيارتنا في مرآب بالقرب من مخيم سياحي. وكنا نتلقى بين الحين والآخر رسائل يُطلب منا فيها العودة لأنّ النمرة لم تكفّ عن الذهاب إلى السيارة والتمدّد بالقرب منها منتظرة عودتنا. لهذا السبب بالتحديد، عدنا إلى ديارنا وقمنا بتأليف كتاب عنها بعنوان «عين النمر». وألقينا كذلك الضوء على العمل الذي يجري خلف كواليس وثائقي «العيش مع القطط الكبيرة»، والذي يعكس مدى اندهاشنا بهذه القطط ومدى تأثيرنا عليها بالمقابل. وعندها، أطلقنا مبادرة «القطط الكبيرة» مع قناة ناشونال جيوغرافيك لأننا رغبنا بأن نكون سفراء القطط على اختلاف أنواعها، لمحاولة إيجاد الطرق المناسبة لحمايتها في أفريقيا وحول العالم.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©