الخميس 16 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

سياحة زراعية في الباهية

حقول مفتوحة بين جنبات المزرعة (تصوير: وليد أبوحمزة)
4 مارس 2022 01:56

لكبيرة التونسي (أبوظبي)

قبل أن تلج المكان، تشعر أنك في بقعة مختلفة، كل شيء يوحي بالجمال، عبق النباتات العطرية يملأ الفضاء والأكياس المملوءة بالشجيرات ورائحة التبن المضغوط، عناصر تدعوك للجلوس، وارتشاف كأس شاي أو كوب قهوة بالحليب الطبيعي الطازج، لتجد نفسك وسط حقول خضراء يانعة، وتكتشف أن وراء هذا المقهى المفتوح على الشارع مفردات تخاطب الحواس الخمس، وتجعلك تعيش تجربة ترفيهية تعليمية سياحية تحاكي الأجواء الريفية، تجسد رؤية صاحب المبادرة الشاب خالد الشامسي الذي أراد أن يفتح المزرعة لاستقبال فئات المجتمع، ويدعوهم إلى العودة للطبيعة في الباهية بأبوظبي.

عندما يجول الزائر في المزرعة، يمشي في ممرات يزينها نبات النعناع، وحقول مفتوحة تزخر بمختلف المحاصيل من ثوم وبطاطا وبصل وفاصولياء وقمح وشعير وقرنبيط وبروكلي وطماطم، وباذنجان.
من منطلق إيمانه بأهمية تحقيق الاكتفاء الذاتي في قطاع الزراعة، ومدفوعاً بشغفه الكبير بهذا المجال، أسس خالد الشامسي «حاصل على دكتوراه في الأمن الغذائي والاستدامة» مزرعته العضوية النموذجية في منطقة الباهية والواقعة على مساحة 5 هكتارات، والتي تزخر بشتى أنواع الخضراوات والورقيات وأصناف شتى من الحيوانات، ويقدم تجربة فريدة للاستمتاع بأجواء طبيعية وسط الحقول الخضراء وصيد السمك وإطعام الحيوانات والطيور ومراقبة السلاحف والضفادع والنحل وركوب الخيل وممارسة الأنشطة التفاعلية.

اعتراف دولي
المزرعة نموذجية وتعمل على تعزيز الاكتفاء الذاتي، ودعم الاقتصاد الوطني، وتشجع على السياحة الزراعية التعليمية والتثقيفية، وتنتمي إلى مزارع أبوظبي العضوية التي تأسست سنة 2005، وحصلت على الاعتراف الدولي عام 2007، وعلى وسام منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «الفاو»، حيث تعتبر من المشروعات الطموحة، التي تسهم في تحقيق الأمن الغذائي المستدام بالدولة، من خلال محاصيل عضوية وفق جودة عالية.

أسلوب صحي
ويستقبل الشامسي الزوار بترحيب وفيض كرم، موضحاً أنه افتتح أبواب مزرعته خلال فترة انتشار الجائحة ليوفر فرصة للناس للاستمتاع بأجواء طبيعية، ويلبي الطلب على المحاصيل الزراعية العضوية، حيث ارتفع الوعي بأهمية العودة للطبيعة واتباع أسلوب صحي، وأيضاً يتجه في المقام الأول إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الخضراوات وبعض الفواكه ومشتقات الألبان والدجاج والبيض واللحوم ضمن أجواء تفاعلية، حيث يشعر الزائر أنه جزء من المشروع، يجول ويقطف ما يحتاجه بنفسه.

استدامة
بالحديث عن فكرة مشروعه المجتمعي السياحي قال الشامسي، إن مساهمته في تحقيق الاكتفاء الذاتي وفق أعلى معايير السلامة يأتي في المقام الأول، حيث صمم المشروع ليكون مستداماً، مؤكداً أن تداعيات الجائحة كانت حافزاً للنجاح.
مشروع الشامسي الزراعي البيئي «مزارع» يوفر تجربة لمحبي الزراعة ويشكل وجهة مثالية لعشاق الطبيعة، حيث لا يبخل بعلمه وما تراكم لديه من خبرة طويلة في مجال الزراعة العضوية، موضحاً أن مشروعه المتكامل، حلقة متواصلة من الإنتاج، يهدف إلى تقليل البصمة الكربونية وإعادة استعمال كل ما تنتجه المزرعة، وتقليص التأثير البيئي، وإعادة التدوير وتحليل المنتجات، وعدم الإسراف في استعمال المياه والطاقة، واستعمال مياه تربية الأسماك في ري المحاصيل.

الشامسي ينتقي البذور الأصلية من مختلف الدول، إذ نجح في زراعة القمح والشعير والذرة والدخن، لافتاً إلى أن عملية التوطين تستغرق 3 مواسم زراعية كي تتأقلم مع البيئة المحلية، وقد وطّن أكثر من 50 صنفاً، ولفت إلى أنه صمم المكان بشكل إبداعي، حيث جعل البيوت المحمية بالمحاذاة مع المدخل كي تصد الرياح، بينما جاء الحقل المفتوح في الوسط، أما المكان المخصص للحيوانات والدواجن ففي الجهة الأخرى من المزرعة، ويتضمن المشروع العديد من المرافق الأخرى، من «مسرح» لتثقيف الزوار وخاصة الأطفال، و«بيت الحكمة» وهو عبارة عن مختبر، و«بيت المعرفة» عبارة عن مكتبة، حيث يركز على الجانب التثقيفي والعلمي، كما يشتمل المكان على مزرعة ضفادع والتي تشكل سلاح المزرعة، حيث تقضم جميع الحشرات، إلى جانب مزرعة السلاحف، وبيت النحل والذي يحتوي على 8 خلايا نحل، لتلقيح المحاصيل.
وأشار إلى أن جميع المنتجات يتم الاستفادة منها، حتى «تفل» القهوة والشاي، الذي يستخدم كسماد طبيعي للنباتات، وأوضح أنه يعتمد على زراعة الخضار والفواكه بطرق طبيعية لا تحتاج للأسمدة الصناعية والمواد الكيميائية لتجنب الانبعاثات السامة، كما يعتمد حلولاً طبيعية للتخلص من الآفات بشكل آمن.

السوق الأسبوعي
يعرض السوق الأسبوعي الذي يعقد مرتين خلال نهاية الأسبوع يومي السبت والأحد، على طاولات خشبية، جميع أنواع الخضراوات والورقيات العضوية التي تنتجها المزرعة، أما المتجر الدائم، فإنه يوفر خيارات متنوعة من إنتاج الدواجن ومشتقات الحليب، أما المطعم والمقهى فتلك قصة أخرى، تراعي الاستدامة، انطلاقاً من استعمال محاصيل المزرعة العضوية إلى تزيينها بزهور الحقل الطبيعية، حيث يبدأ الشيف يومه بقطف الخضراوات الطازجة من الحقل لإعداد الطعام الصحي.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©