الخميس 2 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

«المناصب».. بوّابة الماضي وسجلّه

«المناصب».. بوّابة الماضي وسجلّه
1 أكتوبر 2021 01:30

هناء الحمادي (أبوظبي) 

على ضفاف الشاطئ الغربي من خليج عُمان، وعلى بعد 120 كيلومتراً من الشارقة، تتربّع «دبا الحصن» التي عرفها العلماء والتجار منذ آلاف السنين، وتُعد واحدة من أقدم مدن دولة الإمارات حيث نسيم الأصالة والعراقة، وقد استمدّت اسمها من «قلعة دبا الحصن»، المعلم الرئيس للمدينة ومركزها في الماضي والحاضر، حتى غدت فرجانها القديمة الصامدة حتى عصرنا هذا، بوّابة الماضي وسجلّه المحفوظ.
«دبا الحصن»، هي آخر مدينة في الدولة من الجهة الشمالية على الساحل الشرقي، حملت تفاصيل حياة أناس سكنوها ولجأوا إليها في زمن الحروب، وأقاموا في أسواقهم وباعوا واشتروا. ويطلق الأهالي على فرجانها اسم «الأحياء»، وقد تعدّدت مسميات الفرجان فيها، فهناك الحي الشمالي والحي الغربي وحي الدوب وحي المناصب، وكلها تفصل بينها القلعة الشامخة حتى اليوم.

رائحة الجدران 
عبدالله سعيد السلامي من أهالي فريج المناصب، عاش تلك الفترة بحلوها ومرها، يعود بذاكرته إلى الوراء من خلال مروره بالفرجان القديمة في «دبا الحصن» التي تُشعره بعبق الماضي، وتقوده المباني الطينية إلى ذكريات تحدّث عنها الآباء والأجداد، وأيام جميلة تغنّت كتب التاريخ بعذوبتها. ويبقى لـ«المناصب» الأثر الطيب في نفس السلامي، حيث يذكر حال الأهالي في سكيكه ورائحة الماضي التي تفوح من جدران المنازل التي تقاوم الزمن والتغيّرات المناخية.

  • عبدالله السلامي في جولة بالذاكرة (تصوير: يوسف العدان)
    عبدالله السلامي في جولة بالذاكرة (تصوير: يوسف العدان)

قال: إذا مررت اليوم بتلك الفرجان، ترى البيوت القديمة من الطين جاثمة هناك تتحدى زمن العولمة والحديد المسلّح والإسمنت والفولاذ، وتستهويك الأبواب والنوافذ الخشبية، وكأن التاريخ يناديك ليريك مدينة تراث حي لم تلمسه الحداثة إلا بجزء بسيط يكاد لا يُذكر.

يد واحدة
وأوضح السلامي أن ما يميِّز أهل الفريج، رجاله الذين كانوا يمارسون صيد السمك ويبرعون في هذه المهنة طلباً للرزق ولقربهم من شاطئ البحر، مشيراً إلى أن الأهالي كانوا يداً واحدة، وكثيراً ما يتم توزيع السمك على الجيران من باب تقاسم الخير. ومن المشاهد الجميلة التي يذكرها السلامي في «المناصب»، تبادل الأطباق بين البيوت طوال السنة، وخصوصاً في شهر رمضان، ودور النساء في تربية الأبناء ومساعدة الزوج والخياطة المنزلية والتعاون مع الجارات في المناسبات، حيث التكاتف سمة أهل الفريج.

حجارة صخرية
وبالحديث عن بيوت الفريج قديماً، فقد كانت متلاصقة ومبنية من الحجارة الصخرية، ومعظمها واقعة بين القلعة ومدرسة الخالدية آنذاك، والتي تُسمّى «طرف المناصب»، والسبب أن رجال الفريج كانوا يشتغلون بنصب شباك السمك، وأهل الخبرة منهم يعرفون متى تُنصب وفي أي موسم وأي وقت. وبجانب صيد السمك، عمل الأهالي على الزراعة من خيرات الأرض التي تمنح كل أنواع المحاصيل، وما يكفيهم لقوت يومهم. 

العصرية
وعن ألعاب الأطفال، أشار السلامي إلى اعتمادها قديماً على معطيات الطبيعة، التي كانت تعج بالفرح والاستبشار، حيث ألعاب البنات تختلف عن الصبيان. وكانت تتنوّع ما بين ألعاب الشاطئ للصبيان، وغالباً اللعبة السائدة هي «التبة»، فيما كانت «المريحانة» لعبة البنات المفضّلة، و«الغميضة» تستهوي الجميع، وكثيراً ما تُمارس في الفريج وقت العصرية. 

الحي
يوضح عبدالله السلامي أن الفريج يُسمّى أيضاً حارة، أي الحي السكني، لافتاً إلى أن تسمية الفريج تعود إلى كون المجتمع الصغير فيه يُشكِّل فريقاً مترابطاً، يُعرف كذلك باسم القبيلة أو العائلة التي تقطنه، أو من العمل السائد لدى أهله، وقد يُنسَب إلى صفة المكان الذي يقع فيه، تماماً كما يُطلق اسمه على المواقع مثل «مسجد المناصب».

تصاميم
تستمد الفرجان ثقافتها وهندستها، من تلاصق جدرانها، وتقارب قلوب جيرانها بِلا فواصل تبعدهم، ما انعكس على طريقة بناء المنازل وتصاميم الأحياء.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©