الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

«إكسبو» يتحدى «الجائحة»

«إكسبو» يتحدى «الجائحة»
6 أكتوبر 2021 01:13

د. شريف عرفة

كان 2020 عاماً عصيباً بحق. في دراسة تحمل عنوان «التأثير النفسي لـ«كوفيدـ19» على الصحة النفسية لدى عامة الناس» قام باحثون من إيطاليا وأميركا بمراجعة الدراسات التي وثقت التداعيات النفسية لـ«الجائحة» في دول العالم المختلفة.. ليخلصوا إلى نتائج -نشرت نتائجها في دورية كيو إم جي- مفادها أن فترة الحجر الصحي كانت لها عواقب نفسية على الصحة العقلية والعادات السلوكية للفرد على المدى الطويل.. منها ما هو إيجابي مثل الحرص على غسل اليدين حتى بعد انتهاء الحجر الصحي بوقت طويل.. ومنها ما هو مؤسف، مثل زيادة معدلات قائمة طويلة من الاضطرابات النفسية.. مثل الاكتئاب، والتوتر والضغط، وتغير المزاج، والغضب، والأرق، وإجهاد ما بعد الصدمة، والاحتراق النفسي، والإنهاك العاطفي.. بالإضافة إلى زيادة مشاعر الملل والخوف والقلق والارتباك والحزن.. وبطبيعة الحال، زادت هذه المشاكل من تفاقم أعراض الأشخاص الذين يعانون أصلاً مشاكل نفسية.. تخيل تأثير «الجائحة» على شخص يعاني اضطرابات القلق في الأساس. 
وبعد هذه الشدة التي ألمت بالبشرية.. أليس ضرورياً أن نسعى للتعافي؟
الاحتفالات والعروض المبهرة التي تواكب فعاليات الـ«إكسبو»، تشيع روحاً من التفاؤل والفرحة، وتشبع الجانب الوجداني في نفوسنا.. مازلنا قادرين على الدهشة والتفاؤل تجاه الغد. وهذا في حد ذاته، أمر مفيد التبديد المشاعر السلبية التي ظللت نمط الحياة لوقت طويل.. بالإضافة لزيادة المشاعر الإيجابية التي يقول علماء إن لها دوراً في مكافحة الفيروس!

السعادة والفيروسات
المشاعر الإيجابية ليست رفاهية، بل ضرورة صحية. هذا ما وجده علماء من جامعة كارنيجي ميلون، حيث قاموا بتجربة طريفة نشرت نتائجها في دورية «سايكوسوماتيك مديسن».. أجروا خلالها تقييماً عاطفياً لكل من المشاركين في الدراسة - أي تقدير المشاعر السائدة لديهم، مثل السعادة والهدوء والغضب والاكتئاب - وبعد ذلك قاموا بشيء عجيب، هو وضع قطرات من أكثر من نوع من الفيروسات التنفسية في أنوف المتطوعين، لإصابتهم بنزلة برد! 
كان سؤال الدراسة هو: كيف سيحارب الجسم الفيروس، في ظل هذه الحالة الشعورية؟
وجدوا أن أعراض المرض كانت أقل بشكل واضح ومنظور عند أولئك الذين يتمتعون بمشاعر إيجابية أكثر، وكأنها حفزت جهاز المناعة كي يعمل بكفاءة أكبر.. ويستنتج الباحثون في هذه الدراسة ما نصه «إن الميل للشعور بعواطف إيجابية مرتبط بمقاومة أكبر لنزلات البرد التي يمكن التحقق منها بشكل موضوعي».
يستشهد مؤسس علم النفس الإيجابي مارتن سليجمان بهذه الدراسة «في حوار له مع سبيكينج أوف سايكولوجي» ليدلل على أن زيادة المشاعر الإيجابية أمر ضروري لمواجهة «الجائحة» بشكل عام.. لا لكونها مفيدة للصحة النفسية فقط، بل لضمان كفاءة عمل جهاز المناعة أيضاً.

معادلة الأمل
يتم تعريف الأمل في أدبيات علم النفس الإيجابي، بأنه: الاعتقاد بأن هدفاً محدداً سوف يتحقق في المستقبل، بالإضافة لمعرفة الطريق الذي يمكن من خلاله تحقيق الهدف. أي أنه يتضمن كل من: «هدف مستقبلي + الطريق لتحقيقه». 
وقد كان تحقيق هذه المعادلة صعباً أثناء «الجائحة».. أتذكر هذه الأيام؟ وباء جديد لا نعرف طبيعته.. لا لقاح له.. محبوسون في بيوتنا لا نعرف متى سنخرج.. يخطر ببال الكثيرين هواجس تتعلق بقرب انتهاء العالم وفناء البشرية، أو حتى انتهاء السلع الأساسية وانهيار المجتمعات والاقتصادات والحضارة.. كان وقتها الشعور بالأمل مجهوداً شخصياً لا حالة عامة.. ورغم أن هذا الشعور قد تبدد تدريجياً مع ظهور اللقاحات والانفتاح التدريجي.. إلا أن بقايا هذا الشعور لاتزال تظلل الأجواء...  فعالية عالمية مثل «إكسبو دبي»، تحقق لنا معادلة الأمل... لأنها تضفي انطباعاً بأن الغد ممكن.. ما زلنا نبدع ونتقدم ونتطلع لمستقبل أفضل.. حين ترى بعينك الحلول والابتكارات والإنجازات التي توصلت لها البشرية لصنع غدٍ أفضل، فإن هذا يبث روح الطمأنينة؛ لأننا جميعاً نعمل معاً ونسير بالفعل في هذا الطريق.. نواجه التحديات نفسها، ويعمل علماؤنا من كل أجناس الأرض على تخطيها.. كل البشر واحد ومصيرهم واحد، وحضارتنا الإنسانية لاتزال تبتكر وتنجز وتواجه، وتتطلع للغد وترسم الخطى إليه.. هذا هو الشعور العام في «إكسبو».. ألا يبدد كل هذا قدراً كبيراً من التشاؤم الذي أحدثته «الجائحة»؟
حضور هذه الفعاليات مفيد للتخلص مما علق في نفوسنا جراء «الجائحة».. ومشاهدة أحدث ما وصل إليه العلم وما توصلت إليه عقول البشر، يعطينا أملاً كبيراً في الغد.. 
ومن المثير للاهتمام، أن «إكسبو دبي 2020» يحمل اسمه تاريخ العام الذي ظللنا فيه معزولين في بيوتنا.. وكأن الفعالية تهدف لتبديد ما علق بذاكرتنا في هذا العام.. وأن الحياة تستمر.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©