الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

د. شريف عرفة يكتب: مهارة عدم التفكير

د. شريف عرفة يكتب: مهارة عدم التفكير
9 أكتوبر 2021 00:52

لا تتوقف عقولنا عن العمل.. ولا يستريح المبدع من إعمال خياله في محتواه الإبداعي إلا فيما ندر.. لذا كان آينشتاين شديد الشرود، وسيلفادور دالي، وبيكاسو كذلك.. لدرجة أن تطرح سؤالاً على أحدهم، فلا يرد عليك لأنه سارح في عالمه الداخلي المعقد..
حتى بعيداً عن مجال الإبداع، كثيراً ما تفكر في تفاصيل حياتك شديدة الازدحام والتشابك.. مستقبل أبنائك.. التخطيط لمستقبلك المهني.. وضع خطة بديلة إن لم تسر الأولى كما ينبغي..ألا تنسى تجديد الرخصة كي لا تدفع غرامة، وأن تدفع الغرامة في وقتها كي لا تدفع غرامة تأخير الغرامة.. وأن تجدد الأوراق وتملأ الاستمارات وتستوفي الإجراءات في موعدها لمجرد أن تستمر الحياة دون مخالفة.. كل هذا دون أن تتأخر عن حضور الاجتماع أو تسليم الملفات، وهي أمور تشغل بالك هي الأخرى..
تجبرنا ضغوط الحياة على التفكير كثيراً، لدرجة أن فكرة «التوقف عن التفكير» تبدو أقرب للترف.. لكن الأمر ليس على هذا النحو.
يقول خبير التفكير، إدوارد ديبونو: إننا كثيراً ما نقع في براثن «التشويش العقلي» .. حين يكون ذهنك مشغولاً في كثير من المواضيع متقافزاً من واحد لآخر دون أن ينتج عن هذه العملية شيء ذو جدوى .. دون إنتاج فكرة واضحة ملموسة .. ليس كل شرودك مفيداً، بل قد يكون تشويشاً عشوائياً غير موجه لهدف حل مشكلة بعينها .. ما يعني أنه ليس تفكيراً بالمعنى الإيجابي المفيد للكلمة، بل اجتراراً لأفكار عشوائية بشكل قد يعطل استمتاعك بلحظات حياتك الراهنة.
حسناً.. أعترف أنني غارق في براثن هذا التشويش أغلب الوقت، لأنه يفيدني في استلهام فكرة رسمة هنا أو موضوع مقال هناك .. لكن هذا ليس مفيداً كل الوقت، ولا لكل الناس..
وصدقني، ليس شعوراً محبباً أن تكتشف أن ابنك يناديك ولم ترد عليه لأنك شارد الذهن!
يكمن الحل هنا - كما تقول مئات الدراسات - في أن تدرب نفسك على ممارسة تأمل اليقظة الذهنية Mindfullness.. والتأمل - بمعناه النفسي - ليس شائعاً في ثقافتنا العربية.. فهو يختلف عن التدبر والتفكير في معاني الأشياء .. بل هو عيش اللحظة الراهنة دون الحكم على الأمور أو التعمق في معانيها .. هنا تتحول موجات المخ إلى موجات ثيتا التي تعني وصولك لحالة من التركيز الداخلي والاسترخاء .. وهو ما تشعر به حين تجلس أمام البحر متأملاً أمواجه.. أو حين تستلقي في حديقة متأملاً السحب .. الاندماج في الطبيعة واحدة من أساليب الاسترخاء النفسي، لذا فهي مفيدة نفسياً، كما تؤكد كثير من الدراسات.. فهذا هو المنقذ من التشويش.
ببساطة، اعتد إراحة ذهنك.. كما يستريح الرياضي كي يستطيع مواصلة العدو.
وفي مقال قادم، سنتعرف على كيفية ممارس ذلك.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©