عدد اليوم
د. شريف عرفة
على عكس ما يعتقد البعض، فإن الغضب يعد أحياناً شعوراً طبيعياً ينبغي الاعتراف به، لا كبته وكتمانه طوال الوقت.. لأنه قد يكون دليلاً على شعور الشخص بمخالفة لقاعدة مهمة لا ينبغي خرقها.. مثل تعمّد أحد الأشخاص إلحاق الضرر بك.. أو حين ترى من يقهر شخصاً ضعيفاً.. وقتها يدفعك الشعور بالغضب لإيقاف هذا الأمر. أي أنه شعور نادر مؤقت، قد يتطلبه الأمر أحياناً.
لكن المشكلة تحدث حين يكون الغضب دائماً.. مستمراً.. وفي غير محله.. يثار لأسباب تافهة يمكن تجاوزها، أو حين تزيد حدته أكثر من اللازم.. أو حين لا يكون الشعور المناسب لحل هذه المشكلة.. فكثير من الناس يعانون نوبات غضب تدفعهم للتصرف بطرق يندمون عليها لاحقاً وتزيد الأمور تعقيداً..
فكيف يمكننا التعامل مع هذا الشعور؟
كثيرة هي الدورات والدراسات والكتب التي تحدثت عن هذا الموضوع نظراً لأهميته..
فتعالوا نتعرف إلى بعض من أكثر الأساليب شيوعاً في إدارة الغضب.
المنطق يهزم الغضب
هناك أفكار تشجع على الغضب، وتجعل الإقلاع عنه مستحيلاً، مثل أن الغضب دليل على قوة الشخصية أو الرجولة.. أو أنه سلوك يجعل الناس يعطونني ما أريد.. هنا ينبغي للإنسان أن يتحدى هذه الأفكار ويفندها، ليدرك أن هذه المكاسب الوقتية هي في حقيقة الأمر خسائر على المدى البعيد.. ستجعل الناس يكرهونك وينفرون منك، وتخسر حبهم واحترامهم لك.. كما أن قوة الشخصية يعني التحكم في النفس، لا أن يفقد الإنسان صوابه، كثور هائج يلوح له أحدهم بحرملة حمراء فيلاحقها ساعياً لهلاكه. التحكم في الانفعالات جزء من كون الإنسان ناضجاً. يمكن القيام بذلك في حوار الإنسان مع نفسه، أو بكتابة العيوب المترتبة على هذه السلوكيات.
وفي المواقف المثيرة للغضب، تدرّب على فهم الموقف بطريقة لا تثير فيك هذا الشعور.
الاسترخاء
تعد تمارين الاسترخاء واحدة من أبرز أساليب إدارة المشاعر وتخفيف الضغوط التي ينبغي تعلمها والمواظبة على ممارستها. التنفس ببطء وعمق، والتركيز في التنفس، أو في الأحاسيس الجسدية أو في العناصر المحايدة التي تحيط بالشخص هنا والآن.. ويمكن أيضاً إغماض العينين وتأمل المشاعر العابرة كسحابة يمكن مراقبتها من بعيد، لا اعتبارها أمراً يتملكنا ويتحكم فينا.. أم تخيل مكاناً مثيراً للاسترخاء أو موقفاً كنت فيه سعيداً هادئاً واستشعار المشاعر المصاحبة لهذه الذكرى... إلخ.
بالطبع هناك أساليب أخرى «مثل التنفيس في الرياضة البدنية، أو التشتيت بالانشغال في نشاط محايد، أو التركيز في عد الأرقام بالعكس…إلخ»، وهناك حالات من الغضب العارم التي تحتاج إلى مساعدة متخصصة، للتدرب على الوسيلة المثلى التي تناسب كل شخص.
حل المشكلة
قبل أن تبدأ مشاعر الغضب في التصاعد اسأل نفسك فوراً: ما الذي أريد الوصول إليه في هذا الموقف؟ إذا رأيت ابنك وقد أخطأ، بدلاً من أن تنجرف في مشاعر الغضب وتسبب له عاهة نفسية تجعله يكرهك للأبد، قل لنفسك: ما هو عذره؟ ما الذي أريد أن يتعلمه في هذا الموقف؟ اهتم بحل المشاكل التي تثير فيك شعور الغضب، بدلاً من التنفيس عن مشاعرك تجاهها وزيادة المشكلة تعقيداً.
لا تقفز لاستنتاجات وتشيطن الشخص الذي يثير فيك الغضب، بل تواصل معه وافهم دوافعه، واسعَ لإيجاد حلول بدلاً من الرغبة في هزيمة الطرف الآخر. فبدلاً من اعتبار تصرفات الناس مستفزة.. افهم دوافعهم.. والتمس لهم العذر.. ولا تعط الأمر أكثر من حجمه!
يمكن أيضاً تجنب المواقف أو الأماكن التي تثير شعور الغضب، والتعامل معها في وقت آخر يكون فيه الإنسان أهدأ بالاً.
