الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

شبكة تلفزيون أميركية تبث إرسالها من المحاكم

جوني ديب وآمبر هيرد في المحكمة
21 مايو 2022 01:57

تحولت جلسات المحكمة التي تنظر قضية الممثل الأميركي جوني ديب وطليقته الممثلة أمبيرد هيرد إلى ما يشبه المسلسل الدرامي أو الفيلم المثير. الملايين حول العالم أخذوا يتابعون التفاصيل بحماس بالغ واهتمام كبير. فحياة نجمين شهيرين صارت بكل تفاصيلها الصغيرة جدا والخاصة للغاية، مكشوفة، مفضوحة، أمام العيان.
ولم يكن من الممكن أن يحدث ذلك لولا شبكة تلفزيون فريدة من نوعها في صناعة الإعلام بالولايات المتحدة.
الشبكة، واسمها Court TV، قدمت على مدى عقدين دراما مثيرة من قاعات المحاكم إلى غرف معيشة الأميركيين. فهي متخصصة بالأساس في بث وقائع المحاكمات عبر الولايات المتحدة. وهي لا تكتفي بمجرد بث الوقائع.. بل تقدم تغطيات عميقة ومفصلة بالاستعانة بآراء وتحليلات ووجهات نظر خبراء ومتخصصين في مختلف المجالات لأهم المحاكمات وأكثر القضايا إثارة للجدل.

ويمنع القانون الفيدرالي الأميركي بالأساس تصوير المحاكمات في المحاكم الفيدرالية. لكن بعض المحاكم غير الفيدرالية في بعض الولايات تتيح، بحسب تقدير القاضي، تصوير الجلسات صوت وصورة، وفقاً لظروف محددة.
ويمكن لكل ولاية أن تضع قوانينها الخاصة بشأن بث المحاكمات الجنائية والمدنية بحسب جيني بوليسينيسكي الباحثة في مركز التعديل الأول التابع لمعهد منتدى الحرية في تصريحات لمنصة تقصي الحقائق التابعة لروتيرز.
يقول أنصار منع التصوير في قاعات المحاكم إن الكاميرات يمكن أن تعوق المحاكمات وتعرقل سيرها بطريقة طبيعية، كما أنها قد تشجع أولئك المحامين أو المتهمين الميالين للاستعراض بطريقة مثيرة، على خوض جدالات حادة أمام الكاميرات. فيما يقول أنصار المعسكر الآخر أن السماح بوجود الكاميرات يضمن الشفافية.
ويتهم جوني ديب (58 عاماً) طليقته هيرد (35 عاماً) بتشويه سمعته عندما نشرت مقالاً بصحيفة واشنطن بوست في ديسمبر 2018، زعمت فيه أنها ضحية عنف أسري مارسه ضدها من دون أن تذكر اسمه صراحة. ويطالب ديب بخمسين مليون دولار تعويضاً، فيما تطالب هي بتعويض قدره مئة مليون دولار. ومن المقرر أن تختتم المحاكمة يوم الجمعة المقبل.

من أطلق الشبكة وكيف تأسست؟
وضعت Court TV كاميراتها في كل ركن بالقاعة 5j في محكمة مقاطعة فيرفاكس التابعة لولاية فيرجينا. ثم تم مد كابلات هوائية لمسافة طويلة من القاعة إلى مجموعة من الصحفيين كانوا متمركزين في نقطة تجمع بساحة لانتظار السيارات خارج المحكمة. حصلت الشركة على موافقة القاضي لبث الوقائع بهذه الطريقة. فقاعة المحكمة لم تكن لتستوعب عشرات الصحفيين من مختلف وسائل ومنصات الإعلام. لذلك كان الحل أن تبث المحطة عبر كاميراتها على الهواء كل التفاصيل للصحفيين المتجمعين في ساحة الانتظار. 
وتملك الشبكة منظومة بث قوية وواسعة الانتشار، عبر محطتها التلفزيونية ومنصتها الإلكترونية.
مؤسس المحطة هو ستيفن بريل وهو صحفي ومحامٍ ورائد أعمال ومؤلف بارز درس الحقوق في جامعة ييل المرموقة، وعمل فيها محاضراً للطلبة الذين يدرسون اللغة الإنجليزية والصحافة والكتابة الإبداعية. وهو أيضاً كاتب شهير له مقالات وتحقيقات مميزة منشورة في نيويوركر وتايم ونيويورك تايمز وله سبعة كتب. في 1991 أطلق بريل Court TV لتلبية احتياجات الجمهور المغرم بمتابعة أخبار المجرمين والجريمة وكل أشكال مخالفة القانون. وعبر المحطة كان يتم عرض أبرز القضايا في بث حي كل يوم من الشارع وقاعات المحاكم، مع تعليقات يقدمها أفضل الخبراء القانونيين.

