عدد اليوم
«إن وُلّيتَ فأحسن» أو «إن وِلّيت أحسن» كما تنطقها أمي، حفظها الله، كلما أرادت تذكيرنا بأن من يعملون معنا أوبيننا أو تحت مسؤولياتنا هم بشرٌ مثلنا يستحقون الإحسان، والاهتمام، والرحمة، والاحترام، ولأن «اللهَ يُحبُّ المحسنين» فعلينا أن نتذكر دوماً هذه القاعدة الأخلاقية الإنسانية عند التعامل مع الناس مهما كانت درجاتهم وأولهم العاملون في المنازل.
وهكذا حفظنا أهم القواعد في التعامل مع الناس، هناك أسس أخلاقية وقيمية لا يجب تجاهلها، أو تجاوزها أو القفز عليها إلى سلوكيات تجعل من الإنسان آخَر يتعمدُ إيذاء من حوله متناسياً أبسط الأساسيات في فن إدارة علاقاته، وأسوأ أولئك الذين لا يجيدون كيفية التعامل مع الناس يبدون غلاظ القلوب، يحيكون الدسائس، ويدبّرون المكائد، الحُساد الذين كلما بدا لهم متميزٌ راحوا يتسابقون لمحاربته، ووأد موهبته، ومحاربة علمه، وفكره وثقافته، وحماسه، ورغبته في أن يكون فرداً عاملاً في مجتمعه.
إنّهم يؤذونه، كما يؤذون كل من يشعرونَ بأنهُ أفضل منهم، أو يقاربهم في الفكر والوعي، يتناحرون من أجل وأد الأحلام، لا يعرفون الإحسان ولا مداراة الإنسان، مثل هؤلاء بكل أسف تزداد سطوتهم كلما أمِنوا العقاب، أو ابتعد عنهم من يحاربونه لينأى بنفسه عن شرورهم، ويتّقي أذاهم، يحمل حقيبة طموحه ويبدأ البحث عن آخرَ يكون الإحسان والرحمة في قلبه أهم من المكان، والرّتب، والمزايا.
وحتى على مستوى المنازل والعاملين فيها، هناك أفراد لا يعترفون بأن العاملين بينهم من المُستضعفين يحتاجون الاحترام والشفقة والتحمل، حيث بعضهم جاهل لم يتعلم، وبعضهم ثقافته محدودة بحدود التجارب التي مرّ بها، أو المنازل التي عمِل فيها، ورغم أن بعضهم قد يتجاوز ويُخطئ، ويرتكبُ أفعالاً مرفوضة إلاّ أنك إن عدتَ إلى قراءة واقعهم، وعلمتَ حجمَ ثقافتهم سوف تتفهم أسباب ما فعلوا، عند ذاك ستُحسنُ إليهم، لأن شيئاً من أخطائهم حدث، ربما لأنك قسوتَ عليهم.
فإن كنتَ مسؤولاً ولديكَ موظفٌ متميزٌ أحْسِن إليه بتشجيعك، وتقديرك له، وإن آن موعد تقاعد آخر لا تتعجل وأحسِن إليه بمعرفة ظروفه قبلَ أن تُلحق به الضرر، واستفد من مهاراته وخبراته، وإذا جاءك صديقٌ في حاجة للرأفة والتسامح فأحسِن إليه وافتح له نوافذ قلبك، أحسِنوا تطيبُ حياتكم وأعماركم.
ولا يخفى الإحسان عن القلوب الطيّبة الرّطبة رحمة وشفقة، تغضّ الطرف، وتخفضُ جناح الرحمة، تساند المحتاج، وتحتوي الضعيف، تُربّت على كتفِ صديق، وتعطفُ على غريب، وتنتصرُ لمظلوم، أولئك المحسنون في أخلاقهم، وسلوكهم، وحديثهم من تتوقُ الروح ُ إلى أن يراهم في كلّ مكان.
