عدد اليوم
لكبيرة التونسي (أبوظبي)
اتخذت آمنة المنصوري، طالبة في جامعة السوربون وباحثة مساعدة في وكالة البيئة أبوظبي، من شجرة القرم التي ترتبط بالذاكرة الجماعية لأهل الإمارات، موضوعاً لبحثها لنيل شهادة الدكتوراه، عازمة على إكثارها ضمن مشروع طموح لتوفير معلومات علمية للتعامل معها والحفاظ على سلامتها وجودتها.
وجاء اختيارها لكون غابات القرم مكوِّناً أساسياً في البيئة الإماراتية، إذ تحتضن عدة أنواع من فصائل الحيوانات، بما فيها سرطان البحر، والطيور البحرية مثل البلشونيات والفلامينجو، وتتّخذها السلاحف والثعالب الشاردة والثدييات البحرية مثل الأطوم والدلافين موطناً لها.
وذكرت آمنة المنصوري أن اهتمامها بأشجار القرم يترافق مع شغفها بالبحث في موائل المانغروف، كجزء من فسيفساء أشجار ساحلية مترابطة لدعم التنوّع البيولوجي في الخليج العربي، نظراً للفجوة العلمية الكبيرة في دراسة القرم بالمنطقة العربية.
وأوضحت أن بحثها يدعم توجّه الحفاظ على المانغروف على المستوى الإقليمي، لافتة إلى أن هذه الشجرة التي يكثر نوعها الرمادي في إمارة أبوظبي، تشغل مناطق المد الواقعة بين اليابسة والبحر، وتتمتع بقدرتها على التعامل مع ظروف المد والجزر ونطاقات الملوحة المتغيِّرة.
مسوحات وتقنيّات
وبالحديث عن طبيعة عملها الميداني مع شجرة القرم، قالت: نقوم في وكالة البيئة بإجراء مسوحات منتظمة في مناطق المانغروف حول إمارة أبوظبي، بهدف تقييم هيكل الغابات وخصائصها، وتحليل التربة والكربون واللافقاريات البحرية وتنّوع الحيوانات، لتحسين مراقبة أي تغييرات في البيئة. كما نعمل على جمع العيّنات عبر عدة تقنيّات، وتساعدنا النتائج على اتخاذ قرارات أفضل ووضع لوائح حماية لهذه الأشجار.
استطلاعات مراقبة
وأشارت المنصوري إلى أن غابات المانغروف تُعد من الموائل المعرَّضة للخطر، ولاسيما تلك القريبة من المناطق الحضرية، وعليه تهدف هيئة البيئة في أبوظبي إلى تقليل الإجهاد، واستعادة المناطق المتدهورة والتعويض عن المناطق المفقودة.
وأضافت: إن استطلاعات المراقبة التي أجريناها في وكالة البيئة جنباً إلى جنب مع بحثي المفصَّل حول غابات القرم، من شأنها أن تدعم تطوير استراتيجيات الحفاظ على أشجار المانغروف، وتساعد على فهم أفضل للأنظمة المعقَّدة عموماً، وتعزيز المناطق المحمية البحرية حاضراً ومستقبلاً.
بيئة حاضنة
وتحدثت المنصوري عن ملاحظاتها البيئية حول شجرة القرم، والتي سجّلتها أثناء عملها الميداني، قائلة: إن أشجار القرم القريبة من المدينة لا تتمتّع بالقوّة والصحة اللازمتين مثل تلك التي تنمو في المحميات البعيدة، والتي تتميَّز بالطول والكثافة والنمو الخضري.
ولفتت إلى أنها تركِّز في بحثها على خصوصية أشجار القرم في أبوظبي، مؤكدة أن دافعها للبحث هو توفير معلومات إيكولوجية عنها، مع عدم توافر بيانات كافية في هذا الخصوص. ويدور بحثها عن أهمية هذه الأشجار وسلامتها وكيفية دعم انتشارها، عبر الاستشعار عن بُعد، والتركيز على خصائصها كونها بيئة حاضنة لمجموعة من الحيوانات. وشملت زياراتها الميدانية عدة أماكن، منها جزيرة أبوطينة، والمرفأ، وجزيرة الجبيل، والقرم الشرقي، ورأس غراب وسواها.
زيادة الغابات
وعن نتيجة بحثها وكيف يؤثِّر إيجابياً على التوازن البيئي، أكّدت المنصوري أن دراستها العلمية الدقيقة التي تجريها عن أشجار القرم، تهدف إلى زيادة المجال الأخضر، وتجنّب الأسباب المضرّة بالمانغروف، وإعادتها إلى موطنها الأصلي، والتشجيع على زيادة المحميات.
111 كيلومتراً مربعاًً
تغطي أشجار القرم في أبوظبي مساحة إجمالية تبلغ 111 كيلومتراً مربعاً، وعادة ما تكون شائكة، ويتمحور ارتفاعها بين 6 و8 أمتار، في حين أن تلك الموجودة في المناطق الاستوائية يتجاوز طولها أحياناً أكثر من 30 متراً. ومن العوامل التي تحد من نموها، ارتفاع الملوحة بدرجات عالية، وخصوصاً في بعض البحيرات النائية.
مأوى وغذاء
تُعد أشجار القرم من النظم البيئية البحرية المنتجة المهمة في المنطقة، وتُعتبر من أكثر الموائل التي توفِّر المأوى والغذاء لمجموعة متنوِّعة من الحيوانات البرية والبحرية، مثل الطيور واللافقاريات البحرية وأنواع الأسماك. وتساعد أيضاً على تنظيم تغيّر المناخ من خلال تخزين الكربون واستقرار التربة وحبس الرواسب، والعمل كدرع ساحلي يحمي المناطق من العواصف والأمواج.