لقد كانت المحطة حدثاً استثنائياً عند انطلاقها، باعتبارها طفرة جديدة في عالم الصحافة. شاركت في إطلاق المحطة ثلاث مؤسسات إعلامية كبرى بالولايات المتحدة هي «تايم ورنر» و»ليبرتي ميديا» و»إن بي سي» . وتملك المحطة سجلاً هائلاً لتسجيلات محاكمات أيقونية في تاريخ القضاء الأميركي، كما يقدم برامجها نخبة من أفضل الصحفيين المتخصصين في القضايا القانونية. 
اشترتها الشبكة مؤسسة E.W Scripps مع أرشيفها الثري الذي يضم أكثر من ألف محاكمة في 2018، وأعادت إطلاقها بعد ذلك في 2019، كأيقونة حية متألقة في تاريخ البث التلفزيوني الأميركي. وتعد E.W Scripps التي تأسست عام 1878 رابع أضخم شركة للبث التلفزيوني المحلي في الولايات المتحدة، حيث تقدم للمجتمعات المحلية الأميركية إعلاماً وصحافة رفيعة المستوى عبر 61 محطة تلفزيون في 41 ولاية. وبخدماتها المتنوعة فإنها تصل تقريباً إلى كل أميركي من خلال بث Court TV ومحطات أخرى شهيرة.. وشعارها الأثير على مدى عقود «امنحهم النور وسوف يعثرون على الطريق».

كيف استفادت Court TV من بث المحاكمة؟
عبر العالم كله، صار هناك هوس جنوني بمتابعة المحاكمة، التي تقدم، بحسب مجلة فانيتي فير، نظرة نادرة وفاحصة لفصول مثيرة من علاقة زواج مسمومة بطريقة مأساوية بين اثنين من نجوم هوليوود كان كثيرون يحسدونهما على الشهرة والجمال والثراء. تقول المجلة: إنها دراما تلفزيونية صادمة وغريبة. صدمت الوقائع الجمهور الذي انقسم إلى فريقين، أحدهما يتعاطف مع طرف من دون الآخر. وبفضل المحاكمة زاد عدد مشاهدي CourtTV بأكثر من 4 أضعاف.

لقد كانت اللقطات حارة ومفعمة بالحياة، كأنه فيلم وثائقي واقعي مستمد من تفاصيل الحياة اليومية المروعة التي تكشفت للناس. عدسات CourtTV نقلت كل تعبيرات الوجه وتقلصاته ولغة الجسد بحركات اليد مع الدموع الحارة الغزيرة ونظرات الحيرة والألم على وجه ديب وطليقته، حيث استغلا خبرتهما لتقديم أداء رفيع المستوى لإقناع المحكمة بصدق رواية كل منهما ضد الآخر.

لماذا تمنع بعض المحاكم التصوير؟
أعادت بث محاكمة جوني وأمبير، للأذهان الأيام الخوالي للمحطة عندما كانت تقدم في التسعينيات تغطية يومية لمحاكمات شهيرة مثل قضية الأخوين مينديز واللاعب أو جي سيسمبسون.. وهي تلك المحاكمات التي أثارت جدلاً واسعاً بين مختلف أطياف المجتمع الأميركي، وهيمنت لسنوات على النقاش العام على كل المستويات. وبعد محاكمة سيمبسون والضجة الإعلامية الهائلة التي أثارها بث جلساتها، بدأ التفكير في إبعاد الكاميرات عن قاعات المحاكم. لقد كانت هناك انتقادات حادة جداً.. فالرافضون للبث يقولون: كيف نقبل بأن تتربح شركات ومحطات تلفزيون بعينها عبر استغلال عملية التقاضي داخل المحاكم الأميركية بطريقة يمكن أن تؤثر أيضاً على الأحكام النهائية؟!.. وترد CourtTV قائلة إن مهمتها هو أن تعرض للأميركيين بأمانة وللجمهور بشفافية ومن دون تحيز، كيف يؤدي النظام القضائي الأميركي عمله بنزاهة. وتتنوع القواعد الخاصة بالكاميرات في المحاكم الأميركية من ولاية لأخرى بمقتضى قرار أصدرته المحكمة العليا قبل سنوات طويلة.

  • تضطر الصحف للاعتماد على الرسوم في تغطية القضايا بالمحاكم الفيدرالية
    تضطر الصحف للاعتماد على الرسوم في تغطية القضايا بالمحاكم الفيدرالية

والتصوير ممنوع بالمحاكم الفيدرالية العليا وفقا للقانون 53 لعام 1946 الذي ينص على أنه «يجب ألا تسمح المحكمة بالتقاط الصور في قاعة المحكمة أثناء الإجراءات القضائية، أو بث الإجراءات القضائية من قاعة المحكمة». ومسموح التصوير في محاكم الولايات بإذن القاضي. لذلك يتم اللجوء إلى الرسامين الذين يقدمون وقائع الجلسات القضائية في اسكتشات ملونة، تضطر الصحف ووسائل الإعلام للاعتماد عليها في تغطية القضايا.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©