الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

(من دفء دفتر - 3)

(من دفء دفتر - 3)
24 أكتوبر 2021 00:19

«في الشيء الذي يأخذ كل شيء ويتلاشى»…. ……
كنت في زيارة إلى المستشفى وتحديداً جناح كبار المواطنين، زيارة لا بد منها وتقييم للنفس ودخول إلى الأعماق، أحاول من خلالها أن أجد تفسيراً: لِمَ نهجر المكان ونحن في أشد الحاجة له؟ وللحصول على الأجوبة الغامضة في داخلنا والرد على ما يقلقنا من الحياة.
موظف الاستعلام في حوار قصير ….
هل أستطيع التحدث مع أحدهم؟
قال: نعم الغرفة «رقم..» يمكنك، هذا الرجل جاء بنفسه واستقر ولا يود العودة، يعاني من بعض الأمراض، ويريد العناية، ويتحدث بأريحية مع الذي يدخل غرفته، شكراً …
اقتربت من غرفته، وكأنه يعرفني، وتحدثت معه عن الأولاد، وأجاب بكل حب عنهم بأنه لا تقصير، وكان إيجابياً، لكني رأيت في كلامه دمعاً، سكت وقال:
كنت أباً قوياً باراً، أحمل أثقالهم بخفة القوي الأمين، وقليلاً قليلاً تضاءلتُ حتى أطفأت السنين حركتي، وجئت هنا حتى لا أثقل عليهم، حتى لا أشعرهم بحملي الثقيل عليهم، وبين إصراري وعنادي، جئت المشفى للأمان النفسي والعناية الطبية.
الأب، يا بني، يعرف متى تكون لا حاجة له حين يرى باب غرفته مغلقاً ويعتني به غريب ! أجبته: صدقت، قال: هكذا أبواب الحياة تفتح للقوي وتقفل في وجهه إن وهن وضعف ولانت عظامه.
يقول: «خذ من سهادي ولوعتي
قيس الألم بين الضلوع
لا ليل يرحم حالتي
ولا غير أحزان ودموع»
تحتكره الغرفة ويد الممرضة، وتخرج به في تقرير للطبيب، ودعته وداخلي صف من انكسارات، وداخله سنوات بدأ يحصيها وكأنه يقول: لا لهذا ونعم بذاك، قبلة للعافية على رأسه.
«أسأل الله العفو والعافية»
صديقي الشاعر يقول…
كنت أسكن في شقة، وكان الشعر أخي وصديقي، وبعد فترة أصبح أحد أقاربي يأتي ليطمئن علي ويستفسر عن أحوالي، ثم أصبح جاري، نلتقي مصادفة، بعدها لا يأتي ولا يطرق بابي، وهكذا في شيء ولا شيء، أجلس أعاين ضمور أصابعي وقلبي الذي يحتاج إلى من يسعده ويأتي به.
هكذا الحياة يأتي إليها من يدَّعي وهمه الأضواء، ويستولي على أماكن الإنجاز وما حققه الآخرون، وينسف ما بناه الآخرون، ويدَّعي أن التغير من الصفر، ولا يذكر في المؤسسة التي احتوته صغيراً، إلا القهوة وأكل المكسرات، وينسى المعروف.
هناك الكثير من ناكري المعروف السيئين الذين يتسولون تعاطف الآخرين.
«عصفور لا حلك الله
تاكل زرع ليْتام».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©