أمنيات الهاجري.. «دكتورة» التفاؤل والأداء المتميز

مرتضى البريري (أبوظبي)
تمتلك الدكتورة أمنيات محمد الهاجري، مديرة الصحة العامة والسياسات في دائرة الصحة بأبوظبي، سجل إنجازات توّج بحصولها على أكثر من 25 ميدالية تميز أكاديمي ووسام صاحب السمو رئيس المجلس التنفيذي لفئة المدير التنفيذي في جائزة أبوظبي للأداء الحكومي المتميز، وكتاب طبي اختير للتدريس ضمن مناهج كلية الجراحين الملكية في أيرلندا، التي تشتهر بالدقة الشديدة في تقديم خدماتها التعليمية.

الدكتورة أمنيات، تحمل على عاتقها أمنية وتفاؤلاً كبيراً  من خلال ما تلمسه من جهود، أن تكون الإمارات، الدولة الأولى عالمياً في مكافحة الأمراض المزمنة كالسكري والضغط وأمراض القلب والشرايين وغيرها، وتعمل في هذا الاتجاه مع الزملاء والإدارات المختصة من خلال برامجها العلمية، ولم تشغلها عن ذلك، مهام عملها الإدارية، بل أضافت إلى نفسها عبئاً جديداً بأن استمرت في متابعة عيادتها واستقبال مرضاها في أحد أيام الأسبوع من منطلق إيمانها أن الطب حياة، وأن الطبيب يجب أن يكون في خدمة البشرية، لذا كان من الأطباء الشاعر والأديب والفيلسوف والمخترع.. ووسط كل هذه التحديات لم تغفل أسرتها وتحرص على استمرار تميزها في ظل دعم الزوج ومساندته، فمن أبنائها من يود دراسة الطب النفسي والجيني والبيطري، وبدورها تقدم لهم النصح والإرشاد في اختيار تخصصات تلبي حاجة الوطن في المستقبل، خاصة التي تتعلق بالطاقة المتجددة والاستدامة وإدارة الأعمال وأمن المعلومات، لكنها في النهاية تترك لهم قرار الاختيار.

تفوق دراسي
 إمكانات الطفلة أمنيات اكتشفها الأهل في الصغر، وعمل الوالد على تنميتها وأكسبها خبرات مبكرة وساعدها على التفوق، ووضع عينها على المركز الأول، الذي لم تبرحه لمدة 11 عاماً، منذ بداية الصف الأول الابتدائي حتى الثانوية العامة، وجاءت في عام واحد بالمركز الثاني بعد منافسة شديدة مع إحدى الطالبات، كما وجهها الأب للعمل الإعلامي من خلال تلفزيون أبوظبي عبر الكثير من برامج الأطفال مثل برنامج «دنيا الطفولة» و«مجلة الأطفال» وغيرهما من البرامج التلفزيونية والإذاعية، وشهد المختصون بحضورها القوي، حيث لم ترتبك أما بريق الكاميرا أو تتلعثم، وبدت كأنها سبق لها التدريب.

ترشيح
وعند سؤال أحدهم لوالدها الذي كان يرافق ابنته دائماً، اتضح أنها تقدم الإذاعة المدرسية، وكانت تستعد جيداً وتؤدي بعفوية جميع «البروفات»  في المنزل قبل الذهب إلى مدرستها، وبعدها تم ترشيحها لتقديم فوازير رمضان وهي في عمر التاسعة، بالتنسيق مع معلمة التربية الإسلامية زوجة الإعلامي جاسم عبيد صاحب شخصية «الدبدوب» الشهيرة، ثم قدمت الكثير من برامج الأطفال، ولفتت الأنظار إليها، فتم اختيارها لتكون ضمن فريق عمل مسلسل «السندباد»، وذاع صيتها، وفرحت الأسرة بتفتح زهرة جديدة في بستان، يضم 7 أبناء أكبرهم الطفل «مازن»، الذي أصبح فيما بعد استشاري الأنف والأذن والحنجرة.. وكانت المفاجأة الكبيرة للأسرة باختيار الطفلة للمشاركة في «أوبريت القائد والمسيرة» عام 1989.
وتقول الدكتورة أمنيات، إن والدها عوّد أفراد الأسرة على الاعتماد على النفس، فهو الذي انتقل من عمل إلى آخر، بدأه من حقل التعليم، ليوفر للأبناء ما يحتاجونه من نفقات، ومن منطلق أنه وضع العلم هدفه، كان لا يقبل منهم أي تقاعس أو ضعف في التحصيل، بمساندة أم حريصة على الوقوف بجانب شريك حياتها، فكانت ثمرة ذلك تفوقهم وعملهم في قطاعات مختلفة، منها الطب والفضاء والهندسة والتميز المؤسسي، والنقل والمواصلات.

تقدير
وأضافت: لمست دعم وتقدير قيادتنا الحبيبة  مبكراً، حيث أمر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، بتكريمي عام 1993، بعدها انطلقت في منحة للالتحاق بكلية الجراحين الملكية في أيرلندا، التي كان قد سبقني إليها أخي الدكتور «مازن»، مما خفف عني أوجاع غربة 12 عاماً، وبدأت رحلتي الدراسية في بلد يتسم بالهدوء وتقاليد تستند إلى الالتزام، حتى حصلت على درجة الزمالة، ثم الماجستير وصولاً إلى الدكتوراه من جامعة هوبكنز الأميركية، وتخلل تلك الفترة، التدريب على برامج الإدارة والقيادة الصحية، ثم دراسة الماجستير الثاني من داخل الدولة، وتواصلت المسيرة العلمية، بإجراء الأبحاث الطبية المرتبطة بالسكري والغدد الصماء والصحة العامة، والتوعية والتثقيف الصحي، بالإضافة إلى رحلة وظيفية بدأت من مدينة الشيخ خليفة الطبية ثم دائرة الصحة، ضمن فرق عمل وكفاءات وطنية من شباب وبنات الإمارات، أثبتت قدرتها على المساهمة في مسيرة التطور وإدارة عجلة التنمية، بفضل دعم القيادة الرشيدة التي سخرت الإمكانات لبناء الوطن.
اختيار الاسم
عن اختيار اسمها قالت الدكتورة أمنيات الهاجري: اسمي من اختيار الوالد، فقد كان كثير القراءة ومحباً للتفاؤل، بالإضافة إلى أنه والوالدة قررا في بداية زواجهما أن الحرف الأول من اسم بناتهما، هو الأول من اسم الأم «أمينة»، والثاني من اسم الأب «محمد»، فكل أخواتي تبدأ أسمائهن بـ«ألف»، ثم «ميم».
رسالة
وجهت الدكتورة أمنيات الهاجري رسالة إلى الأجيال بضرورة استمرار النهل من أنهار العلم، وشددت على أهمية العمل الجماعي والتحلي بروح الفريق والقبول بمبدأ المنافسة، مع ضرورة التوقف عن المقارنة مع الآخرين، فكل شخص نسخة من نفسه له ظروف خاصة وحياة لا تنطبق على غيره.